أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
عرفت عُمان خلال تاريخها القريب وتحديدًا خلال النصف الثاني من القرن العشرين عددًا من الشخصيات التي كانت شاهدةً على أحداث تلك الفترة، وعلى التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حدثت خلالها، وذلك من خلال اقترابهم من مراكز صنع القرار، بل وإسهاماتهم في صنع بعض تلك الأحداث.
ومن بين تلك الشخصيات المهمة التي اقتربت كثيرًا من أحداث تلك الفترة، يبرز اسم الشيخ حامد بن عبدالله بن سالم الغيلاني، الذي بدأ بروزه السياسي والاجتماعي يظهر منذ بداية خمسينيات القرن العشرين مع التحاقه بالعمل في القنصلية البريطانية في مسقط، وحفل مشواره الوظيفي والاجتماعي بالعديد من المحطات المهمة التي ما يزال يتذكرها العديد ممن عاصروا تلك الحقبة واقتربوا من أحداثها.
“أثير” تعرض في هذا التقرير لملامح من سيرة هذه الشخصية الثريّة، علمًا بأن هناك العديد من الأدوار التي قام بها بحاجة إلى دراسة أكثر نظرًا لطبيعة تلك الأدوار وأهميتها في تاريخ عمان خلال تلك الفترة.
الشخصية والنشأة
هو حامد بن عبد الله بن سالم بن مسلم الغيلاني، تعود أصوله إلى منطقة (أصيلة) الواقعة على ساحل بحر العرب والتابعة لولاية جعلان بني بو علي. ولد في زنجبار سنة 1924، ووالده هو النوخذا عبد الله بن سالم بن مسلم ولد الوهّابي آل ريّا الغيلاني، من أسرة مارست التجارة والأسفار البحرية، وامتلك عددًا من السفن من بينها: (فتح المعين) من نوع الغنجة، و(السبّاح) من نوع البدن الساحلي، و(النافلة)، أبحر بسفنه إلى شرق أفريقيا، والهند، واليمن، وموانئ الخليج.

وقد ورد ذكر النوخذا عبدالله بن سالم الوهابي في أحد تقارير الملف ٢١/٨ II صور“، المنشور ضمن أرشيف مكتبة قطر الرقمية تحت رقم استدعاء IOR/R/15/6/205، ويتناول الإجراءات التي اتخذتها حكومة مسقط وعُمان (بمساعدة من الحكومة البريطانية) في 8 أبريل 1931م، لتأكيد سلطتها على مدينة صور وقرية العيجة القريبة، وذلك خلال فترة الخلاف الحاصل بين الحكومة وإمارة بلاد بني بو علي التي كان شيوخها آل حمودة يسعون لإقامة فرضة (جمرك) في منطقة العيجة، الأمر الذي رفضته حكومة مسقط وعمان واتخذت عددًا من الإجراءات من بينها توقيف سفر السفن الخاصة ببني بو علي والجنبة الساكنين في منطقة العيجة، وقرى ساحل بلاد بني بو علي عن السفر إلى الموانئ المختلفة، ومن بينها منطقة أصيلة، حيث تم توقيف سفينة تابعة للنوخذا حمد بن سالم ولد راعي النيسة بريا، وأخرى ملك النوخذا عبدالله بن سالم ولد الوهابي بريا.

وفي 21 ربيع الثاني 1357هـ الموافق 20 يونيو 1938م ورد ذكر بدنين تابعين للنوخذا عبدالله بن سالم الوهّابي ضمن الكشوف الخاصة بدفع العشور الخاصة بسفن منطقة أصيلة، والتي يتم تحصيلها من قبل مشيخة آل حمودة.

