مسقط-أثير
أدى اكتشاف الأسمدة المعدنية في القرن الماضي إلى تراجع اهتمام المزارعين بالأسمدة العضوية وانصرفوا للتسميد المعدني نظرًا للنتائج السريعة التي تعطيها هذه الأسمدة ولكن بالرغم من أهميتها، إلا أن الاستخدام المفرط لها أدى إلى حدوث انعكاسات سلبية وخطيرة على صحة الإنسان والبيئة، عليه طالب عدد كبير من الباحثين بضرورة استخدام الأسمدة العضوية والتقليل من إضافة الأسمدة الكيميائية للأراضي لمنع التلوث البيئي والحصول على محاصيل ذات صفات جديدة وتركيز العناصر الغذائية المناسبة في الثمار، دون أن يكون لها تأثيرات ضارة على صحة الإنسان على المدى البعيد.
وحول مفهوم وأهمية السماد العضوي قال المهندس ناصر بن سالم بن سيف الوهيبي، باحث تربة أول بالمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية: بأن السماد العضوي هو بقايا الحيوان أو النبات أو خليط منهما ويعمل على تحسين خواص التربة الكيميائية والفيزيائية (الطبيعية) ويمد النبات بالعناصر الغذائية.
وأضاف ان معظم ترب السلطنة رملية إلى رملية طمية خفيفة القوام ضعيفة القدرة في الاحتفاظ بالمياه والعناصر الغذائية وفي هذه الحالة فإن إضافة السماد العضوي يعمل على زيادة كفاءة التربة في حفظ المياه والعناصر الغذائية ومد النبات بالمغذيات ولكن مع إضافة السماد الكيميائي بنسبة معينة من أجل إنتاجية اقتصادية عالية. وأكد بأن للسماد العضوي دورا مهما أيضا في رفع نسبة المادة العضوية فيها والتقليل من تسرب بعض المركبات الكيميائية الملوثة للمياه الجوفية والناتجة من إضافة بعض الأسمدة الكيميائية، هذا بالإضافة إلى دور السماد العضوي في وقاية التربة الزراعية من الانجراف بفعل المياه والرياح وكما انه يساعد في إيجاد جو ملائم لتكاثر بعض الميكروبات الدقيقة النافعة للنبات والتربة.

وحول طريقة تحضير السماد العضوي سواء بالمزرعة أو بالمنزل قال المهندس ناصر الوهيبي : يتم تصنيعه بطريقة بسيطة للغاية فقد درج المزارعون في السلطنة ومنذ القدم على تخصيص مساحة صغيرة من مزارعهم يجمعون فيها مخلفات المحاصيل بالإضافة إلى مخلفات الحيوانات لعمل ما يسمى بالكومة السمادية، من أجل إنتاج سماد عضوي مخمر، حيث توضع تلك المخلفات على شكل كومة ، ثم يقومون بتقليب مكوناتها ورشها بالماء بين فترة وأخرى في مكان مفتوح لأشعة الشمس وتستمر العملية حتى تتغير رائحة الكومة إلى رائحة تشبه رائحة التربة ويصبح لونها بنيا أو قريبا من اللون الأسود وهذه علامات جاهزية السماد لإضافته إلى التربة أو لتعبئته. وقد تأخذ الكومة السمادية حتى تصبح جاهزة ما بين شهر إلى 6 أشهر وذلك حسب طبيعة ونوعية المواد الخام المكونة لها.
ويستكمل المهندس ناصر الوهيبي حديثه حول طريقة تحضيره بالمنزل حيث بالإمكان تخصيص وعاء خاص ( سلة مهملات بلاستيكية بحجم مناسب ( مثقب من الجوانب يوضع فيها بعض مخلفات المطبخ مثل : قشر البيض وبقايا الفواكه والخضار ونشارة الخشب وأوراق وأغصان الأشجار وأوراق الجرائد العادية وغيرها من المواد التي تكون من أصل نباتي، ويتم وضع الوعاء في مكان مفتوح للشمس بحديقة المنزل، مع تقليب مكونات الوعاء بين فترة وأخرى حتى تتحلل مكوناته وتكون جاهزة لإضافتها لحديقة المنزل كسماد طبيعي آمن للبيئة والنبات.
وأضاف أنه بالإمكان جمع أوراق نباتات حديقة المنزل المتساقطة ودفنها مباشرة في التربة دون تخمير، وبدفن بقايا عملية تقطيع الأسماك الطازجة مباشرة تحت الأشجار بعد إزالة العظام، لأنها مصدر غني بالمواد المغذية للنبات.
