الأولى

قضاء رقمي يبدأ من مسقط: مشروع “المحاكمات المرئية” قريبًا

المحاكمات المرئية

أثير – ريما الشيخ

أطلق المجلس الأعلى للقضاء مشروع المحاكمات الإلكترونية المرئية كجزء من خططه للتحول الرقمي، في خطوة تهدف إلى تسهيل إجراءات التقاضي وتقليل الأعباء المرتبطة بالحضور الشخصي.

ويعتمد المشروع على تجهيز المحاكم الذكية وتوفير البنية التقنية المتطورة لضمان سير المحاكمات عن بُعد بشكل آمن وفعّال، كما يتضمن المشروع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الترجمة وتوثيق الجلسات وتعزيز دقة الإجراءات القضائية.

حاورت ”أثير“ د. سالم بن زويد الهاشمي، الأمين العام المساعد للتخطيط والتحول الرقمي في المجلس الأعلى للقضاء، الذي أوضح بأن المجلس عمل – انطلاقًا من المرسوم السلطاني رقم (5/2022) بتنظيم شؤون القضاء – على وضع أول خطة استراتيجية بعيدة المدى للفترة 2024 – 2040، وذلك بنهج تشاركي واسع، شمل أكثر من 300 مشارك من 36 مؤسسة حكومية ومن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب مشاركة واسعة من القضاة وكتّاب العدل وموظفي المجلس، وبمساهمة من المحامين والأكاديميين والخبراء والمتخصصين في مجال العدالة.

خطة استراتيجية بعيدة المدى

أوضح الدكتور لـ “أثير” أن الخطة الاستراتيجية وُضعت بتسعة محاور، وتم تحكيمها على المستويين المحلي والدولي، حيث حظيت بالإشادة السامية ومباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء. وبعد ذلك جرى إعداد خطة تشغيلية لها تنقسم إلى ثلاث مراحل: الأولى من 2024 – 2030، والثانية من 2031 – 2035، والثالثة من 2036 – 2040.

وأشار إلى أن الخطة التشغيلية الأولى أُنجزت عبر مختبرات عمل بمشاركة أكثر من 300 شخص من داخل المجلس وخارجه، وتضمنت أكثر من 30 مشروعًا ضمن محاور متعددة، أبرزها محور التحول الرقمي.

مشروع المحاكمات المرئية

بيّن الدكتور سالم أن محور التحول الرقمي اشتمل على عدة مشاريع، منها مشروع المحاكمات الإلكترونية المرئية، الذي يتضمن إعداد لائحة إجرائية خاصة، وتطوير نظام إلكتروني متكامل، وإعداد دليل استرشادي للمستخدمين، إضافة إلى برامج تدريبية للقضاة والمحامين والموظفين وأطراف القضايا، إلى جانب حملة توعوية للجمهور.

وأوضح أن الهدف الأسمى من المحاكمات المرئية هو تسهيل إجراءات التقاضي، حيث يمكن لأي طرف في القضية – مدعيًا كان أو مدعى عليه أو شاهدًا – أن يحضر افتراضيًا من أي مكان داخل سلطنة عُمان أو خارجها، مع ضمان التحقق من الهوية عبر التصديق الإلكتروني.

البنية التقنية والأمن السيبراني

أضاف الدكتور أن المشروع يتطلب تهيئة البنية التقنية للمحاكم لتصبح “محاكم ذكية” قادرة على استقبال المحاكمات المرئية، مع مراعاة جوانب الأمن السيبراني لضمان حماية البيانات ومنع الاختراقات، وتوفير أنظمة النسخ الاحتياطي لتشغيل المزودات البديلة تلقائيًا عند أي خلل، كما ستلعب إدارة أمن المعلومات دورًا رئيسيًا في وضع أنظمة رقابية وحماية متقدمة.

التدريب والتأهيل

أكد أن المشروع يتضمن خطة تدريب شاملة تستهدف القضاة والموظفين والمحامين وأطراف القضايا تدريجيًا، حتى يتمكن الجميع من التعامل مع آليات المحاكمة المرئية. ولفت إلى أن هذه المحاكمات ستسهم في تقليل التأجيلات المرتبطة بالحضور الشخصي، بما يخفف من الجهد والزمن والكلفة المالية، ويتيح إمكانية الدخول عبر رابط إلكتروني للتحقق من الهوية وبدء المحاكمة.

مراحل التطبيق والتقييم

ذكر الدكتور سالم في حديثه لـ “أثير” أن المشروع سيُطبق على مراحل تبدأ من محكمة مسقط، وبعد تجهيز القاعات الذكية والبنية التقنية واللوائح المنظمة، ستخضع التجربة للتقييم من حيث الإيجابيات والتحديات، ليتم تعزيز النجاحات ومعالجة الثغرات قبل الانتقال التدريجي إلى محاكم أخرى.

وأضاف: أن البداية ستكون من المحاكم الاستثمارية والتجارية، وبعد دراسة النتائج يمكن التوسع لتشمل محاكم أخرى، بما يضمن نضج التجربة وتحقيق أهدافها.

دور الذكاء الاصطناعي

أشار الدكتور إلى أن المشروع سيتضمن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات، منها التعرف على تعابير الوجه للأطراف للكشف عن الضغوط أو شبهة الإكراه أو فقدان الأهلية، بحيث يتم تحويل القضية إلى محاكمة حضورية عند الحاجة.

وذكر: كما ستُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في كتابة المحاضر وتحويل الكلام المنطوق إلى نصوص، والمساعدة في الترجمة الفورية لعدد كبير من اللغات.

الارتباط برؤية عُمان 2040

أوضح أن الخطة الاستراتيجية للمجلس الأعلى للقضاء تتضمن تسعة محاور رئيسية تهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة وتسهيل إجراءات التقاضي، انسجامًا مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، خاصة في أولويات التشريع والقضاء والرقابة، وتركز الخطة على تطوير القضاء المتخصص والقضاء البديل والتحول الإلكتروني السريع.

إدارة التغيير والتوعية المجتمعية

وفي ختام حديثه لـ ”أثير“ أكد الدكتور سالم الهاشمي أن التحول الرقمي مشروع وطني تحت إشراف وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وأن المجلس الأعلى للقضاء جزء من هذه المنظومة الوطنية والعالمية، وأن إدارة التغيير من متطلبات الخطة الاستراتيجية، وتشمل التوعية داخل المجلس وخارجه لتعريف المجتمع بالفوائد المرجوة من هذه المشاريع التي تهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة وتقليل مشقة وأعباء السفر، إلى جانب خفض التكاليف المالية على المتقاضين.

Your Page Title