أما والدته فتعود أصولها إلى إحدى الأسر الحضرمية التي كانت مستقرة وقتها في زنجبار وتحديدًا من أسرة (القعيطي)، حيث كان والده يتنقل بسفنه ما بين عمان وموانئ المحيط الهندي ومن بينها زنجبار كعادة النواخذة العمانيين، وكان جده لأمه أحمد بن يوسف بن أحمد من التجار المعروفين في زنجبار.
نشأ حامد بن عبد الله الغيلاني في زنجبار ودرس في كتاتيبها ومدارسها، فبعد أن أتم تعليم القرآن الكريم التحق بالمدرسة الابتدائية مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، ومن ضمن المعلّمين الذين تعلّم على يديهم بحسب رواية ابنته الفاضلة فاطمة بنت حامد: الشيخ عامر بن علي المرهوبي، والشيخ سعيد بن علي الخروصي، وجمعه علاي، ومن الذين تزامل معهم أثناء الدراسة السيد ماجد بن سعيد، والسيد أحمد بن ثابت آل سعيد، وناصر بن سيف البوعلي، والشيخ عبدالله بن صالح الفارسي وغيرهم من الطلبة، وبعض هؤلاء كان يكبره في العمر لكنهم تزاملوا في بعض الأنشطة المدرسية كالكشّافة التي التحق بها ابتداءً من مرحلة الأشبال.
وعندما أنهى دراسته الأولية كان من المفترض أن يسافر إلى لندن للدراسة مبعوثًا من قبل حكومة زنجبار، لكن البعثة لم تتم لأسباب مختلفة، كما كانت لديه ميول فكرية حيث تذكر فاطمة بنت حامد الغيلانية أن والدها كتب عدة مقالات في بعض الصحف هناك، وتعلم الخط على يد الخطّاط المعروف الشيخ هلال بن سالم الرواحي الذي يعود إلى أسرة علمية معروفة عمل عددٌ من أفرادها لدى سلاطين زنجبار.
العودة إلى عمان
في حوالي عام 1940م عاد حامد بن عبدالله الغيلاني إلى عمان حيث عمل كنوخذا في سفن والده. كما ساعدته دراسته وإجادته للغة الإنجليزية في الالتحاق ببعض الأعمال الإدارية، حيث التحق في عام 1943م بالعمل في مشروع إعادة الطريق الجنوبي لسلاح الجو البريطاني التي تضمن تأهيل بعض القواعد العسكرية البريطانية، بهدف توفير طريقآمن لإمدادات الطوارئعبر المحيط الهندي، وطلبالبريطانيونمن السلطان سعيدبن تيمور توفير التسهيلات اللازمةلتأمين الطريق، ووافق السلطانعلى الطلب البريطانيمشترطا أن يتم إسنادمناقصة تنفيذ المشروعإلى مقاول تحددهالحكومة العمانية، فأسندتالمناقصة إلى شركة كيمجي رامداس، وتم تنفيذ المشروع في تطوير المحطات في عدد من المناطق من بينها صلالة، ورأس الحد، وجزيرة مصيرة التي التحق حامد الغيلاني بالعمل في مشروعها، وعيّنالكابتن كيمب من سلاح الجوالملكي البريطاني مشرفًاعلى المشروع، الذيبدأ العمل بتنفيذهفي أبريل عام 1943م.

قضية جنوح السفينة (ستار اوف ميكس)
في عام 1947م برز اسم حامد بن عبد الله الغيلاني في قضية السفينة المصرية ستار اوف ميكس Star of Mex، وهي سفينة شحن مصرية تابعة لشركة الإسكندرية للملاحة البخارية علقت بطاقمها من البحّارة المصريين جنوب رأس الحد وتقريبًا في منطقة “الخبّة”، في مطلع فبراير 1947م، ثم قام بعض الأفراد بنهب ما تحمله من بضائع وأثيرت أزمة كبيرة حول ما حدث، حيث تدخل السلطان والقنصلية البريطانية، وتم عزل والي صور وقتها الشيخ يعقوب بن عبدالله الهاشمي وتعيين والي الكامل الشيخ منصور بن غالب العامري كوالٍ على صور، كما تم استدعاء مجموعة من شيوخ قبائل المنطقة للتباحث في ما حدث وإمكانية رد ما تم نهبه وتعويض طاقم السفينة، وكان حامد الغيلاني بحكم إجادته للغة الإنجليزية يقوم بدور المترجم ما بين شيوخ المنطقة والإنجليز، كما قام بزيارة مسقط برفقة عدد من شخصيات جعلان من بينهم الشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل حمودة، وطالب بن عبدالله البلوشي لمقابلة السلطان سعيد بن تيمور حول الأمر.

