قراءة نقدية في مجموعة (وإني قليل فكوني كثيري)
للشاعر ياسر الأطرش
*زياد الأحمد
بدءا من العنوان (وإني قليل فكوني كثيري) ندلف إلى بهو اغترابي يتألف من ( 22 نصا ) يتلمس فيها الشاعر خيوط هويّةٍ قلقة تحيز له اختراق حواجز الحياة لينطلق من بين أقبيته المظلمة باحثا عن جرعة ضوء تمنحه قوة معاقرة الدنيا التي استنكرت عيناه مظاهرها المقنعة بالضياء، فلجأ إلى غياهب جبّه الاختياري ليعيش بعيدا عن أخوته – من بني البشر – مكتظا بأب من حنين وأم من حنان بعيدا عن عالم مزيّف يرفض مصالحته ،يمتدّ هنالك :
هنالك لا جبّ ولا زيف إخوة
ولكنهم كفي التي لم تصالح
وطبيعي أن نبدأ من العنوان وهو بنية مستقلة ذات علاقة تواصلية بين النص والقارئ بل هو البوابة التي يحيلنا ضيقها إلى فضاءات النص وهذا العنوان العام للمجموعة نصٌ شعري مصغّر مضغوط تنفجر شظاياه على امتداد ( 104 صفحات ) حيث يتردد صداها من مغاور ظلمات اغتراب الشاعر .
وما يميز العنوان هنا أنه لا يمارس إكراها أدبيا يصادر فعل المتلقي كما أنه لا يوغل في الغموض الدلالي الذي يقذف بالمتلقي بعيدا عن مرافئ مراميه ومعانيه، فالاغتراب هو الكلمة المفتاحية التي لا يبوح الشاعر بها جهرة في نصوص المجموعة لكنّ أغلب ألفاظها تنتمي إلى المجال اللغوي والدلالي لحالة الاغتراب .
وما أعنيه بالاغتراب ما اتفق في تعريفه أغلب علماء النفس في أنه: وعي الفرد بالصراع القائم بين ذاته والبيئة المحيطة به والمحبّطة له بصورة تتجسد في اللاانتماء والسخط والعدوانية وما يصاحب ذلك من مركزية الذات والانعزال الاجتماعي، وهذا الصراع نقرؤه في الثنائية الضدية التي اعتمدها العنوان، المركب من جملتين الأولى ( إنّي قليلٌ ) والثانية (كوني كثيري) ويربط العطف بالفاء بينهما، فالأولى اسمية بكل ما توحيه من ثبات خارج الزمن والثانية فعلية فعلها الأمر وبالتالي زمنها خارج حاضر الشاعر ومرمي في غيب المستقبل. وفي هذه الثنائية نقرأ وعي الشاعر لوحدته وعزلته التي عبر عنها بكلمة ( قليل ) وحلمه بعالم اجتماعي عبر عنه بكلمة (كثير) التي امتزجت بياء المتكلم رغبة من لا شعوره في اندماجه مع هذا الكثير المقابل لكلمة قليل والتي جاءت بصيغة التنكير التي تفيد الشمول وتطلق عنان خيال المتلقي إلى أقبية لا متناهية من متاهات هذه العزلة التي لا يدرك الشاعر ذاته نهاية سراديبها, ويقابل ذلك التعريف في الطرف الآخر من الثنائية وذلك بياء المتكلم وما تضمنته من ذاتوية في كلمة (كثيري).
ويتجلى وعي الشاعر لهذا الصراع بين الذات ومحيطها من توكيد الجملة الأولى بـ (إنّ) واختباء هذه الذات بل واختصارها بياء المتكلم في ( إنّي ) وإصرارها على الحضور ثانية في (كثيري) وهذا ما عنيته بمركزية الذات الناجم عن الشعور بالاغتراب .
