أخبار

الشحرية: لغة عُمانية تحت التهديد، فما هي قصتها؟

الشحرية: لغة عُمانية تحت التهديد، فما هي قصتها؟
الشحرية: لغة عُمانية تحت التهديد، فما هي قصتها؟ الشحرية: لغة عُمانية تحت التهديد، فما هي قصتها؟

مسقط-أثير

إعداد: أوليفر ألن
ترجمة: إيمان الحوسنية


منذ ظهور الإسلام، كان العرب يهتمون في الغالب بالعربية، خاصة لأن الفهم الشامل للقرآن الكريم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال معرفة شاملة باللغة العربية. ونتيجةً لهذا التركيز على اللغة العربية لم يتم – للأسف- توثيق اللغات الأخرى الأصلية في شبه الجزيرة العربية العربية وعلى وجه الخصوص في السلطنة.

تشتهر ظفار بأمطارها الموسمية والجبال الخضراء، ومع ذلك لا يعرف إلا القليل عن الشحرية أو المهرية، وهما لغتان ساميتان من أصل المنطقة واللتان لا يزال يُتحدَث بهما على نطاق واسع في الجنوب.

والشحرية، التي تعرف أيضا باسم الجبالية، هي لغة يتم التحدث بها في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية وظهرت قبل فترة طويلة جدا من ظهور اللغة العربية الحديثة. والواقع أن الشحرية ، جنبا إلى جنب مع العديد من اللغات السامية الأخرى التي تعيش في هذه المنطقة، وبعضها لم يعد موجودا، تعد السلف السابق للعربية الحديثة. في مرحلة ما من التاريخ، كان يتحدث بها في منطقة تمتد من منطقة حضرموت اليمنية إلى رأس الحد في شرق عمان. على الرغم من أنه ليس لديها شكل مكتوب، فالشحرية هي لغة كاملة وتحتوي على قواعد اللغة.

حتى حوالي أربعين عاما، كانت الشحرية يتحدث بها من قبل جميع سكان ظفار كلغة مشتركة، بما في ذلك من قبل الناطقين باللغة العربية في صلالة الذين كانوا يتحدثون بها بطلاقة. أما ما تبقى من سكان ظفار فقد كانوا جميعهم يتحدثون بها كلغتهم الأم. أما اليوم، فقد اتخذت اللغة العربية شكل التواصل المتبادل في ظفار، ولذلك فالشحرية الآن يتم التحدث بها حصرًا من قبل أولئك الذين هي لغتهم الأم فقط.

التقت “أثير” مع علي الشحري، وهو باحث في اللغة الشحرية وقد كتب عددا من الكتب عنها وعن أصولها . وقد لاحظ الشحري أن غالبية سكان ظفار لا يزالون من المتحدثين الأصليين للغة، وبالتالي فإن اللغة لا يزال يتم التحدث بها على نطاق واسع في العديد من الأسر. وهناك عدد من الأجيال الأكبر سنا من المتحدثين بها، ولا سيما أولئك الذين يعيشون في الجبال، لا يتكلمون اللغة العربية، ومنذ حوالي خمسين عاما فقط بدأ سكان ظفار يتعلمونها.

“أتذكر أنه عندما كنت راشدا بدأت أتكلم العربية، حتى عام 1964 لم أكن أعرف كلمة واحدة من العربية، “،هكذا يقول الشحري.

ويقول أيضا إن استخدام الشحرية بين الجيل الجديد آخذ في التراجع، مستشهدا بعدم الاهتمام بتحدثها، حيث بدأوا يتحولون إلى اللغة العربية بدلا من ذلك. وخوفه هو أنه إذا لم تبذل الجهود، سوف تختفي اللغة قريبا.
“نحن نتحدث الشحرية في المنزل، كما هو الحال مع معظم عائلات الشحري، أطفالنا يتحدثون ذلك أيضا، ولكن مع أخطاء، ولكن الجيل الجديد يحب اللغة العربية، وإذا بقيت الأمور كما هي، فإن اللغة الشحرية سوف يموت”.


