ناصر الحارثي
هل أنت من الشخصيات الهادئة أم من النوع الذي يحب التفاعل مع الأحداث؟ هل تجد صعوبة في التعامل مع الشخصيات التي تميل للهدوء والسكون وعدم التعبير عن ردود فعلها مباشرة؟ وهل الشخصيات الهادئة سعيدة أم مكتئبة؟
سأستعرض في هذا المقال آراء كاتبة وباحثة أمريكية متخصصة في دراسة هذه الشخصيات والتي تكون عادة في موضع تساؤل وغموض.
لا غرابة أن تجد في مكان عملك أو على مقعد دراستك أو حتى في محيط أسرتك بعض الشخصيات التي تركن للهدوء والانطواء على نفسها ولا تفضل التفاعل بشكل حيوي مع كل الأحداث، هذه الشخصيات تشكل 30% من نسبة المجتمع، ويجد عدد من الناس صعوبات في التعامل مع هذه الشخصيات خاصة الأزواج والذين يعملون في فريق واحد، لذلك قامت الكاتبة والباحثة الأمريكية سوزان شين بدراسة هذه الشخصيات الانطوائية وألفت كتابا بعنوان الهدوء وقوة الانطواء في عالم لا يتوقف عن الحديث، وكذلك لها كتاب حديث عن قوة الهدوء، وقد بينت الكاتبة في محاضرة ألقتها أمام مجموعة من الطلبة حول مهارات التواصل بين الشخصيات الانطوائية والشخصيات المتفاعلة، أن معظم الحالات التي اطلعت عليها بين الأزواج تتميز بوجود شخصيتين مختلفتين بينهم مشيرة إلى أن هذا النوع من الزواج يتميز بأنه أكثر عمليا وإنتاجا إلا أنه يمر بمراحل حتى يصل لمرحلة التفاهم، كما أنها أشارت إلى أن الشخصيات الهادئة يراها كثير من الناس بأنها أقل سعادة وأكثر غموضا ولا تتسم بالرغبة في التفاعل مع المحيط حولها، لكن الكاتبة ترى بأن طرق التعبير عن السعادة في الشخصية الهادئة مختلفة تماما عن الشخصية المتفاعلة، حيث تجد سعادتها في السكون أو عدم إثارة الضجيج أو الركون لمكان هادئ أو حتى الاستماع لمقطع هادئ، لذلك فالقضية تكمن في طرق التعبير عن السعادة، كما أوضحت الكاتبة أن من أهم التحديات التي تواجهها هذه الشخصية هو كيفية التفاعل مع الشخصيات التي تحب التحدث كثيرا ولا تجد حرجا في قطع الحديث، وتجد الكاتبة أن أفضل طريقة للشخصيات الهادئة في التعامل مع هذا المحيط هو ألا تُعدّ قطع الحديث مثيرا للإزعاج، كما أضافت الكاتبة بأن للهدوء طاقة كامنة يجب أن تستثمر في أي بيئة ومحيط توجد فيها.
وتضيف الباحثة الأمريكية أيضا أنه لا يمكننا تصنيف الشخصيات بتلك النمطية السطحية فهناك معطيات كثيرة تؤثر وتتأثر في تشكيل الشخصية بين صفات متجذرة وأخرى مكتسبة قابلة للتغير أو يصعب تغييرها، فقد تكون أنت من الشخصيات التي يغلب عليها الانطوائية ولكن تكون متفاعلا في ظروف أخرى، فالمهم هو أن نفهم ذاتنا ثم ننطلق في التفاعل مع المحيط حولنا بطريقة تجعلنا أكثر سعادة وإنتاجا.