وتذكر الفاضلة فاطمة بنت حامد الغيلانية أن والدها وصل إلى مسقط وحيدًا بعد تخلّف مرافقيه لأسباب مختلفة، وكان لا يعرف أحدًا هناك، وأراد أن يذهب إلى السيد أحمد بن إبراهيم ناظر الداخلية وقتها بحكم معرفته به أثناء اللقاءات التي حدثت في صور لحل أزمة السفينة، ثم ذهب يبحث عن مبنى القنصلية البريطانية، والتقى في طريقه بصاحب السمو السيد محمود بن محمد بن تركي وكان أول شخصية يعرفها من الأسرة الحاكمة، والذي توفي في 28 يوليو من العام نفسه، ثم قابل القنصل البريطاني الرائد ستيوارت وطلب منه أن ينام ليلته في مبنى القنصلية. كما قابل بعدها السيد شهاب بن فيصل ناظر الشؤون الخارجية، والسيد أحمد بن إبراهيم ناظر الشؤون الداخلية.
السفر إلى البحرين
في نهاية عام 1947م سافر حامد بن عبد الله الغيلاني إلى البحرين حيث التحق بالعمل في شركة أرامكو، ثم التحق بالعمل بالوكالة البريطانية في البحرين، ونظرًا لإجادته اللغة الإنجليزية فقد عمل في فترات الفراغ معلمًا لأبناء الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وقتها، وكذلك أبناء الشيخ علي بن راشد آل خليفة وظل في البحرين حتى عام 1950م عندما عاد إلى عمان بعد أن تم نقله للعمل في الوكالة البريطانية في مسقط.
العمل في القنصلية البريطانية
بعد عودة حامد بن عبد الله الغيلاني من البحرين التحق بالعمل لدى القنصلية البريطانية التي كان مسؤولوها يعرفون القدرات التي يمتلكها. كما أنهم كانوا بحاجة لشخصية ذات علاقة وثيقة بالمجتمع ومعرفة بالمناطق والقبائل، يستطيع أن يكون همزة وصل بين الطرفين، بالإضافة إلى دوره كمترجم، وكانت بداية عمله في القنصلية عام 1951م.



وقد قام حامد الغيلاني خلال الفترة التي عمل فيها كموظف لدى القنصلية البريطانية بالعديد من الأدوار المهمة خصوصًا خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين والتي شهدت العديد من الأحداث المحلية المهمة خاصة خلال فترة الصراع ما بين السلطنة والإمامة وما صاحبها من أحداث عسكرية مثل دخول جيش السلطان نزوى عاصمة الإمامة، وحرب الجبل الأخضر، والتنقيب عن النفط في الدقم، كما رافق الضابط شونسي في عدد من الزيارات السياسية الداخلية، لذا فقد ورد اسمه في العديد من الوثائق والملفات التي تتناول تلك الفترة.


ففي جولة القنصل البريطاني في مسقط إف. سي. إل. تشونسي إلى صور ومصيرة في الفترة من الخامس عشر إلى الثالث والعشرين من يناير 1952م، كان حامد الغيلاني أحد مرافقيه، حيث ذكر ذلك في تقريره إلى القائم بأعمال المقيم السياسي في الخليج سي. جيه. بيلي.
وفي أبريل 1954م أعد شونسي Chauncy مذكرة حول قبائل وسط عمان أثناء جولته الداخلية في تلك المناطق ذكر فيها دور حامد الغيلاني الكبير في جمع المعلومات الخاصة بتلك القبائل، وأنه تركه ليعود عن طريق بلاد بني بو علي، وأدم، ونزوى بأية أخبار يمكن أن يحصل عليها في طريقه.