وتتميز الذات المغتربة بالشعور بالعزلة والضياع والوحدة وعدم الانتماء وفقدان الثقة والإحساس بالقلق والحدّة والعدوان, وهذا ما سنقرأ شواهده في الكثير من قصائد الديوان التي تدور ألفاظها كما قدّمت حول المجال اللغوي للاغتراب بكل المعاني التي أشرت إليهاِ فنقرأ (ضعتُ ـ ضيّعت ـ أضعت مني ـ إذ أضيع ـ ضيّعتنا ـ ضيّعني ـ يغب ويغمض – عبرت ـ غيبي ـ تخفى ـ يخبوـ واحتمال) وفي نفس المجال الدلالي الدال على هذا الضياع نقرأ مفردات العالم الذي آل إليه ( الليل – الدجى ـ الظلماء ـ الصحراء ـ اليباس والسراب والأوهام والغبار والفوضى والضباب ـ البحر والبحور والإبحار وتبحر ـ ثم الغيب والغياب والمنافي والسجون وقعر الظنون والجب والجنين والعدم والموت مترافقة مع الأفعال ( مضى يمضي مضيت عبرت وضاقت وأقفلت واعتكفت وتركت وأودعت وأشقى الخ.. مما لا متسع لذكره ونقرأ تلخيص الشاعر لما سبق
تقاذفني الأمداء حتى كأنني أصابع كف بينها الوقت سارح
عبرت إلى بعدي وغصت بداخلي فبيتي نفسي إذ تغيب المطارح
كما تدور العناوين الفرعية لأغلب القصائد – وأغلبها أيضا قصائد مصغرة ـ في المجال الدلالي ذاته للاغتراب وكل عنوان هو جملة مفتاحيّة تبوح بما بين ضلوع نصها ومجموعها يشكل قصيدة إذا أضفنابعض الروابط لتلك العناوين فتكون: (عزف منفرد على وتر الذات ) حيث ( لا أجنة نور في دجى الرحم ) و( يقرب حب الناس حتفي) ( يا بحر) و ( أدخل في رجل من ضباب ) ( حين أخرجت من دمي ) في ( حبال السؤال ) و ( غموض التبدّي) و( سديم الكلام ) فهل من نص اغترابي أكثر من هذا؟
وأعود إلى العنوان العام الذي سيمدنا بفتيل تفكيك تلك النصوص إذ إنه يحمل في طياته النحوية والصرفية رموز ما سنقرؤه مفصّلا في قصائد المجموعة، ففي الجملة الثانية منه يعتمد فعل الأمر ( كن ) وهذان الحرفان لهما دلالتهما الوجودية التي تحيلنا إلى رغبة الخلق الصارمة ( كن فيكون ) والتي لا تقبل ردا أو اعتراضا وهنا تتجلى حدة الشاعر ورغبته في الخلاص من عوالمه الاغترابية، وطبيعي أن ينسب هذا الخلاص إلى أنثى مطلقة متجسدة في ياء المؤنثة المخاطبة فالأنثى: هي بوابة الانعتاق الأولى من عالم الغياب في الرحم إلى الوجود والكينونة، ولا ننسى أنّ الشاعر ينتمي إلى عالم ذكوري متديّن تشكل فيه الأنثى ظلال جنات عدن من الراحة في الدنيا والآخرة وفي الوقت ذاته مكبل بعادات وتقاليد تشل علاقة الذكر والأنثى وتدفع بهما معا إلى عوالم الاغتراب مع أول دفقة وعي لماهية تلك العلاقات المرفوضة والرافضة توق كل منهما إلى الآخر, وهو توق الكل إلى الجزء على حد تعبير ابن عربي – الكل هو الرجل والجزء هي الأنثى التي خلقت من ضلعه في ثقافة ذلك المجتمع ـ فطبيعي جدا أن يستعين الشاعر بالأنثى وسيلةً لكينونته بل هي شرط وجودي، يتماهى فيها ويتكامل معها كي يكون:
إنها أنثى ولكن
لم تكن إلا أناي
ولم أكن إلا أناها
كما نلمح الحدة والقلق معا في صيغة الأمر وما فيه من إصرار كما ذكرنا لكنه يحمل القلق في زمن تحققه فزمن تحقيق الأمر هو المستقبل، والمستقبل رهن الغيب وجميع هذه الدلالات الاغترابية كانت ستضيع تماما لو قال ستكونين كثيري.
