أثير- د. محمد بن حمد العريمي
في يوليو 1970م تولى السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- الحكم، وبدأ في تنفيذ سياسة خارجية جديدة تهدف إلى الانفتاح على العالم العربي والدولي، بعد سنوات من العزلة خلال فترة حكم والده، السلطان سعيد بن تيمور، وكان من ضمن أدوات تلك السياسة، تشكيل وفد الصداقة العُماني الذي قام ابتداءً من ديسمبر 1970م بجولة استمرت (43) يومًا، وشملت زيارة (13) دولة عربية.
كان “وفد الصداقة العُماني” الذي زار عددًا من الدول في ديسمبر 1970م خطوة دبلوماسية مهمة لتعزيز العلاقات الخارجية، وضم هذا الوفد شخصيات عُمانية بارزة ومقربة من القيادة الجديدة، وكان الهدف الرئيسي من تشكيله هو تعريف الدول العربية بسلطنة عمان الحديثة، وتعزيز الروابط الأخوية، وشرح أهداف النهضة التي بدأت في 1970م، وإظهار حسن النوايا وبداية عهد جديد في السياسة العُمانية قائم على التعاون والسلام، بالإضافة إلى طلب دعم الدول العربية في الانضمام لجامعة الدول العربية.

أعضاء الوفد:
تكون الوفد من ست شخصيات عمانية بارزة هم: سعود بن علي الخليلي، وعبدالله بن محمد الطائي، وهلال بن علي الخليلي، ومحمد بن حمد بن سليمان الحارثي، ويوسف بن علوي بن عبدالله، وأحمد بن محمد النبهاني.
الدول التي زارها الوفد:
زار الوفد (13) دولة هي: المملكة العربية السعودية، واليمن الشمالي، ولبنان، ومصر، وسوريا، والسودان، والجزائر، وتونس، وليبيا، والمغرب، ومصر مرةً أخرى، والكويت، والعراق، والمملكة الأردنية الهاشمية، وحظي الوفد خلال زيارته إلى هذه الدول بترحيب كبير، وأبدت الدول المستضيفة استعدادها للتعاون ودعم النهضة العمانية.
أهمية الوفد
مثّلت هذه الجولة نقطة تحوّل في التاريخ الدبلوماسي العُماني، حيث كانت بداية ظهور عمان على الساحة الإقليمية والدولية. كما مهّدت الطريق لانضمام عمان إلى جامعة الدول العربية في عام 1971م، بالإضافة إلى كونها جزءًا من سياسة السلطان قابوس لتأكيد نهج السلام وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
وقد حمل الوفد رسالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – إلى القادة العرب، مؤكّدًا نهج الوحدة، والانفتاح، وبناء مستقبل جديد لعُمان ضمن محيطها العربي.
خط سير رحلة الوفد
في أعقاب تولّي السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – مقاليد الحكم في سلطنة عُمان في يوليو 1970، بدأت مرحلة جديدة من الانفتاح الدبلوماسي والسعي لتعزيز مكانة السلطنة بين الدول العربية، ومن أوائل الخطوات التي اتخذتها القيادة العُمانية الجديدة، إرسال “وفد الصداقة العُماني” في جولة عربية رسمية في ديسمبر من العام ذاته، وقد أُحضِرت طائرة خاصة مرافقة للوفد، خصصت للبقاء معه طوال جولته في الأقطار العربية، في دلالة على أهمية هذه المهمة الدبلوماسية التاريخية.
المملكة العربية السعودية – المحطة الأولى
استهلّ الوفد جولته بزيارة المملكة العربية السعودية، حيث حظي باستقبال رسمي من قِبل وزير المعارف السعودي آنذاك، إبراهيم العنجري، وفي اليوم التالي، عقد الوفد لقاءً مهمًا مع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، نقل خلاله أعضاء الوفد تحيات السلطان قابوس، وجرى نقاش حول انضمام سلطنة عمان إلى جامعة الدول العربية، ضمن توجه السلطنة نحو الاندماج الفاعل في محيطها العربي.