وقال أيضا إنه تباع حاليا بالسوق العالمي بعض الاجهزة الحديثة التي تستخدم لتصنيع السماد العضوي خلال مدة لا تتجاوز الـ24 ساعة، حيث يمكن استخدامها في إنتاج سماد عضوي من المخلفات العضوية بالمنزل كباقيا الخضار والفاكهة وقشر البيض و مخلفات حديقة المنزل من أوراق وأغصان.
كما أكد المهندس ناصر الوهيبي ضرورة تحلل المادة العضوية حيث ان إضافة مادة عضوية غير متحللة يمكن أن تتسبب في ظهور بعض الآثار السيئة على النبات حيث تؤدي إضافة هذه المواد العضوية غير المتحللة إلى نقص الأكسجين بالتربة واختناق الجذور وفقد النيتروجين في صورة غازات. وأيضا إلى اختلال النسبة بين الاكسجين إلى ثاني أكسيد الكربون فيها مما يؤدي إلى التأثير على العمليات الحيوية والكيمائية التي تحدث بالتربة كما تتزايد أعداد الميكروبات بدرجه كبيرة في حالة وجود المواد العضوية غير المتحللة ويتزايد نشاطها ويؤدي ذلك لمهاجمتها لدبال التربة وهدمه. كما تتسبب أيضا في انتشار الحشائش والنيماتودا والامراض الفطرية والبكتيرية ورفع دجة ملوحة التربة.
وفي ما يتعلق بجهود وزارة الزراعة والثروة السمكية حول تأكيد جودة ومنافع السماد العضوي قال المهندس ناصر الوهيبي بأن الوزارة توصي باستخدام الأسمدة العضوية جنبا إلى جنب مع الأسمدة الكيميائية عند زراعة المحاصيل الزراعية المختلفة، ومن التجارب البحثية المنفذة، تجربة تم فيها عمل مقارنة بين اثر استخدام الأسمدة الكيميائية والأسمدة العضوية على إنتاجية الطماطم في الحقل المكشوف، وكان الهدف الرئيسي لها هو التوصل إلى الكميات المناسبة من الأسمدة العضوية والكيميائية والتي تعطي إنتاجية جيدة، وبالتالي يمكن الاستغناء عن نسبة معينة من الأسمدة الكيميائية و التعويض عنها بالأسمدة العضوية لإيجاد نوع من التوازن الطبيعي في التربة والمحافظة عليها من التدهور على المدى البعيد، و من خلال نتائج موسمين متتاليين من البحث وإجراء التجارب أشارت البيانات إلى أنه عندما يتم إعطاء النبات 50% من احتياجه من السماد على شكل سماد عضوي و50% من احتياجه على شكل سماد كيميائي يعطي إنتاجية أفضل من استخدام السماد العضوي أو السماد الكيميائي منفصلين.
وقال المهندس ناصر الوهيبي إن من الأدوار المهمة التي تقوم بها مختبرات المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية انه يجب أولا معرفة الحالة الغذائية للتربة قبل زراعة التربة بمحصول معين أي معرفة تركيز المغذيات فيها ، وذلك بأخذ عينات تربة من الأرض المراد زراعتها من أعماق تتراوح من 30 إلى 60 سم وذلك حسب نوعية المحصول من اجل تقدير نسب المغذيات فيها، ثم عمل تقرير يوضح الحالة الغذائية للتربة، وعلى أساس النتائج و التوصيات الواردة في التقرير يتم وضع جدولة التسميد المناسبة وبما يناسب الحالة الغذائية للتربة و نوعية المحصول.
وقد عملت وزارة الزراعة والثروة السمكية على ايجاد لائحة لمواصفات قياسية لإنتاج الأسمدة العضوية وتداولها ، حيث تم تضمين هذه المواصفات في نظام تداول واستعمال الأسمدة ومحسنات التربة ومنظمات النمو الزراعية وهي جزء من قانون الاسمدة ومحسنات التربة الزراعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم62 / 2006 م، ومن اهم تلك المواصفات خلو الاسمدة العضوية من الملوحة العالية والمسببات المرضية والتربة و بذور الحشائش والرطوبة العالية .
وأكد المهندس ناصر الوهيبي أن للوزارة جهودا مستمرة في دعم المزارعين فنيا وذلك من خلال تأهيل الكوادر الفنية المدربة من خلال عقد دورات تدريبية لهم وكان آخرها عن كيفية اختيار الأسمدة المناسبة لتسميد المحاصيل الزراعية، والتي تقوم بدوها في إر شاد وتوجيه المزارعين في عملية الاستخدام الأمثل للأسمدة وانتقاء الجيد منها، وطرق التسميد المناسبة وأوقات إضافتها للمحاصيل الزراعية وذلك من خلال التوصيات والنصائح التي يسديها الكادر الفني أثناء الزيارات والمعاينات الميدانية لحقول و المزارعين.