ولا ننسى الفاء العاطفة بين الجملتين وما فيها من نزق وسرعة عطف فبعد إن أكّد الشاعر وعيه للحالة التي يعانيها بـ (إنّ ) وثباتها بالجملة الاسمية استدعى لا شعورُه الفاء لا غيرها لتكون عاطفة للأمر الحلمي الذي يمور في أعماقه مستشفعا بان أنثى حلت في ياء المؤنثة المخاطبة محاصرة في وسط العنوان بين ضميرين لـ ( أناه ) وبينهما مساحة يختصر فيها الشاعر مضامين ديوانه التي رأينا أنها تدور في فلك اغتراب ذاتي واجتماعي وتاريخي وسياسي وديني وجنسي وهنا لا مجال لبحثه لأنه يحتاج إلى دراسات مطولّة شواهدها حاضرة في هذه المجموعة.
وإذا عدنا إلى النص الذي اجتزئ منه العنوان ـ وهو عنوان له ـ لنبحث ملامح هذا الاغتراب الذاتي وأسبابه وأعني به: انتقال الصراع بين الذات والآخر من المسرح الخارجي إلى النفس الإنسانية وبالتالي عدم التوفيق بين الفرد وحاجاته ورغباته من ناحية وبين الواقع وأبعاده من ناحية أخرىفنقرأ:
بكينا
وما كان يكفي البكاءُ
ولا سحنةٌ أورثتها الشجونُ جلال الألمْ
وأخرَجَنَا من بُذور الحياةِ جنودُ العَدَمْ
وهم يدخلونْ..
وإني بصيرٌ بما يعملونْ
ولكنني عندما كنتُ أبني المحبة
كانوا هنا.. يصنعون السجونْ..!
يقدم هنا الواقع المرفوض، مستعينا بضمير الجمع في (بكينا) لوصف عمومية المعاناة، لكنه التفت إلى ضمير المفرد المتكلم ليسجل موقفا فرديا في ( إني بصير ) وهو واقعٌملامحه قديمة موروثة (جليلة ) فهو ليس طارئا بل هو (ميراث ) ألم منمّق ومبهرج بالعظمة المزيفة وهنا إشارة إلى موقف من التاريخ والاغتراب التاريخي، هذا الواقع لا ماء للحياة فيه سوى الدموع التي لا تجدي نفعا لأنّ جنود العدم يستعمرون ليس بذور الحياة بل يعششون فيها مهجّرين منها أصحاب الحق بالحياة، ويؤكد الشاعر بمؤكدين وعيه لهذه الثانية التي تشكل قطبي عالمه (جنود العدم وأصحاب الحق ببذور الحياة وليس الحياة فقط ) يؤكد بـ ( إنّ ) ومبالغة اسم الفاعل في (بصير) وعيه هذا, ثم يأتي الانكسار والعجز عن الفاعلية في هذه الثنائية بأداة الاستدراك ( لكنني ) مبررا بثنائية ضدية أخرى فعندما كان يشيد بنيان المحبة كانوا يعدّون له السجون. ونستشف توكيدا آخر لإيمان الشاعر بقدم هذا الاستبداد الذي قدّم له بكلمة ( أورثتها ) يستبدل بها هنا التعبير بفعلين ماضيين لا حدث فيهما غير الزمن فهما ناقصان ( كنت وكانوا ) ويشير إلى المكان الذي ينتمي إليه بكلمة (هنا) دلالة التصاقه به، ثم يتابع معلنا رغبته في الحياة أمام جنود العدم مستشفعابأنثى – مرة أخرى ـ تملك ميزة الولادة نقيضِ الموت والعدم،لكنّ ولادته لم تكن من رحمها بل من وعيه لمكابدتها ومعاناتها، بدأ من عروق يديها وتعلّم منها ومن (شعرها المستقل) التحليق وعدم الرضوخ لكنّه مؤمنٌ أنّها الحضن الذي سينتهي إليه:
فلا تقتليني بذنب الشتاء الثريِّ الضريرِ..