ويوضح الشحري أن هناك جهودا، من بين بعض جيل الشباب من الناطقين بها وحتى من غير العمانيين ، للحفاظ على اللغة من خلال إنشاء معهد في ظفار لتدريسها.
وكما ذكر، لم يكن للشحرية شكل مكتوب، إلا أنه وفقا لعلي الشحري، اكتشف مؤخرا نظام كتابة قديم في سلسلة من الكهوف في ظفار. وعلى الرغم من أن النقوش لم يتم فك رموزها حتى الآن، إلا أن اللغويين والمؤرخين يعتقدون أن هذا كان شكلا من أشكال الكتابة للغة الشحرية، وتم استخدام الحروف العربية فيها.


هناك أدلة أيضا على أن العديد من أسماء البلدان في ظفار، مستمدة كل معانيها من الشحرية، مثل ضلكوت، رخيوت و ريسوت. وهناك عدد من المتحدثين بالشحرية يتواصلون بالشحرية عن طريق استخدام الحروف العربية.

الجدير بالذكر أن بعض المتكلمين باللغة يشيرون إليها على أنها الشحرية، في حين أن البعض الآخر يطلق عليها الجبالية ، الذي يترجم إلى “الجبل”. ويوضح علي الشحري أن اللغة عرفت تقليديا باسم الشحرية، وأنه في الآونة الأخيرة فقط ظهر مصطلح الجبالية.

وهناك لغة أخرى من اللغات السامية في شبه الجزيرة العربية الجنوبية التي لا تزال يتم تحدث بها اليوم وهي المهرية. ويميل اللغويون إلى الاتفاق على أن المهري والشحرية ينحدران أصلا من المصدر نفسه ، وكلاهما يتفرعان لتشكيل لغات متميزة. ويتحدث باللغة المهرية عدد من قبائل منطقة مهرة في اليمن وكذلك في جنوب ظفار، مثل مازيونا، حيث لا يزال يتحدث بها إلى اليوم. ولا تزال هناك أيضا متحدثون بها في جنوب وسط المملكة العربية السعودية. وهناك جدل حول ما إذا كانت اللغة العربية الحديثة مستمدة من الشحرية أو المهرية. وبسبب حقيقة أن القليل من تاريخ هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية قد تم تسجيله بدقة، فإنه ليس من المعروف بالضبط مدة قدم هذه اللغة، على الرغم من أنها تقدر أن تمتد آلاف السنين. على الرغم من أن كلا من اللغتين ساميتان ، مثل اللغة العربية، إلا أن كل من الشحرية والمهرية غير مفهومة للناطقين باللغة العربية.ومثل الشحرية، فالمهرية تفتقر إلى شكل مكتوب.

  1. لقاء علي الشحري حديث عن اللغة الشحرية

لقاء علي الشحري حديث عن اللغة الشحرية

كما ذكرنا، فإن استخدام اللغة العربية في ظفار قد نما على مدى الجيل الماضي بشكل كبير وبطبيعة الحال، فإن حقيقة أن اللغة العربية لها شكل مكتوب وليست مجرد لغة شفهية مثل الشحرية أو المهرية فقد أسهم ذلك في انتشارها وترسيخها بشكل كبير. يقول علي الشحري: “حقيقة أن الجيل الجديد ليس لديه اهتمام يذكر بتحدث لغته الأم وذلك يعني أن الأمر ليس سوى مسألة وقت قبل أن تنقرض الشحرية، وعندما يتقدم الجيل الأكبر من المتكلمين سيأخذون لغتهم معهم” مع الأسف. وهذا هو السبب في أنني أضع جهدا كبيرا في توثيق اللغة الشهرية الآن، حتى يبقى شيء حتى بعد وفاتها.

Your Page Title