كما التقى الوفد لاحقًا بـصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز، حيث تناول اللقاء الملفات السياسية العالقة، وعلى رأسها موضوع “الإمامة”، الذي كان آنذاك أحد محاور التباين في الداخل العُماني، وقدّم الوفد شرحًا مفصلًا لمضامين خطاب السلطان قابوس، الذي أكد فيه سعيه إلى توحيد الصف العُماني، وتعزيز مبادئ الإخاء والتعاون بين أبناء الوطن، والعمل معًا في سبيل خدمة البلاد وتنميتها.
الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) – المحطة الثانية
عقب اختتام زيارة وفد الصداقة العُماني إلى المملكة العربية السعودية، توجّه الوفد إلى الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي آنذاك) في محطته الثانية، حيث حظي باستقبال شعبي ورسمي حاشد وترحيب بالغ.
وقد استُقبل الوفد في المطار من قِبل وزير التربية والتعليم ووزير الإعلام، في دلالة على الاهتمام الرسمي الكبير بهذه الزيارة، وفي وقت لاحق، التقى الوفد بالرئيس عبد الرحمن الأرياني، الذي استقبلهم بكل حفاوة وتقدير.
أمضى الوفد في اليمن أربعة أيام، قام خلالها بتقديم شرح مفصّل لسياسة سلطنة عُمان الجديدة بقيادة السلطان قابوس، وبيان رؤيتها للمرحلة المقبلة المبنية على الوحدة الوطنية، والانفتاح العربي، والتعاون البنّاء.
كما شملت الزيارة جولات ميدانية إلى عدد من المؤسسات والوزارات اليمنية، ولقاءات مع مسؤولين يمنيين بهدف تعزيز أوجه التعاون وتعميق الفهم المتبادل بين البلدين، وقد وُصفت الزيارة – بحسب ما نقله الشيخ سعود بن علي الخليلي – بأنها كانت إيجابية ومبشّرة، حيث لمس الوفد دعمًا وتفهمًا من الجانب اليمني تجاه التغييرات التي شهدتها السلطنة.
لبنان – المحطة الثالثة: بيروت
واصل وفد الصداقة العُماني جولته العربية، ليصل في محطته الثالثة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث لقي استقبالًا رسميًا من قِبل وزير التعليم اللبناني الذي استقبلهم في المطار.
عقب الاستقبال، توجّه الوفد إلى مقر رئاسة الوزراء، حيث عُقد لقاء رسمي مع رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك، السيد صائب سلام، تم خلاله بحث أوجه العلاقات المستقبلية بين السلطنة والجمهورية اللبنانية، والتأكيد على نهج الانفتاح الذي تنتهجه القيادة العُمانية الجديدة.

وفي اليوم التالي، التقى الوفد بالرئيس اللبناني سليمان فرنجيه، الذي استقبلهم بحفاوة وترحيب كبير، وأشاد بالمبادرة العُمانية، وبحسب ما أورده الشيخ سعود بن علي الخليلي، فقد كان الرئيس فرنجيه: “منشرح الصدر، يتحدث بصراحة وسعادة عمّا حدث في عُمان.”
وقد عكس اللقاء أجواء إيجابية، وأبدى الجانب اللبناني تفهّمه وتأييده للتحول السياسي الذي شهدته السلطنة، مرحبًا بانخراطها في محيطها العربي، ومؤكدًا عمق الروابط الأخوية بين الشعبين اللبناني والعُماني.


الجمهورية العربية السورية – المحطة الرابعة
بعد اختتام زيارة الوفد العُماني إلى الجمهورية اللبنانية، توجّه الوفد إلى الجمهورية العربية السورية، حيث حظي باستقبال رسمي من قِبل وزير الخارجية السوري آنذاك، السيد عبد الحليم خدّام، الذي كان مطّلعًا بشكل جيد على التطورات السياسية في سلطنة عمان عقب تولّي السلطان قابوس الحكم.
