محمد الهادي الجزيري
أنا الغنيّ وأموالي المواعيد ..، نعم قالها المتنبي وارتاح ، وتركنا نردّدها كلّما ضاقت بنا الدنيا والورقة ، نعم إنّه مزر واقع أغلب الشعراء العرب ، يقتاتون بأحلامهم ويشبعون الحزانى بأمانيهم ..إلى أن يموتوا ويتركوا قصائدهم شاهدة على العناد الأسطوري …
اليوم عنّ لي أن أحدّثكم عن فتاة مهذّبة ، أكنّ لها كلّ المودة والاحترام فاجأتني بأن وصلني صوتها عن طريق هاتفي فكان هذا الحوار ، ومادامت طفلة كبيرة فلن أسمّيها لكي لا تغضب ….
ــ أرغب في استضافتك ضيف شرف في الملتقى الفلاني
ــ هذا يسرّني ويشرّفني
(بعد التطرّق لتفاصيل الرحلة البريّة العظيمة التي سأقوم بها وجملة التزاماتي…)
ــ صديقتي هل تخصّصون مكافأة للضيوف؟
ــ لا ، نقدّم لهم هدايا
ــ أنا مهنتي الكتابة وأهمّ روافدي المالية مشاركتي في الأمسيات والملتقيات
ــ هل الشعر مهنة؟
……
( في النهاية ،تركنا الباب مفتوحا دون الرغبة في لمسه مجدّدا ، وظللنا صديقين بهيين )
لي أسئلة بسيطة لصديقتي الشاعرة
هل بالشعر وحده يعيش الإنسان ؟
أليس من حقّ من يهب حياته كلّها للكتابة أن يجعل منها رافدا بسيطا لإعالة الأبناء والزوجة والقبيلة وإسعاد الحزانى من حين إلى آخر؟
أمن حقّ المطربين ولا عبي الكرة والراقصات والنطيحة والعرجاء وما خلّف الجهل الحصول على ” وسخ الدنيا ” ونُحرم منه نحن أهل العفّة المالية والطهر الغذائيّ والعشق الصوفيّ ووو؟
ختاما يا صديقتي لست أدافع عن نفسي بل عنك وعن كلّ كاتب ومبدع كرّس عمره اليتيم محاولا تقديم الإضافة إلى المخزون المعرفي والإبداعي لهذه الأمّة المحاصرة بالوحوش والجهل……
وفي حديثنا عن الشعر والأموال أقصّ عليكم هذه الواقعة لتكون مسك الختام :
من بين أصدقائي شاعر تونسي طيّب وطريف ، تمّت مناداته في ختام أمسية شعريّة وحين وقف على المنبر لاحظ خروج ” أمين المال ” المسؤول عن المكافآت وخشي أن ينقرض مثلا فقال:
“باجة جميلة
وأنا حزينْ
شكرا.”
وانطلق سهما إلى حضن أمين المال .
الحياة حلوة