كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره

كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره
كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره

أثير – تاريخ عمان
إعداد : نصر البوسعيدي

أثير – تاريخ عمان
إعداد : نصر البوسعيدي


لا يذكر التاريخ سيرة الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي الذي حكم تقريبا من سنة (1680 -1692م ) إلا ويذكر سيرته العطرة المرصعة بالعلم والكرم والتواضع ودماثة الأخلاق التي عرف بها طوال سيرته التي نفتخر بها جميعا، ويكفي أن نعلم أن الإمام بلعرب هو صاحب أول  صرح علمي متكامل في عمان والأشبه بالجامعات والكليات التي نراها اليوم على أرض الواقع.

فحصن جبرين الذي بناه كتحفة معمارية جميلة صامدة لكل الأجيال المتعاقبة في عمان كانت هي جامعة كل المتعلمين الذين يفدون إليها ليستنيروا من علمائها معارفهم في شتى العلوم لا سيما وأن الإمام بلعرب نفسه كان يشرف عليهم ويدعمهم بالغالي والنفيس من أجل أن يخلق أجيالا لعمان تحمل العلم والخير لمستقبل أفضل.

لقد كان الإمام بلعرب بن سلطان عادلا كريما ودودا مرهف الحس لا يرد أحدهم خائبا خاصة الضعفاء والمحتاجين، وكان يسمى من شدة كرمه أبا العرب.

ومن قصص كرمه وحسه بالمسؤولية اتجاه الجميع، تذكر بعض المصادر التاريخية كابن رزيق بأن رجلا من أهل العراق ( البصرة) تحديدا أصيب بنكبة في ماله بعدما كان على سعة من الرزق، وحينما سمع بسيط وكرم الإمام بلعرب، أتاه إلى عمان وتوجه لملاقاته في حصن جبرين، فوجد بتلك الأيام التي وصل فيها بأن الإمام مشغول جدا في أمور الحكم التي تمثل جل اهتمامه، فقفل راجعا إلى العراق مراعيا وضع وانشغال الإمام.

وحينما علم الإمام بلعرب بن سلطان بقصة ابن العراق وسفره حزن كثيرا وشعر بالندم نتيجة تقصيره وقت انشغاله، فأرسل أحدا من أصحابه حاملا المال ليقتفي أثره في العراق ويسلمه الأمانة أو يسلم ابناءه إن غادر الحياة، وفعلا خرج صاحب الإمام من عمان متوجها إلى العراق وحينما نزل إلى البصرة أخذ يسأل عن الرجل حتى وجد منزله ولكن وجد بأن الرجل المعني قد وافاه الأجل المحتوم، فتم تسليم المال لورثته وأخذ منهم كتابا يشيرون فيها للإمام بوصول المال إليهم حتى تطمئن نفسه التي هلكت نتيجة التفكير في ذلك الرجل الذي ابتلاه الله بخسارة ماله.

هكذا كانت سيرة أجدادنا الأكارم حسن مسؤولية وعدل وعطف وكرم لكل من عانى من تقلبات الزمان وهلكته الظروف، ويكفينا أن نعلم بأن الإمام بلعرب مات بعدما دعا ربه بأن يطفئ نار الفتنة بينه وبين أخيه سيف بن سلطان   ( قيد الأرض) حينما أراد الأخير أن ينتزع الإمامة منه فحينما قرر قادة الفريقين أن يتبارز الأخوان والمنتصر هو من يحكم، فضل الإمام بلعرب الموت قبل لقاء أخيه، ويقول المؤرخون بأنه كان ليلتها يدعو الله بأن يفارق الدنيا بدل هذا المصير الذي آلمه جدا، وقد اختاره الله فعلا ولم يكمل ساعاته حتى الصباح إذ وجد جثمانه مفارقا للحياة ليرحل عن الدنيا تاركا حكمها ومتاعها لمن رغب بها، ودفن هناك في حصن جبرين ولا زال قبره ماثلا للجميع حتى يومنا هذا.

كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره
كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره كرم الإمام العماني بلعرب بن سلطان مع ابن العراق الذي تتبع أثره

************************

المرجع: الشعاع الشائع في ذكر أئمة عمان، تأليف حميد بن محمد بن رزيق، تحقيق عبدالمنعم عامر، الطبعة الثالثة 2016م، وزارة التراث والثقافة – سلطنة عمان.

المرجع

Your Page Title