وفي أبريل 1954م قام حامد الغيلاني بزيارة إلى الجبل الأخضر حيث التقى بالشيخ سليمان بن حمير النبهاني واستمع لخطبة الإمام غالب بن علي الهنائي، وأعد تقريرًا حول تلك الزيارة.


وفي خطاب دي. سي. كاردن D.C. Carden القنصل البريطاني بمسقط إلى السير ستيوارت كروفورد المعتمد البريطاني في البحرين بتاريخ 23 يناير 1967م نجد إشارة إلى حامد الغيلاني حيث يذكر كاردن" منذ إرسالي لبرقيتي كانت لدي محادثات حول مختلف النواحي والمظاهر حول هذا الموضوع، أي تحركات وأنشطة السيد طارق، وذلك مع ووتر فيلد وكل من السيد أحمد بن إبراهيم وزير الداخلية والسيد عباس بن فيصل ومترجمي حامد الغيلاني... وعمل حامد الغيلاني لعدة سنوات في القنصلية العامة إلا أن أهم شيء يميز حامد الغيلاني هو أنه متعاطف مع طارق في أنشطته وخططه كما أن له علاقات مع الفئة المثقفة من العمانيين هنا في السلطنة وخارج السلطنة..".


كما قام حامد الغيلاني أثناء عمله في القنصلية بالعديد من المهام والأعمال، من بينها اختياره كمعرّف للعمانيين القادمين من شرق أفريقيا بعد انقلاب زنجبار عام 1964م، مع شخصيات أخرى، وأسهم الغيلاني في تسهيل عودة العديد من الأسر العمانية إلى وطنهم وذلك اعتمادًا على دوره السابق في تسهيل حصولهم على تصاريح للسفر إلى شرق أفريقيا. كما أسهم في توفير سكن لكثير من الأسر التي وفدت إلى عمان في كلٍ من مسقط ومطرح، وذلك عن طريق استئجار بعض المنازل، أو نصب خيام مؤقتة لبعضهم لحين مغادرتهم إلى بلدانهم الأم، وكان ذلك بالتعاون مع نظارة الشؤون الداخلية ومحافظ العاصمة، وقد نزلت بعض الأسر في منزله بولجات لحين مغادرتهم لاحقًا، ومن ضمن البيوت التي تم استئجارها بحسب رواية فاطمة بنت حامد، بيت لرجل الأعمال المعروف الشيخ موسى بن عبد الرحمن حسن الرئيسي، وبيت ليوسف مكي.
في عصر النهضة
عندما تولى السلطان قابوس بن سعيد، طيّب الله ثراه، مقاليد الحكم كان حامد بن عبدالله الغيلاني أحد الذين تولوا إبلاغ القبائل عن هذا الحدث المهم. كما أسهم مع مجموعة من الشخصيات المسقطية البارزة ومن بينهم معالي محمد بن الزبير في كتابة اللوحات الترحيبية الخاصة باستقبال السلطان قابوس عند وصوله إلى مسقط يوم 30 يوليو 1970م.

كما كان لحامد بن عبدالله الغيلاني دورٌ مهم في تقريب وجهات النظر بين السلطان قابوس بن سعيد، وشيوخ آل حمودة في ولاية بلاد بني بو علي، وذلك بحكم معرفته الوثيقة بهم، وكونه ينتمي إلى الولاية، وقد بعثه السلطان قابوس طيّب الله ثراه بحسب رواية ابنته فاطمة لمقابلة الشيوخ في بلاد بني بو علي، ثم العودة معهم لمقابلة السلطان في مسقط.
وفي 29 مايو 1972م تم تعيين حامد بن عبد الله الغيلاني مديرًا لمكتب محافظ العاصمة، ومكتب رئيس مجلس التخطيط، وكان يتولى المنصبين وقتها السيد ثويني بن شهاب.