وفي اليوم التالي، عقد الوفد لقاءً رسميًا مع الرئيس السوري حافظ الأسد، حيث ناقشوا معه موضوع انضمام سلطنة عمان إلى جامعة الدول العربية، وقد عبّر الرئيس الأسد عن موقف واضح ومؤيد، وأدلى بجملة مؤثرة تؤكد روح الانتماء العربي، إذ قال: إن كانت جامعة الدول العربية كما يسمّونها بيت العرب، فمن ذا الذي يمنعكم من دخول بيتكم؟"
كان هذا الرد بمثابة دعم صريح وواضح من القيادة السورية لانضمام سلطنة عمان إلى الصف العربي، وقد ترك اللقاء انطباعًا إيجابيًا لدى الوفد العُماني، الذي لمس تأييدًا فعليًا من دمشق لسياسة السلطان الجديدة القائمة على التعاون والوحدة والانفتاح.
جمهورية مصر العربية – المحطة الخامسة
واصل وفد الصداقة العُماني جولته العربية، لتكون جمهورية مصر العربية هي المحطة الخامسة في خط سيره، وقد حظي الوفد لدى وصوله بـ استقبال رسمي حافل يعكس مكانة السلطنة وتقدير القيادة المصرية للتحول السياسي الجديد في عُمان.
وقد التقى الوفد بـدولة رئيس الوزراء المصري آنذاك، السيد محمود فوزي، الذي عبّر عن دعم بلاده الكامل للسلطنة ولقيادتها الجديدة، ويذكر الشيخ سعود بن علي الخليلي أن محمود فوزي خاطبهم بقوله:"يا وفد عُمان، أُمروا ونحن نُنفّذ.، وهي عبارة حملت رسالة دعم صريحة وموقفًا مصريًا واضحًا تجاه انضمام سلطنة عُمان إلى جامعة الدول العربية، وتجاه المرحلة الجديدة التي دشّنها السلطان قابوس.
ورغم أن الرئيس أنور السادات لم يُقابل الوفد خلال هذه الزيارة، إلا أن المؤشرات السياسية من مختلف الجهات الرسمية المصرية كانت إيجابية ومُرحّبة بانضمام عُمان إلى الصف العربي.

محطات المغرب العربي والسودان
بعدها ذهب الوفد إلى عدّة دول عربية من بينها السودان، والجزائر، وتونس، وليبيا، والمغرب، وكانت الانطباعات إيجابية.

المغرب – محطة متميّزة
تميزت زيارة الوفد إلى المملكة المغربية بطابع خاص، حيث حظوا باستقبال كريم من الملك الحسن الثاني، الذي أعرب عن دعمه الكامل لسلطنة عمان وقيادتها الجديدة.
وقد طلب الملك الحسن الثاني من الوفد التمديد في زيارتهم بالمملكة لمدة ستة أيام، خصّصها لهم كنزهة ترفيهية شملت زيارات إلى عدد من المدن المغربية التاريخية والسياحية، منها: مراكش، وطنجة، وفاس، والدار البيضاء. كما قام الوفد أيضًا بزيارة مدينتي سبتة ومليلة؛ ما أتاح لهم الاطلاع على جوانب من التاريخ والجغرافيا السياسية للمغرب والمنطقة.
وقد عبّر أعضاء الوفد عن امتنانهم لهذا الكرم الملكي، وكانت الانطباعات من هذه المرحلة من الجولة إيجابية للغاية، ما يعكس التقدير العربي الواسع للدور الجديد الذي بدأت سلطنة عمان في أدائه على المستوى الإقليمي.
العودة إلى مصر – لقاء الجامعة العربية
بعد استكمال وفد الصداقة العُماني زيارته لعدد من دول المغرب العربي، عاد مجددًا إلى جمهورية مصر العربية، في محطة ختامية مهمة هدفت إلى تقديم نتائج الجولة والمباحثات مع القادة العرب.
وقد عقد أعضاء الوفد اجتماعًا ثانيًا مع دولة الدكتور محمود فوزي، رئيس الوزراء المصري آنذاك، حيث أطلعوه على الانطباعات الإيجابية التي خرجوا بها من زياراتهم للسودان، والجزائر، وتونس، وليبيا، والمغرب، وفي ضوء هذه النتائج المشجعة، أشار الدكتور فوزي على الوفد بضرورة الاجتماع مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، لتكملة المسار الرسمي نحو انضمام سلطنة عمان للمنظمة العربية.
