
أثير -موسى الفرعي
كعادة الذكريات في لحظات الحزن الكبيرة تتسربُ من عيوننا وقلوبنا ومساماتِ جلدنا، وها هي تتدفقُ كلُّها أمامي الآن، هل كان يلزمها موتُك كي تتدفقَ بهذه الصورة يا صديقي، هل كان ينبغي أن أصِلَ إلى لحظة الحزن هذه كي أرى شريطاً من الذكريات الطويلة يطلعُ من مرايا الدمع هذه المرة.
نعم لقد ماتتْ بموته روحٌ زكيةٌ وقلبٌ رضي وأخٌ أمين وكرامة نفس، ولم يبقَ من كلِّ ذلك إلا ما أورثني من شوقٍ لكلِّ ذلك ومن حزنٍ على كل ذلك.
كان من الصعب عليَّ أن أصدِّقَ أنه مات بسبب ضغط العمل فقد كان يعمل لوزارة الداخلية ومنشغلا مع اللجنة الرئيسة لانتخابات مجلس الشورى، وكان حتى آخر لحظة يؤدي واجبه كما لو أنها اللحظة الأخيرة فهو طاقة نشاط كبيرة كما إنسانه الكبير، ولكن قد صدق هذه المرة وجاء الموتُ في موعده.
نعم كم من الذكريات الجميلة اشتركنا في صناعتها، وكبرنا واشتركنا في إدارة فريق ” الأخضر” وكبرنا أكثر ومضى كلّ إلى عمله غير أن بشاشته لم تتوقف عن النمو، وحبه ظل قادرا على إقناع القلوب كما كان من قبل.
رحم الله حمد البوسعيدي، وعظم الله أجر كل من عرفه أو التقاه مصادفة، وأعان الله ” الأخضر” كلَّها على فقدان إنسان مثله.
لم يحدثْ سوى أن مصدرَ حبٍّ كامل قد توقف عن النمو ولن يكبر بعد الآن أكثر، ولكن لن ينقص شيء منه فالحبُّ الكبير ملتصقٌ بجدران القلب ومنقوشٌ على زوايا الذاكرة.
لم يحدثْ شيء سوى أن كل القلوب التي يعبر بها صباح مساء ستفتقده كثيرا وتسأل عنه أكثر.
لم يحدث شيء ولكن العالم تغير يا صديقي أو لنقل إننا فقدنا القدرة على دراسته وفهمه، فعدنا إلى كلمات النعي والحزن نستعيض بها عن الدقائق والساعات والأيام التي مرت وأصبحت مساحة فاصلة بيننا.
لم يبق لنا سوى كلمات النعي والحزن ولكن العزاء الحقيقي أن حمد البوسعيدي الآن في جوار خير من جوارنا أسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويفيض عليه بكرمه فهو العفو الكريم.
فـ لله ما أخذ ولله وأعطى
إنا لله وإنا إليه راجعون