وعند إنشاء المجلس الاستشاري عام 1981م كان حامد بن عبد الله الغيلاني أحد أعضائه المعينين ضمن ممثلي القطاع الأهلي، وذلك وفق المرسوم السلطاني السامي رقم 85/81.





ونظرًا لدوره المجتمعي وسط محيط مسقط وعلاقاته المتشعبة، فقد تم تعيينه في منتصف السبعينيات من القرن العشرين كأحد أعضاء المجلس البلدي لمسقط وفق القرار الوزاري رقم (8) الذي أصدره معالي كريم بن أحمد الحرمي وزير التنمية وقتها.

وخلال التشكيل الجديد للمجلس البلدي بمسقط في دورته الثانية من عام 1989-1993 كان حامد بن عبد الله الغيلاني أحد أعضاء المجلس ضمن الممثلين للمدن والأحياء الواقعة في حدود بلدية مسقط.

تأسيس جمعية الصداقة العمانية - اليابانية:
تأسست جمعية الصداقة العمانية-اليابانية في اليابان في 27 سبتمبر 1973م، وأصبح “شينتارو أبي” رئيسًا للجمعية، و“تاكيو ناكاتاني” المستشار الفخري لها.
وتعود قصة تأسيس الجمعية إلى قيام الأستاذ في جامعة كيو اليابانية " مونيو ياناغيساو" بزيارة خاصة في يونيو عام 1972م إلى مسقط، وكان أول مدني ياباني يقابل السلطان قابوس، وفي مايو 1973م زار “ياناغيساو” عمان مرةً أخرى والتقى مجددًا بالسلطان قابوس، واصطحب معه في هذا اللقاء “ساساغارو” وقدمه إلى السلطان، وقد طلب منهم السلطان قابوس بواسطة رجل بريطاني كان المستشار الأعلى للمجلس الاقتصادي للحكومة العمانية، العمل على ترتيب مباحثات لتوسيع التعاون التقني بين اليابان وعمان في ثلاثة مجالات: إدارة الموانئ، الخدمات الطبية، والزراعة.
استحوذت سلطنة عمان على فكر مونيو ياناغيساوا بالكامل، فكرّس وقته بعد عودته إلى اليابان للعمل على تأسيس جمعية الصداقة العمانية اليابانية، وانضم “كينتارو شيينا” أحد الإداريين الاقتصاديين الكبار، وعدد من الشخصيات إلى “مونيو”، ومن خلال هذه المجموعة تمكنت جمعية الصداقة العمانية اليابانية من الظهور إلى الوجود.
وفي الوقت نفسه، وبناءً على توجيهات السلطان قابوس بن سعيد، تم تأسيس جمعية الصداقة العمانية اليابانية في عمان يوم 21 مارس 1974، وتولى السيد ثويني بن شهاب الممثل الخاص للسلطان منصب الرئيس الفخري للجمعية. وكانت هذه الجمعية هي أول جمعية يتم تأسيسها في عمان بغرض الصداقة مع دولة أخرى.

أقيم حفل افتتاح الجمعية في فندق الفلج بمسقط يوم الأربعاء 24 أبريل 1974م بحضور عدد من الشخصيات العمانية واليابانية من بينهم وفد رسمي ياباني عدده (16) من الشخصيات البارزة برئاسة “هيروشي ناكا” عضو مجلس النواب الياباني الذي أصبح رئيسًا للجمعية وقتها.

وقد كان لحامد بن عبد الله الغيلاني دورٌ بارز في تأسيس الجمعية والإشراف على أنشطتها لفترة طويلة من الزمن، فقد ذكرت مجلة “العقيدة” في أحد أعدادها عام 1974 أن الجهود المكثّفة التي بذلها السيد حامد عبد الله الغيلاني طوال ثلاث سنوات أسهمت في تحقيق هدفه بتأسيس جمعية الصداقة اليابانية العمانية في سلطنة عمان، وكانت فكرة تكوين هذه الجمعية قد جاءت وليدة مقابلة عارضة بينه والسيد مونيهو ياناجيساوا سكرتير الجمعية وقتها في اليابان وذلك خلال عام 1971م.

