باريس- الطيب ولد العروسي
صدر للأستاذ آدريان ليتاس Adrien Leites ، كتاب جديد تحت عنوان “الحب المسيحي والحب الإسلامي” Amour chrétien et amour musulman، في باريس، عن منشورات فايارد fayard، في 240 صفحة، تزامن صدور الكتاب مع المناقشة الحالية حول الحب المتعدد، حب الله، حب الإنسان، حب المعرفة، إذ يرى المؤلف بأن هذه الكلمة شائعة في المراجع المسيحية، على الرغم من الخلط الشائع، لأن الإسلام العقلاني غائب عن المناقشة في الفضاءات الفكرية الجادة، أو مشبه بالمسيحية، هذا الاتجاه يؤثر في “الحوار بين الأديان”، الذي يتغذى من الاستخدام العصري تقريبا من المصادر المعيارية”، وحسب القاموس العربي فهو يعني إخضاع الأشياء لمقاييس محدَّدة تُقَيَّم من خلالها معياريّة اقتصاديّة، سياسيّة، وأخلاقيَّة ، ويأتي كبديل للمونولوج وإلى الحوار المتمثل حول الحب، وإلى معارضة الأصولية.
يقترح المؤلف في هذا الصدد، حوار التقاليد الإسلامية والمسيحية ليتطرق إلى صوتين. صوت القديس أوغسطينوس (354-430)، المولود في في الشرق الجزائري، وصوت أبي حامد محمد الغزالي (ت 1111). إذ يكشف على الرؤى الفريدة التي تعبر عن نفسها، وعن صداها الموجود في بعض الأصوات المعاصرة. بحيث يرد نصوص المفكران والفيلسوفان في لغتهم اللاتينية والعربية، يقوم المؤلف بترجمتها، ليعمل على إنجاز مسرد لمصطلحات وكلمات تدعم حوار التقاليد عبر حوار للكلمات. وعلى القارئ أن يجري قراءته الخاصة حول الحب، تكون أكثر قدرة على التعمق أو التفرس فيها وفي السياق الأوروبي، والتعايش بين المسيحيين والمسلمين على أساس الاعتراف بخلافاتهم المثرية ، التي تقربهم من بعضهم أكثر مما تبعدهم، لأنها تثير نقاشا بناء بين الديانتين، وتبني على المعرفة العميقة على ما يفرقهم، وعلى المشترك الذي يجمعهما أكثر مما يفرقهما.
يعتبر هذا العمل هو الأول من نوعه، كون أن المؤلف قام باستقراء نصوص لأهم شخصيتين مسيحية وإسلامية، وترجمهما من وإلى اللغة العربية، لينجز بذلك عملا مرجعيا لكل المهتمين بحوار الأديان، وليبين بأن النصوص المقدسة حينما يتم قراءتها بموضوعية فهي تتوفر على مقاربات وقراءات متعددة لكنها تجمع أكثر مما تفرق.
تزامن صدور هذا الكتاب مع الأحداث التي يمر بها العالم من دمار وتخريب، ليجيب على المتشددين من كل الأطراف، ويحث على الحوار بين الديانات والثقافات بين للمجتمعات بشكل حقيقي وفعال، حيث يحرض على الخير والحب، مما يؤدي إلى بناء فضاءات للسلم وإلى القضاء عن العنف المدمر للإنسانية .
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور آدريان ليتيس هو أستاذ الفكر الإسلامي، في جامعة السوربون، ومختص في أبي حامد الغزالي.