سأهطلُ حتى أصير قليلاً
وإني قليلٌ.. فكوني كثيري
أنا من عروق يديكِ ابتدأتُ
وعلَّمني شَعْرك المستقلُّ الرحيلَ
وأنّ الرجوع إليكِ أخيري..
فمن هي هذه الأنثى التي تحمل أكثر من وجه ( الأرض – الوطن – الأم – الحبيبة ) هي كل هؤلاء – كما في قصائد الحداثة ـ فهي التي ولَدَت وعيَه وليس بالضرورة جسده والقادرة على قتله –لا تقتليني ـ وهو البصير الواعي ( بذنب شتاء ضرير) مع أنها هي التي علمته التمرَد والرحيل كما غرست في يقينه أنّه لابد راجع إليها ومن هنا تردّدت صرخته من أعماق غياهب اغترابه عن هذا الواقع الذي وصفناه فتردد صداه في كل جنبات هذا الديوان ( وإني قليل فكوني كثيري ) .
وشواهد الاغتراب الذاتي التي آلت حالة الشاعر إليهاكثيرة في المجموعة إن لم تشكّل أغلبَه ومنها ما يؤكد وعي الواقع والتمرد عليه كقوله:
ما خُلقنا لنسجنَ الروحَ فينا
بل لنمتَدَّ، نزرع الأفْقَ أفْقا
فاستعدني من الغياب حضوراً
وارْقَ ما استطعتٓ في المجاهل سبقا
وهنا نلاحظ ثنائية الغياب والحضور والسجن والأفق وتكراره العنوان العام للمجموعة بألفاظ أخرى ولمخاطب آخرلكن بالمضمون نفسه ( فاستعدني من الغياب حضورا ) كما نقرا معاناة الضياع والتشتت والحيرة والقلق في قوله :
من ذا يقودُ الخطى، لا دربَ يَصدُقُني
ولا أجنَّةُ نورٍ في دُجى الرَحِمِ
الليل يرسو على شطآن أوردتي
كَلَّ الهزيعُ، وقلبي الصبُّ لم ينمِ
أحاورُ الصمتَ، أستجدي معارجهُ
عسايَ أصعدُ مثل الطيِّبِ الكَلِمِ
لأمسحَ البردَ عن عينيكَ يا أبتي
آتٍ من الغيبِ، محمولاً على الحُلُمِ
فامددْ يديكَ بنور الله واثقةً
لأستعيدَ وجودي من كُوى عَدمي ..
وكأن الشاعر يرسم بريشة فنان ملامح الشخصية الاغترابية لا بالألوان بل بتراكيب إبداعية زادتها براعة نحوية في فرز ملامحها العميقة (لا درب، ولا أجنّة نور) ولفظة أجنّة التي تحيلنا إلى يأس في قرب الخلاص وتفاؤل في الخلاص في الوقت ذاته فالأجنّة وإن ولدت تحتاج ردحا من الزمن فما بالك إذا نفاها بلا النافية للجنس هي والدروب إليها ولكننا نلمح بارقة أمل وراء ظلمة الكلمات ( دجى وليل وصمت ) حيث يستند إلى قوى غيبيه يرجوها بـ ( عسى ) وهي الأب والحلم والله، فهي القادرة على استعادته من كوى اغترابه وعدميته ولا يخفى ما يعانيه من ضيق في كلمة ( كوى ) .