كما أشارت مجلة “العقيدة” في تغطية أخرى لنشاطات الجمعية، إلى عودة السيد حامد الغيلاني سكرتير جمعية الصداقة العمانية اليابانية من رحلته إلى اليابان، في إطار جهوده المكثفة لتدعيم وتقوية الجمعية باتحادها مع جمعية أخرى تكونت هناك برئاسة السيد سباساكاوا، وقد نجح الغيلاني في تقريب وجهات النظر بين رئيسي كل من الجمعيتين، وتقرر دمج كل منهما في الأخرى.






أدوار اجتماعية واهتمامات متنوعة
عرف عن حامد بن عبد الله الغيلاني أنه رجلٌ اجتماعي من الطراز الأول، وكانت دائرة معارفه متشعّبه وعديدة، لذا كان منزله في حارة “ولجات” داخل رقعة مسقط قبلةً للعديد من الضيوف والزوّار من داخل عمان وخارجها، ويكاد يندر أن تجد أحدًا من سكّان مسقط القديمة لا يعرف حامد الغيلاني أو لم يسمع عنه، حتى ليمكن اعتباره أحد معالم المدينة البارزة.


وعند زواج السلطان قابوس في عام 1976م تم تكليف حامد الغيلاني بالإشراف على الوفود التي أتت للتهنئة والمشاركة في الاحتفالات التي أقيمت بتلك المناسبة، كما أشرف على مشاركة جماعته أهالي منطقة قميلة أو أصيلة حاليًا في تلك المناسبة.



وقد جمعت حامد بن عبدالله الغيلاني علاقات متبادلة مع العديد من حكّام وشيوخ وأعيان عمان ومنطقة الخليج، فتروي ابنته فاطمة بنت حامد الغيلانية أنه “أثناء سفر الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة للعلاج في الهند عام 1956 نزل في مسقط، واستقبله حامد بن عبد الله الغيلاني كممثل للقنصلية ولسابق علاقة بينهما، واستضافه في أحد المزارع الواقعة في منطقة روي وكانت وقتها تحوي العديد من المزارع والأموال الخضراء”.
كما تذكر فاطمة بنت حامد أنهكان لوالدها علاقة مع الشيخ زايد بن سلطان الذي كان يزور مسقط لأغراض مختلفة خلال الخمسينيات قبل توليه المشيخة، وكان يأتي بصحبته أحيانًا الشيخ سيف بن معضد بن سيف المشغوني. كما جمعته علاقة مع الشيخ سلطان بن محمد القاسمي وكانوا يتبادلون المعلومات التاريخية حول بعض القضايا والأحداث المرتبطة بالبلدين.
وتذكر فاطمة الغيلانية كذلك أنه في إحدى السنوات وصلت إلى ميناء مسقط سفينة تحمل الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، زوجة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي ووالدة الشيخ محمد بن راشد المكتوم وإخوته، برفقة عدد من مرافقيها، في طريقها إلى الهند، حيث نزلت عند المغادرة والعودة في بيت حامد بن عبدالله الغيلاني، وقد توطدت العلاقة فيما بعد وجمعت بين الأسرتين بعض الزيارات الخاصة.
كما التقى حامد الغيلاني بالشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وذلك في بومباي أو في مسقط التي كان الشيخ عبدالله يتردد عليها من حينٍ لآخر.
وهناك مراسلات جمعته مع عديد من شيوخ وأعيان القبائل، ومن بينهم الشيخ سليمان بن حمير النبهاني، وشيوخ آل حموده في بلاد بني بو علي، وشيوخ الجنبة في صور، وغيرهم من الشيوخ المعروفين، عدا عن علاقاته الوطيدة مع رموز ونخب المجتمع المسقطي وقتها كأفراد الأسرة الحاكمة ومن بينهم السيد شهاب بن فيصل، والسيد عباس بن فيصل، والسيد أحمد بن إبراهيم، وشخصيات عامة أخرى كالسيد محمد بن هلال البوسعيدي، وأسرة الزواوي، وأسرة الزبير، وأسرة جعفر بن عبد الرحيم، وأسرة الجمالي، والشيخ موسى بن عبد الرحمن، وقائمة طويلة من تلك الشخصيات البارزة.


