أثير – موسى الفرعي
ليس غريبا أن نجد من يحاول سرقة التاريخ في حين أو تشويه صفحاته في حين آخر فذلك ما يخلق الفوضى اللا خلّاقة ويرضي طموح الطامعين بالنشاط السياسي في ظاهره والخراب في باطنه، ولكن ما يثير السخرية والغرابة هو أن نجد من يحاول أن يقطع كل صلة بماضيه ويفصل حاضره عن تاريخه.
وها هي لعبة جديدة تطل برأسها بعد فشل الألاعيب السابقة، لعبة ” رؤوس الجبال” التي تمارس عبر العوالم الافتراضية والتي تحاول خلق الفوضى والتشكيك في المجتمع العماني، ودائما ما يخيّب الله فألهم في كل مرة، فلا يستوي الثابت بوعيه التاريخي والمؤمن بولائه الكامل لحاضره بمن يمارس الفصل الذاتي عن تاريخه فلا يستنير ولا ينتج حاضرا وهو بذلك لم يبق في ماضيه ولم يتفرغ لصناعة حاضر معاصر.
في لعبة السارق والمسروق التي لعبها مؤخرا موقع ” خليجيات” يشير إلى أن محافظة مسندم إمارة احتلتها عمان بقوة السلاح والمساعدة البريطانية بتاريخ 1970/12/17 أي قبل عام من إعلان قيام الدولة الاتحادية الذي كان ثمرة اجتماع حكام إمارات ساحل عمان وميلاد فكرتهم التي كانت عام 1968 ، والسؤال وماذا كان قبل هذه التواريخ؟؟!! هل كانت هذه المنطقة دهماء لا يهتدي بها أحد لأحد أم كانت تنتمي تاريخيا لحضارة وتاريخ آخر؟ وهل كان القائم على هذه المنطقة ليس له أي حضور سياسي أم كانت له أوراق ثبوتية العمل لصالح الإمبراطورية العمانية بشكل أو بآخر بسبب امتداد السيطرة العمانية، وقبل هذا كله هل هبط هذا الجزء الحغرافي بساكنيه كقطعة من الغيب أم نبتت فجأة من شقوق الأرض..؟!. أليس ثمة جذور وامتداد لها.؟!
وفي خضم هذه اللعبة حاولوا زعزعة ولاء سكان محافظة مسندم ببعض الايحاءات والخزعبلات اللغوية، غير أن جهلهم الكبير أعماهم أن محافظة مسندم خرجت بأطفالها ورجالها وشيوخها كلهم لتأكيد ولائهم وإخلاصهم لعمان والسلطان وذلك أثناء أحداث 2011 دون أن يتخلف أحد عن شرف الولاء والإخلاص التي هي سمة النبلاء.
إن شعبا يفعل ما فعله أبناء محافظة مسندم من تعبير عن حبهم وولائهم وإخلاصهم وانتمائهم في أكثر من مناسبة هو شعب لا خوف عليه من مثل هذه الترهات التي تنشر بين حين وآخر، فأصغرهم هو أكبر من هذه النفوس المريضة التي تحاول جاهدة أن تتبرأ من تاريخها وامتدادها الحقيقي، وأقلهم ثقافة هو أكثر وعيا من الانتماء لمائة عام وترك الجذور الممتدة حتى أعمق نقطة في التاريخ، وأما شيوخ المنطقة وأهل المعرفة والعلم منهم فلا طاقة لكم بهم إن كان الحال هو وقوف الكبير من هذه الكائنات كقزم في حضرة صبي عماني.
وقد قلت من قبل إن البعضَ قد يأخذه الغرورُ والمراهقةُ الإعلاميةُ أو السياسية فيتوهم أن بإمكانه أن يؤثر على هذا الوطن الكريم أو قد يأخذه الوهمُ إلى أن بإمكانه أن يهزَّ ثقة الإنسان العماني ببعض الألاعيب الإعلامية فحينا السطو على تاريخٍ ما ونقل مسرح أحداثه من هذا البلد الكريم المعطاء إليه متوهما أن التاريخ مادة مكتوبة فقط أو كلمات قد تُقرأ عبر منفذ إعلامي وكفى، وحينا بمثل هذه المحاولات التي تتوالد من رحم الظلام عبر العوالم الافتراضية.
إن التاريخ هنا يسكن في هذه الروح وهذا العقل من لا يملك روحاً عظيمة لن يكون عظيما ولو نَقلَ كلَّ حضاراتِ الدنيا إليه.
فليعملوا على إنتاج حاضر معاصر مستنيرين بأصولهم وضوء تاريخهم فهذا أيسر لهم من أن يخرقوا الأرض أو يبلغوا الجبال طولا.
*الصورة من موقع مسندم.نت