الأولى

“هوس الجمال” يستهدف الأطفال: مخاطر صحية وأبعاد نفسية

هوس الجمال عند الأطفال

رصد-أثير

إعداد- جميلة العبرية

على الرغم من المحاولات الأسرية لتجنب والوقوع في فخ الهوس بالجمال والعناية بالبشرة، إلا أن الوسائل التسويقية والدعائية وشبكات التواصل الاجتماعية استطاعت الوصول للأطفال والمراهقين ودفعهم إلى استخدام منتجات تجميلية تضر بهم وتغير توجهاتهم ومعاييرهم لمفهوم الجمال الطبيعي والعناية البسيطة.

ففي السنوات الأخيرة، برز مصطلح جديد أثار جدلًا واسعًا في أوساط المجتمع والأسرة، وهو “أطفال سيفورا”، هذا المصطلح يشير إلى الأطفال ما بين 7 و12 عامًا الذين أصبحوا جزءًا من موجة تجميلية عالمية مدفوعة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُظهرون هوسًا بمنتجات العناية بالبشرة والمكياج المتقدمة، رغم عدم مناسبتها لأعمارهم الحساسة.

أصل الظاهرة

ظهر مصطلح “أطفال سيفورا” “Sephora Kids” نسبةً إلى سلسلة متاجر التجميل العالمية “سيفورا”، بعد انتشار مقاطع فيديو لأطفال صغار يستعرضون منتجات فاخرة كالسيرومات المضادة للشيخوخة والريتينول، ويتحدثون بخبرة تفوق أعمارهم.

وتشير إحصاءات عام 2023 أن جيل ألفا (مواليد 2010–2024) أنفق نحو 4.7 مليار دولار على منتجات التجميل، حيث تم تحليل بعض الفيديوهات التي روجت لمنتجات احتوت على 11 مكوّنًا نشطًا مهيجًا للبشرة الشابة فقد بلغ متوسط مشاهداتها 1.1 مليون مشاهدة، وعرضت منتجات تصل قيمتها إلى ( 230 دولارًا كنديًا 145 يورو).

دور وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق

لم تعد ضغوط الأقران مقتصرة على المدرسة، بل تحولت إلى “ضغوط رقمية” حيث يتعرض الطفل لمئات من “الأقران الافتراضيين”.

• فالخوارزميات تعزز انتشار محتوى الجمال مع زيادة التفاعل، مما يرفع معدل التأثير.

• وشركات التجميل تستغل هذه الموجة لتكوين ولاء مبكر للعلامات التجارية، مستهدفة الأطفال رغم نفيها الرسمي.

• ومنصات مثل تيك توك أشعلت حماسًا واسعًا لهذه الظاهرة، حتى أن بعض المخيمات الصيفية بدأت تطلب من الأطفال ترك منتجات العناية بالبشرة في المنزل.

الخطوط الحمراء + المخاطر الصحية

الأطباء يحذرون من استخدام منتجات البالغين على بشرة الأطفال:

• الريتينول: يسبب جفافًا واحمرارًا ويُضعف الحاجز الجلدي.

• فيتامين C : قد يؤدي إلى الحكة والحرقة، يوجد في 70% من مرطبات الوجه.

• الأحماض المقشرة AHA وBHA وحمض الساليسيليك: تسبب الجفاف والتهيّج، ويُوجد حمض الساليسيليك في 20% من المقشّرات.

فالمخاطر لا تقتصر على الصحة الجسدية، بل تمتد إلى الآثار النفسية: تراجع الثقة بالنفس، والقلق من المظهر، واضطرابات صورة الجسد.

البعد النفسي والاجتماعي

تتفرع وتتعدد الآثار النفسية والاجتماعية وقد تتحدد في الآتي:

• ربط قيمة الذات بعدد “الإعجابات” على المنصات الرقمية يجعل الأطفال أكثر عرضة للقلق والاكتئاب.

• تقع الفتيات تحت معايير عالية جدًا للجمال ترتبط بالنحافة والبياض.

• بعض الأطفال يتبعون روتينًا مكونًا من 17 خطوة يومية للعناية بالبشرة، ما يفرض عبئًا نفسيًا وماليًا على الأسرة.

محاولات تنظيمية وتشريعية

بعد ازدياد الظاهرة كانت هناك محاولات تشريعية وتنظيمية بشأنها منها:

• بعض المشرعين في كاليفورنيا اقترحوا مشروع قانون لمنع بيع منتجات مضادة للشيخوخة للأطفال دون سن 13 عامًا، لكنه لم يُقرّ.

• دعا خبراء إلى تدخل أكبر من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لضبط سوق مستحضرات التجميل للأطفال.

سبل الوقاية والحماية

ينصح الأطباء والخبراء بخطوات عملية لتقليل المخاطر:

1. تأخير التعرض المفرط للشاشات وتوضيح الفرق بين الإعلان والمعلومة.

2. الاكتفاء بروتين بسيط يتضمن:

- منظف لطيف.

- مرطب طبي بسيط.

- واقٍ من الشمس مناسب لعمر الطفل.

3. استخدام منتجات لا تزيد مكوناتها عن 10 عناصر.

4. التوقف فورًا عن أي منتج يسبب تهيجًا أو احمرارًا.

5. اللجوء لقاعدة بيانات موثوقة لاختيار منتجات آمنة.

6. إشراك الأطفال في محادثة واعية حول “لماذا” يريدون هذه المنتجات بدلًا من منعهم بشكل مباشر.

ختامًا، ظاهرة “أطفال سيفورا” تعكس مزيجًا معقدًا من التسويق الرقمي، ضغوط الأقران، والرغبة في الانتماء لعالم الكبار قبل الأوان، فرغم بريق المنتجات والفيديوهات المنتشرة، إلا أن المخاطر الصحية والنفسية كبيرة ولا يمكن تجاهلها، كما أن حماية الأطفال تستدعي وعيًا أسريًا ومجتمعيًا، وتعاونًا بين الجهات الصحية والتنظيمية، لضمان أن يبقى الجمال تجربة بريئة لا تهدد الطفولة.

المصادر

الجزيرة نت

DW

ewg

CNN Arabic

Your Page Title