وفي وثيقة ضمن أوراق الملف رقم FO 371/156779 /80 محفوظة في الأرشيف الرقمي للخليج العربي، تحت عنوان " زيارة الحاكم إلى لندن“، والذي يعود إلى عام 1961م، نجد أن اسم حامد الغيلاني موجود ضمن قائمة المدعوين لحضور حفلة الكوكتيل المقامة بالقنصلية البريطانية بمسقط، وهذا دليل على مكانته الاجتماعية وسط المجتمع المسقطي بالإضافة إلى عمله كمترجم في القنصلية البريطانية.

كما قام حامد بن عبدالله الغيلاني بالعديد من الزيارات والجولات الخارجية الرسمية والخاصة، ففي وثيقة تعود إلى الأول من رمضان سنة 1378هـ الموافق 11 مارس 1959م تحوي رسالة مرسلة من أبي ماهر سالم بن راشد العلوي إحدى الشخصيات الإدارية البارزة في مجال الجمارك والذي تولى الإشراف على عدد من المراكز الجمركية في عمان وجوادر، إلى الشيخ علي بن عيسى الزدجالي إحدى شخصيات صور البارزة، هناك إشارة إلى سفر حامد بن عبد الله الغيلاني لمدة شهرين وفي صحبته سعيد بن حمد بن علي بن سلطان الغيلاني.

ويذكر معالي محمد بن الزبير أنه في يناير من عام 1963م قرر زيارة القاهرة بصحبة الصديق حامد بن عبد الله الغيلاني مرورًا بالكويت وبيروت، حيث استقلا إحدى طائرات شركة “خطوط المتوسط” اللبنانية، وكان صاحبها هو السياسي والزعيم اللبناني كميل شمعون، ونزلا في بيروت التي قضوا فيها خمسة أيام لاستكشاف المعالم الرئيسة فيها، وتتبع المعلومات العالقة في أذهانهم عن بيروت وجمالها، ومراكزها السياحية والثقافية المختلفة، بعدها أكملوا رحلتهم إلى القاهرة على طيران الشرق الأوسط.
كما يذكر معاليه أنه قابل حامد الغيلاني في مطار القاهرة عام 1972م عند عودته من لندن، وأخبره وقتها بوفاة أخيه أحمد.



وأدّى حامد بن عبدالله أدوارًا تربوية مهمة، فقد كان منزله محطة للعديد من الطلاب القادمين من بعض الولايات وبالأخص منطقة صور وجعلان من أجل الالتحاق بالمدرسة السعيدية بمسقط، وكان بعضهم ينزل معه في منزله، والبعض الآخر يستأجر لهم أحد المنازل القريبة مع قيامه بمتابعة أوضاعهم وشؤونهم، وتذكر فاطمة الغيلانية أن والدها استأجر لبعض هؤلاء الطلبة في إحدى السنوات منزلًا في حارة ولجات بالقرب من مسجد الزواوي ومكتب رجل الأعمال المعروف موسى عبد الرحمن حسن، وهذا المنزل سكن فيه فيما بعد السيد حمد بن سعود بن حارب البوسعيدي.
ونظرًا لإجادته اللغة الإنجليزية، فقد استفاد عددٌ من أبناء مسقط منه في ذلك، حيث كان يقدّم لهم في الفترة المسائية دروسًا في تعلّم هذه المادّة، وما يزال عددٌ من هؤلاء الطلبة يتذكر تلك الدروس والحصص.
وكان حامد الغيلاني مهتمًا بالتصوير وتدوين الملاحظات، حيث تتذكّر ابنته فاطمة أن والدها كان لديه أرشيف ضخم من الصور والوثائق والملاحظات بعضها نادر ويحوي صورًا ومعلومات عن شخصيات عمانية مهمة لا تحوي الأراشيف الحالية عنهم أية معلومات أو صور، وقد جمع حامد الغيلاني هذه المعلومات والصور من خلال جولاته التي كان يقوم بها خلال فترتي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين أثناء فترة عمله بالقنصلية البريطانية ومرافقته للقنصل وللضباط الإنجليز في جولاتهم الداخلية، وللأسف فقد فُقِد هذا الأرشيف المهم بسبب عدة أسباب مختلفة.





