فضاءات

د. سعيد الصقري يكتب: كيف نتفادى الضغط على الريال العماني والمحافظة على قيمته؟

د.سعيد الصقري يكتب: الثابت والمتغير في المالية العامة
د.سعيد الصقري يكتب: الثابت والمتغير في المالية العامة د.سعيد الصقري يكتب: الثابت والمتغير في المالية العامة

الدكتور سعيد بن محمد الصقري- رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية

كما علمتم جميعا بأن الخبر الذي نشرته وكالة رويترز للأخبار يوم أمس بأن السلطنة تتفاوض مع بعض دول الخليج (الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية) للحصول على وديعة بمليارات من الدولارات لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي غير صحيح.

ومع ذلك سبق وقلنا في مقال سابق في 9 نوفمبر 2016م بأن ميزان المدفوعات يتعرض إلى ضغوطات بسبب تحول الحساب الجاري إلى عجز يقدر بحوالي 4 مليارات ريال عماني مقابل فائض في السنوات السابقة، وبسبب انخفاض الفائض التجاري للبضائع مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات القريبة الماضية.

ونتساءل مع تحسن أسعار النفط، نتساءل كيف يتم المحافظة على قيمة الريال العماني من الانخفاض؟

كما هو معلوم بأن المحافظة على سعر الصرف الثابت (مثل الريال العماني المثبت بالدولار الأمريكي) يتطلب من الحكومة المحافظة على ميزان المدفوعات فائضا أو قريبا من الصفر. وتبقى مهمة البنك المركزي في المحافظة على سعر التثبيت. فإذا ارتفع الطلب على العملات الأجنبية وزاد المعروض من الريالات العمانية يقوم البنك المركزي بشراء المعروض منها للمحافظة على قيمة العملة من الانخفاض وإذا انخفض الطلب على العملات الأجنبية وقل المعروض من الريالات يقوم البنك المركزي ببيع الريالات للمحافظة على قيمته من الارتفاع.

وبسبب انخفاض أسعار النفط وتحول الحساب الجاري إلى عجز في ميزان المدفوعات، قام البنك المركزي بشراء المعروض من الريالات في أسواق الصرف الأجنبي باستخدام احتياطياته من العملات الأجنبية بهدف خفض عجز ميزان المدفوعات. وبما أن البنك المركزي بدأ يستنفد أصوله الاحتياطية من العملات الأجنبية، يجب عليه إما أن يخفض قيمة الريال لتعديل ميزان المدفوعات أو أن يعزز أصوله الاحتياطية من العملات الاجنبية.

فما هي إيجابيات وسلبيات المحافظة على قيمة الريال العماني؟

تخفيض قيمة الريال سيعني خفض قيمة الريال مقابل العملات الأخرى وهذا سيؤدي إلى ارتفاع سعر الواردات والسفر إلى الخارج، ولكن مقابل ذلك ستصبح الصادرات العمانية أرخص وأكثر تنافسية في الأسواق العالمية. فضلا عن ذلك، ربما يؤدي خفض قيمة الريال إلى تحفيز نمو قطاع الصادرات وتوليد فرص عمل في قطاع التصدير وعليه سيؤدي إلى خفض عجز الحساب الجاري، وهذا أمر مهم إذا كان العجز في الحساب الجاري نتيجة عدم القدرة على المنافسة. وارتفاع الصادرات والطلب الكلي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل.

في الجانب المقابل، من المحتمل أن يؤدي تخفيض قيمة العملة إلى رفع تكلفة الواردات المستخدمة في الإنتاج الصناعي وهذا سيؤدي الى تضخم وارتفاع عام في مستوى الأسعار. أما على المدى البعيد، قد يؤدي تخفيض قيمة الريال إلى انخفاض الإنتاجية بسبب تراجع الحوافز لدى الشركات المصدرة لتخفيض تكاليف إنتاجها بسبب اعتمادها على تخفيض قيمة العملة لتحسين قدرتها التنافسية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى جذب رؤوس الأموال الخارجية والاستثمار الاجنبي المباشر، فإن الخفض الكبير في قيمة العملة قد يخيف المستثمرين الدوليين وبخاصة المستثمرين في السندات الحكومية لأنه يحد من قيمة ممتلكاتهم.

وبالعودة إلى تعرض ميزان المدفوعات إلى ضغوطات بسبب عجز يقدر بحوالي 4 مليارات ريال عماني مقابل فائض في السنوات السابقة، وانخفاض الفائض التجاري للبضائع بسبب انخفاض قيمة صادرات النفط الخام نتساءل هل من الحكمة إعادة النظر في قيمة الريال العماني؟

للإجابة عن هذا التساؤل يجب الأخذ في الاعتبار بأن العجز في ميزان المدفوعات وانخفاض قيمة صادرات السلطنة من النفط والغاز كان في الأساس بسبب انخفاض قيمة الصادرات من النفط والغاز. فحتى يوليو 2016 انخفضت قيمة الصادرات من النفط والغاز إلى حوالي 3126 مليون ريال عماني، بانخفاض بلغ 35% عن الفترة نفسها من عام 2015م التي سجلت فيه 4809 ملايين ريال عماني. علاوة على ذلك، أوضحت الإحصائيات أن الصادرات السلعية غير النفطية انخفضت بنسبة 24.9% لتبلغ 1423 مليون ريال عماني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2015 التي بلغت فيها 1894 مليون ريال عماني.

انخفاض قيمة صادرات السلطنة من النفط والغاز ليس بسبب عدم القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية ولكن بسبب انخفاض سعر النفط الخام في الأسواق العالمية، ولكن هل انخفاض قيمة الصادرات السلعية غير النفطية نتيجة عدم القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية؟ هل هناك حاجة إلى إعادة النظر في قيمة الريال العماني في ظل السعي إلى تنويع الصادرات السلعية غير النفطية ؟

Your Page Title