استُجيب لهذا التوجيه سريعًا، حيث رتّب الدكتور حسن صبري الخولي – الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية المصرية – اجتماعًا رسميًا للوفد مع الأمين العام للجامعة العربية ونوابه، ويُذكر أن الدكتور حسن صبري الخولي كانت له صلة مسبقة بعُمان، حيث سبق أن زار مسقط ممثلًا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ناقلًا رسالة تهنئة بمناسبة قيام نهضة 23 يوليو 1970م بقيادة السلطان قابوس بن سعيد – رحمه الله.
وتُعد هذه الرسالة أول اعتراف رسمي من دولة عربية بالحكم الجديد في سلطنة عُمان، ما عزز من مكانة مصر ودورها المبكر في دعم السلطنة.
وقد أسهم هذا اللقاء مع مسؤولي الجامعة في تأكيد التوجه العربي المرحّب بانضمام سلطنة عمان إلى بيت العرب الرسمي – جامعة الدول العربية، ومهّد الطريق لإتمام الإجراءات اللازمة لذلك.

دولة الكويت – المحطة الحادية عشرة
ضمن جولته الرسمية إلى الدول العربية، كانت دولة الكويت هي الدولة الحادية عشرة التي زارها وفد الصداقة العُماني، وقد لقي الوفد استقبالًا رسميًا وشعبيًا حافلًا، حيث كان في استقبالهم وزير التعليم الكويتي، إلى جانب جمع كبير من المواطنين العمانيين المقيمين في الكويت، الذين عبّروا عن دعمهم واعتزازهم بالتحول السياسي الذي شهدته السلطنة في ظل قيادة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه-.
وقد لمس الوفد منذ اللحظة الأولى أن القيادة الكويتية كانت على دراية كاملة ومتابعة دقيقة للتطورات السياسية في عُمان، وهو ما انعكس إيجابًا على طبيعة اللقاءات والمباحثات الرسمية.
وكان لافتًا أن عددًا من الشخصيات العُمانية المقيمة في الكويت قد قاموا – قبل وصول الوفد – بشرح وتوضيح وجهة النظر العُمانية للجهات الرسمية الكويتية؛ ما أسهم في تهيئة الأجواء وتمهيد الطريق أمام أعضاء الوفد، وسهّل مهمتهم في عرض رؤية السلطنة الجديدة القائمة على الوحدة الوطنية والانفتاح العربي.
وقد عبّر أعضاء الوفد عن تقديرهم العميق لهذا الدور الوطني الصادق الذي قامت به الجالية، والذي عكس حرص العمانيين في الخارج على دعم وطنهم خلال مرحلة مفصلية من تاريخه.
العراق والأردن – المحطتان الأخيرتان
بعد زيارة دولة الكويت، توجّه وفد الصداقة العُماني إلى العاصمة العراقية بغداد، ومنها واصل رحلته إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث كانت المملكة الأردنية الهاشمية المحطة الأخيرة في هذه الجولة العربية التاريخية.
حظي الوفد العُماني لدى وصوله إلى الأردن بـاستقبال كريم من الملك الحسين بن طلال – رحمه الله –، الذي استقبلهم شخصيًا في مقر إقامتهم فور وصولهم من المطار، مرحّبًا بهم ومعربًا عن تقديره للسلطنة وخطواتها الجديدة.
وفي اليوم التالي، عُقد لقاء رسمي آخر مع جلالته لمتابعة النقاشات، وتأكيد دعم الأردن لانضمام سلطنة عُمان إلى جامعة الدول العربية. كما التقى بهم الملك مجددًا في مدينة العقبة قبيل مغادرتهم، في إشارة واضحة إلى اهتمام القيادة الأردنية بترسيخ العلاقات الثنائية وتعزيز الروابط الأخوية بين البلدين.
شهادات من أعضاء وفد الصداقة العُماني
في مذكراته الشخصية، يروي الشيخ سعود بن علي الخليلي – أحد أعضاء وفد الصداقة – تفاصيل اللحظة التي أُبلِغ فيها بتكليفه ضمن الوفد، حيث قال: " فوجئت بالسيد طارق بن تيمور يدعوني ليقول لي بأن جلالة السلطان أمر بتشكيل وفد أسماه “وفد الصداقة العماني” ليشرح وجهة نظر السلطنة لسائر ملوك ورؤساء البلاد العربية، وليطلب رسميًا انضمام سلطنة عمان إلى جامعة الدول العربية، وناولني ورقة فيها أسماء الوفد كما يلي: سعود بن علي الخليلي، عبدالله بن محمد الطائي، هلال بن علي الخليلي، محمد بن حمد بن سليمان الحارثي، يوسف بن علوي بن عبدالله، أحمد بن محمد النبهاني. تفاءلت بالعدد والأشخاص وكنت دائمًا أتفاءل بالعدد 6 وكذلك 66″.
