الأولى

ذاكرة المطبعة: ظفار كما تراها الجرائد والمجلات في الفترة (1880-1975م)

ذاكرة المطبعة

أثير – جميلة العبرية

تُعدّ الصحافة مصدرًا مهمًا للتاريخ؛ فهي سجلٌّ يوميٌّ لتحوّلات المجتمعات عبر متابعتها المستمرة للأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، وتبرز أهميتها بوصفها وثيقةً تاريخيةً ومصدرًا أوليًا لدراسة التطور السياسي والاجتماعي والثقافي، ولا سيما في مناطق شهدت تحولات فارقة مثل ظفار.

عماد بن جاسم البحراني الباحث في التاريخ العماني عبر ورقته البحثية أخبار ظفار في الصحافة والمجلات العربية (1880-1975م) استند إلى مقالات عربية عديدة تظهر الأقدم منها في الفترة الزمنية التي اتخذتها الدراسة واستندت عليها في إظهار التاريخ عبر الصحف والمجلات العربية.

لماذا ظفار؟

أكد الباحث اختيار ظفار كدراسة ورد لعدة أسباب، أولها أهميتها الإستراتيجية والتاريخية، وثانيًا لكونها منطقة شهدت تحولات سياسية واجتماعية كبرى، مثل حرب ظفار، التي كان لها صدى واسع على المستوى الإقليمي والدولي. ثالثًا، لأن المصادر التاريخية الأولية الموثقة عن هذه المنطقة خلال هذه الفترة تعد نادرة، مما يجعل الصحافة العربية مصدرًا فريدًا وحيويًا لتوثيق تاريخها.

أقدم مقال

أشار البحراني إلى التوصل إلى أقدم مقال منشور عن ظفار—بحسب ما توصل إليه الباحث—في مجلة «النحلة» عام 1880م التي أنشأها القس لويس صابونجي السرياني وكانت تصدر في بيروت ثم لندن بين عامي 1870–1880م، وتعد أول مجلة عربية مصورة. وذلك من خلال البحث الدقيق في الأرشيفات والمستودعات الرقمية للصحف والدوريات العربية القديمة، وتكمن أهمية هذا المقال في أنه يوفر نقطة بداية زمنية موثقة للدراسة، مما يسمح بتتبع صورة ظفار مع بزوغ شمس الصحافة العربية في أواخر القرن الثامن عشر، وكيف تطورت هذه الصورة مع مرور الزمن.

النحلة-أخبار ظفار في الصحافة والمجلات العربية

موضوعات التغطية

بين أن الصحافة العربية ركزت على قضايا وأحداث متنوعة، أبرزها: الأحداث السياسية الداخلية (النزاعات المحلية والتطورات في العلاقة مع السلطة المركزية)، والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية (عادات وتقاليد سكان ظفار، أسلوب حياتهم، أبرز المهن، وأهم المحاصيل الزراعية)، كما حظيت حرب ظفار بمساحة واسعة من التغطية، مع تباين في وجهات النظر وفق التوجهات السياسية والأيديولوجية للصحف.

مراحل التغطية

فصل الباحث التاريخي المراحل التي شملتها التغطية الصحفية العربية كالآتي:

- المرحلة الأولى (1880–1895): تغطية نادرة ومقتضبة غالبًا بمنظور جغرافي وتاريخي.

- المرحلة الثانية (1932–1944): زيادة في التغطية مع التركيز على التطورات الداخلية، وإن كانت محدودة بسبب العزلة السياسية وصعوبة الحصول على معلومات تفصيلية.

- المرحلة الثالثة (1965–1975): تغطية مكثفة ومتنوعة مع تصاعد الاهتمام السياسي والعسكري، والتركيز على تداعيات حرب ظفار.

أخبار ظفار في الصحافة والمجلات العربية

أثر الحرب

أشار إلى أن حرب ظفار (1965–1975) أثرت بشكل كبير على حجم ونوعية التغطية؛ إذ تحولت من موضوع هامشي إلى قضية رئيسية، وشملت مقالات رأي وتحليلات سياسية وتقارير ميدانية ونقاشات حول الأبعاد الأيديولوجية للصراع، عاكسةً مواقف الصحف والدول وتباينها الحاد.

تشكيل الوعي

ساهمت الصحافة العربية في تشكيل وعي القارئ تجاه ظفار، إذ كانت النافذة الرئيسية للمعلومات عن هذه المنطقة البعيدة؛ فنقلت صورتها من «مجهولة» إلى جزء لا يتجزأ من التاريخ العربي الحديث، وأسهمت في تشكيل الرأي العام حول قضاياها السياسية والاجتماعية.

شخصيات بارزة

أما عن أبرز الشخصيات التي تناولتها الصحف والمجلالت في تلك الحقبة فبرزت في:

- السلطان سعيد بن تيمور: ركزت الصحافة على سيرته وسياساته الداخلية في ظفار.

- السلطان قابوس بن سعيد: بعد توليه الحكم عام 1970م حظي بتغطية واسعة لدوره في إنهاء حرب ظفار وبناء عمان الحديثة.

- قيادات جبهة ظفار: تناولت الصحافة رموز الحركة وأيديولوجياتهم خصوصًا خلال الحرب.

انفاس-أخبار ظفار في الصحافة والمجلات العربية

الصحافة كمصدر

يرى الباحث أن الدراسة أسهمت في إبراز الصحافة كمصدر أولي لتوثيق التاريخ؛ إذ أثبتت أن الصحف والمجلات القديمة توفر مادة غنية وغير مستكشفة لدراسة التاريخ، وسدت فجوة في توثيق تاريخ ظفار من منظور عربي، وقدمت رؤى متعددة الزوايا تمنح المؤرخين فهمًا أعمق لتلك الفترة.

تحديات البحث

ختامًا، قال الباحث أن أبرز التحديات للدراسة تمثلت في صعوبة الحصول على المصادر لتشتتها في أرشيفات مختلفة وحالة كثيرٍ منها الرديئة؛ ما صعّب قراءتها. كما واجه تباين التوجهات والآراء في التغطية الصحفية، وضرورة فهم سياقها السياسي لتقديم مادة تاريخية موثقة وذات مصداقية.

Your Page Title