أثير – نصر البوسعيدي
اختتم اليوم المؤتمر الدولي الخامس لحركة الطباعة العمانية ودورها في التواصل الحضاري، في رحاب الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا والذي شمل خلال يومي الأربعاء والخميس ٢٣-٢٤ محرم ١٤٤٠هـ الموافق ٣-٤ أكتوبر ٢٠١٨م، أوراقا بحثية مهمة ناقشت العديد من الجوانب المتعلقة بمسيرة وتاريخ حركة الطباعة العمانية وأثرها في التبادل الحضاري نلخصها لكم عبر “أثير” كالتالي:
1 – الورقة الأولى قدمها الشيخ أحمد بن سعود السيابي بعنوان تجربتي في استطلاع الكتب وذكر من خلالها بأن الهدف الأساسي من طباعته بعض الكتب هو التعريف بالفكر الإباضي في ظل شح الكتب التي تُعرّف به، ولذا كانت البداية بالتوجه نحو طباعة كتاب “مشارق أنوار العقول” للإمام نور الدين السالمي بعد الإصرار على الشيبه محمد بن عبدالله السالمي لتسهيل هذه المهمة من خلال استعارة النسخة الوحيدة التي لديه لطباعته بعدما قل تداوله نتيجة عدم وجوده متاحا لدى الكثير، وأضاف بأنه جمع المال والتبرعات لطباعته فتكفل الشيخ سعيد بن حمد الحارثي لطباعته التي تمت في عام 1978م، ومن ثم توالت الجهود لطباعة الكتب الأخرى كمشروع بداية من عام 1979م، ككتاب أحكام السفر في الإسلام، وكتاب مختصر تاريخ الإباضية، وكتاب سبيل العبادات، وديوان قصائد من الماضي والخ.
2- الورقة الثانية التي كانت بعنوان “مطابع النهضة مسيرة وعمل” قدمها الشيخ زياد بن طالب المعولي وهو من العائلة المؤسسة لمطابع النهضة فذكر مسيرة والده الذي أسس في البداية مجلة النجوم العمانية ومجلة النهضة العمانية عام 1974م، وبعد عودته إلى عصر النهضة حرص على شراء مكتبة الحياة لدار نشر لبنانية في مسقط عام 1975م، وكان مقرها في مطرح ثم تبلورت الفكرة لإنشاء مكتبة الاستقامة التي كان لها دور بارز في مجال النشر بفترة الثمانينات، أما مجلة النهضة فقد بدأت كمجلة سياسية شهرية في عام 1973م، وبسبب عدم وجود آلات طباعة، اضطر والده لطباعة المجلة في دولة الكويت بدار مجلة صوت الخليج التابعة لعائلة خربيط، وبعد ذلك تم طباعتها في بيروت عام 1978م، وبعد ذلك استقرت عملية الطباعة في السلطنة عن طريق مطبعة مزون.
وبعد فترة من ذلك تبلورت الفكرة لدى العائلة لإنشاء مطبعة خاصة بهم في عمان من خلال قرض إسلامي من إحدى البنوك الخليجية،فتم لهم افتتاح مطبعة النهصة عام 1987م.
3- أما الورقة الثالثة فقد كانت بعنوان “تجربتي في ترجمة الكتب.. دراسة تحليلية لكتاب عُمان واليابان تبادل ثقافي مجهول بين البلدين” قدمها أ.مجدي حاج إبراهيم والذي قال بأن الكتاب المشار إليه الذي اشتغل على ترجمته للعربية ثري جدا بالأخبار السياسية والأنشطة التجارية وعمق المعلومات الذي يحويه اتجاه العلاقات العمانية اليابانية عبر التاريخ، وبعد ذلك أشار الباحث لفصول الكتاب فجاء الفصل الأول لتقديم عمان بصورة موجزة جغرافيا ومناخيا وتاريخيا، والفصل الثاني تناول سيرة حياة السلطان قابوس وأسباب وصوله للسلطة وعن دور جلالته في حسن إقامته للعلاقات الدبلوماسية مع دول العالم، والفصل الثالث تناول تاريخ العلاقات التجارية بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا بواسطة قوافل طريق الحرير، والنشاط البحري لأهل عمان منذ العصور القديمة بدول آسيا، وفي الفصل الرابع تناول الكتاب عن تاريخ الاتصالات بين اليابان ودول آسيا وعن أول عربي زار اليابان وأول ياباني زار بلاد العرب وعن تاريخ الوصول البرتغالي لليابان، والفصل الخامس من الكتاب تناول تاريخ التبادل البشري بين عمان واليابان بداية من عام 1880م، وعن أول ياباني زار الأراضي العمانية في التاريخ حسب الوثائق التاريخية، وفي الفصل السادس تناول الكتاب زيارة شيغاتاكا شيغا لعمان وتفاصيل أثر كل ذلك، وفي الفصل السابع أشار المؤلف لحياة السلطان تيمور الذي زار اليابان وتزوج من امرأة يابانية تدعى كيوكو ورزق منها بمولودة أسموها بثينة والتي ماتت والدتها كيوكو بمرض السل وهي بعمر الـ23 عاما فقط وتفاصيل أخرى عن حياة السلطان تيمور في اليابان، وفي الفصل الثامن تناول الكتاب العلاقات التجارية بين عمان واليابان، وفي الفصل التاسع تحدث الكاتب عن التبادل الثقافي بين عمان واليابان، والفصل العاشر عن التبادل التجاري والثقافي والدبلوماسي بين البلدين بتفاصيل أكبر، وفي الفصل الحادي عشر تحدث المؤلف عن تجربته الشخصية للعيش في صحاري عمان، وفي الفصل الأخير ختم المؤلف كتابه بذكر عمان وميزاتها وشعبها.