وإذا انتقلنا إلى البحث في هوية الشاعر التي أشار إليهافي العنوان مرتين مختزلة في الضمير فقط ـ كما قدمنا ـوعلاقة الهوية بالاغتراب انطلاقا من أنّ الهوية ليست موضوعا ثابتا أو حقيقة واقعة بل هي إمكانية حركية تتفاعل مع الحرية وهي قائمة على الحرية لأنّها إحساس الذات والذات حرّة وخلال بحثنا عن هذه الهوية نعثر على هويتين للشاعر هوية أدت إلى اغترابه وهوية يسعى إليها وراء اغترابه
فالهوية الأولى ورثها من بيئته التي ورثته معها واقعا مرضيا مرفوضا وقيدته بكل ما فيها من استبداد ضدّروحه وجسده ورضوخ لمعتقدات روحية ودينية نقرا بعض ملامحها وهذه الملامح هي نفسها مقومات البيئة التي دفعت الشاعر إلى الاغتراب في نصوصه ومنها:إحساس الشعور بالنقص والرضوخ له والولوج فيه :
أنا النقص المقدّر باحتمال ومالي غير أن ألج احتمالي
والمكبل بالسكوت الذي هو من ذهب أمام الكلام وحينها :
ينوءُ الكلام بما فيه من فضّة الاعتقادِ وطين اليقينْ
عالم قدري تحكمه قوى لا حول لنا في مشيئتها إذا أرادأمرها ( كن فيكون )
مساراتُ كافٍ وإيحاءُ نونْ… كذا علَّمتني البيوت الفقيرةُ
وتتماهى في هذا العالم هوية الأنا مع النحن:
نحن ملحُ الحروبِ، نُطحنُ حتى .. يحصدَ الجائزاتِأحسنُ عرضِ
نحن لا نحسبُ الشتاءَ طقوساً..
بل ذئاباً كأنها هتكُ عِرْضِ
نحنُ جوعٌ، وغربةٌ، وضياعٌ
وشريدٌ لأهله غير مُرضِ
ثم تبدأ هذه الأنا بالتمرد على واقع النحن لتنفرد بصوتها وهويتها :
تفاحة النور أغوتني فقام دمي إلى خطيئتها يسعى على قدم
ثم يبدأ غياب الزمان والمكان الواقعيين بفعل الرفض الواعي :
أمشي على الأرض لكن ليس تحملني فخطوة الضوء لا تمشي على الطين
مذ أن عبرت جدار الوقت ما حفلت روحي بأيلول يمضي أو بتشرينِ
وتتنوع خطوط الهوية الاغترابية وتقدم النصوص تفاصيلها بأشكال مختلفة نسمعها حينا تعرف نفسها متقمصة أعلىما تطمح إليه من مراتب الألوهة لكنها ألوهة معذبة تشكو الوحدة في سدرتها وتتوق إلى رسول وسيط يحمل رسالتها من عالم عزلتها :
أنا سيدُ الأرضِ
لا شيءَ قبلي.. ولا شيءَ بعدي..
أمرُّ وحيداً إلى كوكبي
فما من خيالٍ نبيٍّ يطولُ
ليُسرى به إلى سِدرتي
ولا من صديقٍ ينامُ بأقدار ذاك الرسولِ
ليهجرَ صيفَ الأوانِ القصيرِ.. ويدركَ بُعدي..
تعالى جلالي..
وفي قصيدة حين أخرجت من دمي، يخرج الشاعر من هويته الأولى إلى الثانية مصرحا باغترابه وهويته الجديدة :
أنا ابن أنا، لا شيء يسبق همتي
وإني غريبٌ في ثمودٍ كصالحِ
تَقاسَمُني الأقدار حتى كأنني
جُموع شتاتٍ, إنما جدُّ واضحِ
فالهوية تتحول إلى اغتراب حين تنقسم الذات على نفسها كما أنّ فقدان الهويّة يؤدي إلى الاغتراب وهذا ما رأيناه في شعر ياسر الأطرش.
ومن كل ما سبق نخلص إلى أنّ عنوان المجموعة كان مرآة تختصر ما جاء فيها، وشرفة ضيقة المساحة لكنّها تطل على جميع دهاليز اغتراب الشاعر ورحلته القلقة بين هويتين حالما بهوية إنسانية تتجاوز الحدود التاريخية والجغرافية تتضمن قيما عامة كالحرية والعدالة والمساواة فيها قواسم مشتركة مع الناس جميعا وبالتالي هي هوية وجودية وبلا حدود .