وتعكس هذه الشهادة الثقة الكبيرة التي أولتها القيادة لأعضاء الوفد، وتُبرز بداية التأسيس لأول تحرك دبلوماسي خارجي رسمي لعُمان بعد قيام النهضة المباركة.
كما وثّق معالي المرحوم عبدالله بن محمد الطائي – أحد أعضاء الوفد ووزير الإعلام والثقافة الأسبق – شهادته حول هذه المهمة، قائلًا: " ومن أهم إنجازات حكومة السيد طارق بالإضافة إلى وضع اللبنات الأساسية للجهاز الإداري للحكومة هو قبول انضمام سلطنة عمان إلى جامعة الدول العربية في 9 شعبان 1391هـ الموافق 29 سبتمبر 1971، وكان هذا بمجهود وفد الصداقة العماني الذي بعثه السلطان قابوس إلى الدول العربية مادًا يد التعاون العربي ومؤكدًا عروبة سلطنة عمان وحكومة سلطنة عمان“.
وتبرز هذه الشهادة الدور المفصلي للوفد في تعزيز الهوية العربية للسلطنة، وترسيخ حضورها السياسي في المحيط الإقليمي.
وفي أحد لقاءاته الإعلامية، استعاد معالي يوسف بن علوي بن عبدالله – الذي كان حينها عضوًا شابًا ضمن الوفد – ذكرياته حول الرحلة، قائلاً: " في 1971 أمر -رحمه الله- بوفد الصداقة لعمان بعمل زيارة لكل الدول العربية، وكان جلالته يرى أن هذا واجبا على القيادة العمانية أن تعرف بنفسها على إخوانها وجيرانها، وكانت رحلة جيدة تم استقبالها بترحاب كبير، وأبدت كل الدول التي زارها الوفد استعدادها للتعاون واستعدادها لدعم النهضة في عمان؛ وبالتالي سوف يكتب العمانيون هذا التاريخ بفخر كبير“.
وتعكس كلمات معاليه الروح القومية، والإيمان العميق برؤية السلطان قابوس في بناء علاقات عربية متينة، قائمة على الحوار والانفتاح والثقة.
توثيق أدبي
لم تكن رحلة وفد الصداقة العُماني مجرّد مهمة دبلوماسية تقليدية، بل كانت حدثًا وطنيًا شاملاً حمل في طياته روح النهضة العُمانية الوليدة، ووجد صداه في قلوب الشعراء والأدباء والمثقفين، الذين رأوا في هذه الخطوة ترجمة فعلية لرؤية السلطان قابوس – طيب الله ثراه – في بناء عُمان الحديثة، وربطها بجذورها العروبية الراسخة.
وفي هذا السياق، تفاعل الشاعر الشيخ علي بن جبر بن سعود الجبري مع الحدث، فأنشد قصيدة رائية فخمة، تناول فيها أهمية الزيارة التاريخية التي قام بها الوفد، مكانة سلطنة عُمان بين أشقائها العرب، مدح أعضاء الوفد وما يحملونه من صفات وطنية وإخلاص، وهو أمرٌ يعكس الوعي الوطني والشعبي بأهمية التحرك الدبلوماسي العُماني في تلك الفترة، ويبرز كيف تمازجت النهضة السياسية مع النهضة الثقافية في بدايات عهد السلطان قابوس.

المراجع
- الخليلي، سعود بن علي. كلمة، الطبعة الثانية، دار أبعاد، بيروت، لبنان، 2015.
- الطائي. عبدالله بن محمد. تاريخ عمان السياسي، مكتبة الربيعان، الكويت، 2008
- مجموعة مؤلفين. عمان منذ الأزل، الجزء الثالث، مكتب مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي، ديسمبر 2020.

