فضاءات

مشهد من بلادي في منزل معمر الرواس

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

صلالة – موسى الفرعي

١٩/٨/٢٠١٥

 

هكذا أفتتحُ إذن…
مشهدٌ استثنائي من بلدي
مساءَ أمسِ


 

في منزل الشيخ معمر بن علي بن عوض الصالوات الرواس بدعوة كريمة من رجل كريم مضياف بمناسبة استضافة سعادة الشيخ محمد بن عبدالله آل مالك الشحي والي منح، المساء الذي شهد حضور العديد من شيوخ وأعيان محافظة ظفار ومسندم. وقد وجدتني في خضم الفرح والحفاوة التي لقيتها من هؤلاء الكرام، ورأيتني في قلوبهم، وهذا هو أحد أسبابِ الفرح الكبير، أما أهم هذه الأسباب هو أني رأيت أحد الأحلام التي أستشعرها وأؤمن بوجودها، غير أني لمستها واقعا محسوسا متجسدا أمامي بين أحضان جبال ظفار وشموخها، وهو ذلك الالتحام الإنساني الوطني الجامع لكلِّ أصالةِ الإنسان وكرمهِ السمح.

 

فكلُّ جبال مسندم بعلوِّ جبالِها وإنسانِها
وأصالةُ ظفار وتاريخِها الممتدِّ حتى أعمق نقطةٍ في التاريخ.
شمالُ عمان بكلِّ تفاصيلِ عظمته
وجنوبُها بكلِّ أسبابِ عظمته



 

كلُّ ذلك في مكانٍ واحد وداخل دائرة محبةٍ واحدة، في مثل هذه المساحةِ المثلى يلقى الإنسانُ نفسه، وبمثل هذا يؤمنُ الإنسانُ بإمكانيةِ قدرة الإنسانِ على ممارسةِ المحبة وترسيخها كمبدأ للحياةِ في ظلِّ نواقيس الخطر التي تدق في كلِّ مكان من كوكبنا الذي ما زال يعاني ظلمَ الإنسان للإنسان والطبيعةِ والكائنات. كنتُ أرى عُمانَ كلَّها تَضحكُ أمامي وتتحدثُ وتناقشُ وترى، كنتُ أراها في كلِّ الوجوه المكسوة بالوقار والهيبة وفي كلِّ الوجوه التي تحملُ نضارة الشباب القادر على استمراريةِ هذا الوطن الواحد في قلب واحد.

 

ما أكبر الرضى النفسي والفرح غير المنتهي الذي يجري في شراييني، وكمْ وددتُ أن يمدد الوقتُ أكثرَ وأكثر حتى أظلَّ في خضم كلِّ ذلك وأن أتأملَ وأعيشَ تلك التفاصيل والدقائق التي تبرأتْ من تهمةِ الوقتِ البشريِّ وتلبستْ الفرحَ والدهشةَ والوطنية الكبيرةَ مقياساً زمنياً جديداً لها.

 

وقد كانت هذه الدعوة الكريمة فسحةٌ للقاء الشيخ الدكتور غازي الرواس الذي كان آخر عهدي به قبل أربعةِ أعوامٍ خلال فعاليات قافلة أثير الثقافية في بلجيكا، وقدْ وجدتُ الدكتور غازي وهو كما هو لم يتنازل عن أيِّ شيء ومحافظاً على كلِّ شيء، عذب الحديث، طيب المعشر، نقي السريرة.

 

أصدقكم القول أيها الأحبة أني عائد إلى مسقط غير أن ذلك المشهد الإنساني الأمثل والوطني الأكبر سيظل محفورا في ذاكرتي وعيوني كالنقش على الحجر، وسيظلُّ فوحُ عطرِ تلك الشخصياتِ الكبيرة بإنسانها ورجاحة عقلها وحسن تعاملها يفوح من كلِّ شراييني أنى اتجهت، وسيظلُّ الحبُّ هو دليلي إلى كلِّ القلوب الخضر في شمال عمان وجنوبها وفي شرقها حتى غربها فللحبِّ رائحتُه التي لا تخطأ الطريق وضوؤه الذي يرشد التائهين كفنار هدى.

 

أما قلتُ لكم من قبل: في مثل هذه المساحةِ المثلى يلقى الإنسانُ نفسه، وبمثل هذا يؤمنُ الإنسانُ بإمكانيةِ قدرة الإنسانِ على ممارسةِ المحبة وترسيخها كمبدأ للحياةِ.. هنا في عُمان فقط تبدو الأشياءُ أكثرَ جمالا ًوقرباً مما هي عليه في تصورِ الإنسان وخياله، وأعلى من مرتبةِ المجازاتِ وسياقاتها.

Your Page Title