كما كان لحامد بن عبدالله الغيلاني اهتمامات فكرية، حيث حوى منزله مكتبة عامرة بالعديد من عناوين الكتب والإصدارات الفكرية المختلفة التي كان يحصل عليها بطرق متعددة كالشراء أو الإهداء.




وعدا عن اهتماماته الفكرية، فقد كان لحامد بن عبدالله الغيلاني اهتمامات رياضيّة، فقد مارس الرياضة من خلال نادي مقبول (عمان حاليًا) الذي كان عضوًا فيها، أو نادي القنصلية البريطانية في ولجات، وكان يمارس رياضة الهوكي التي كانت تعد الرياضة الأبرز وقتها، كما كان من محبي القنص، وكان يشارك عددًا من شخصيات مسقط مثل السيد طارق بن تيمور، ومحمد محمود مراد، وغيرهم من الشخصيات في رحلات الصيد المختلفة وخاصةً إلى منطقة (سيح الظبي) في ولاية العامرات حاليًا.


ومارس حامد بن عبدالله الغيلاني إلى جانب انشغالاته الإدارية والاجتماعية المتعددة، التجارة، حيث أسس مع مطلع النهضة المباركة (شركة صور الدولية المحدودة)، وكانت من ضمن المؤسسات التجارية التي قدّمت التهاني إلى السلطان قابوس بمناسبة العيد الوطني الثالث.

وفاته
توفي حامد بن عبدالله الغيلاني في مطلع أكتوبر من عام 2008م عن عمرٍ يناهز الرابعة والثمانين كانت حافلة بالعديد من الأعمال والإنجازات، تزامنت مع فترة مهمة من تاريخ عمان السياسي شهدت العديد من الأحداث والقضايا المحلية والعالمية، وكان الغيلاني قريبًا من كثيرٍ من تلك الأحداث، بل أسهم فيها بشكلٍ واضح سواءً من خلال عمله في القنصلية البريطانية، أو قربه من مركز صنع القرار السياسي السلطاني، أو من خلال علاقاته الواسعة والمتشعبة بالعديد من أطياف المجتمع المحلي، ومتابعته القريبة لتلك الأحداث، بل وتغطيته الإعلامية لها، وهي محطات بحاجة إلى اقتراب أكثر وكشف أدق لطبيعة تلك الجهود.
المراجع
- الأرشيف الرقمي للخليج العربي. https://www.agda.ae/. عدة ملفات مختلفة.
- أرشيف مكتبة قطر الرقمية. عدّة ملفات.
- موقع قانون. https://qanoon.om/
- الفاضلة فاطمة بنت حامد بن عبدالله الغيلانية. عدّة لقاءات شخصيّة واتصالات هاتفية.
- أرشيف بيت الزبير.
- أرشيف مراسلات الشيخ علي بن عيسى الزدجالي.
- أرشيف أسرة حامد بن عبدالله الغيلاني.
- أرشيف متحف الحصن القديم. اللشيخ خلفان بن خميس الهاشمي.
- أعداد مختلفة من مجلة “العقيدة” خلال الفترة من 1973-1976.
- أعداد مختلفة من جريدة “عمان” خلال الفترة من 1973-1975.