4- الورقة الرابعة بالمؤتمر كانت بعنوان “جهود الشيخ سعيد بن علي الصقري في نشر الكتاب 1884م” وقدمها الأستاذ بشير بن موسى الحاج والذي وثق سيرة هذا الشيخ العماني الذي أسهم في طباعة العديد من الكتب ونشر الكتاب العماني في الوطن العربي وبالأخص في الجزائر، وذكر الباحث ملامح من الحياة السياسية والعلمية في عصر حياة الشيخ وقال بأن الشيخ عاصر حكم دولة البوسعيد في القرن 19م وتفاصيل نشأت الحكم على يد أحمد بن سعيد وما تلاه من صراع على السلطة والتدخل الاستعمار البريطاني والفرنسي كقوى تتنافس في الصراع على عمان وانقسام الإمبراطورية العمانية، وبعد ذلك تحدث الباحث عن الشيخ وحياته وعائلته وأنه من مواليد ولاية إبراء وموطن آبائه بركة الموز في داخلية عمان وبعضهم قال الجبل الأخضر، رغم أن الشيخ الجزائري أطفيش كان يراسله وينسبه للرستاق، كما أشار الباحث إلى أن الشيخ تتلمذ على يد الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي، وبعدها تحدث عن حياته العلمية منذ البداية وهو طالب على يد مشايخه، وبعدها تحدث عن عائلته وذريته فتزوج من ريا بنت محمد البروانية ورزق منها بستة أولاد وابنة، وبعدها قال عن آثاره العلمية وتأسيسه للمدارس في قرية عز عام 1853م، كما أنه كان حريصا لوقف الكثير من الكتب العمانية المرسلة لوادي ميزاب بالجزائر، ودوره السياسي في تاريخ عمان ودوره البارز في طباعة الكتب ونشر الكتاب العماني في الوطن العربي ككتاب بيان البيان، وكتاب تخليص العاني من ربقة جهل المثاني، وكتاب ربيع البديع وإلخ من كتب عمانية مهمة.
5- أما الورقة البحثية الخامسة فأتت بعنوان “المطبعة البارونية ودورها في نشر الكتاب العماني” وقدمها الشيخ الحاج أحمد حمو كروم الذي قال بأن المطبعة البارونية فرضت حضورها الإيجابي في الساحة العلمية في القرنين 19 و20م، في القاهرة وكان لها دور كبير في طباعة الكتاب العماني، وقد كان صاحب المطبعة الشيخ محمد بن يوسف الباروني يولي اهتماما كبيرا بالكتاب العربي وأنشأ مطبعته في مصر عام 1880م، وقامت مطبعته بطباعة سبعين عنوانا واستطاع أن يساهم كثيرا بطباعة الكتب العمانية ككتاب اختصار الأديان لتعليم الصبيان، وكتاب الدلائل واللوازم، وكتاب الصراط المستقيم وإلخ من كتب عمانية مهمة.
6- أما الورقة السادسة فكانت بعنوان “الدر المنتقى وسلم الارتقاء، رحلة كتاب عماني من عمان إلى فلسطين” وقدمها الباحث زكريا بن عامر الهميمي والذي تحدث عن هذا الكتاب لمؤلفه عامر بن سليمان الريامي الأزكوي وأهمية كتابه كمخطوط، وقد تكفل بطباعته في البداية عامر بن سليمان الهميمي عام 1963م حينما بعث بالكتاب إلى اللبناني أحمد مصطفى لتتم طباعته في مطبعة النصر التجارية في فلسطين وتحديدا بنابلس في 132 صفحة، ليقوم عامر الهميمي والمقيم بشحن الكتاب إلى عمان عن طريق النقل البحري فتم شحن الكتاب الذي وصل مسبقا للكويت من ميناء الشويخ إلى ميناء دبي ومنها نقل الكتاب برا عن طريق إحدى الشاحنات الأمريكية، التي أوصلت الكتاب لمكان إقامته في بهلاء، ليتهافت عليه العمانيون لنيل نسخ من هذا الكتاب ووصل سعر بيع الكتاب لأربعة قروش فرنسية، وقد ذكر الباحث أن أصل المخطوط كان في المطبعة الفلسطينية وكان مصيره الإتلاف والحرق من قبل الصهاينة حينما احتلوا الضفة الغربية عام 1967م.
ثم ذكر الباحث سيرة عامر الهميمي الذي تكفل لأول مرة بطباعة الكتاب ونشره وإسهاماته كأحد رواد الطباعة العمانية.
7- أما الورقة السابعة فكانت بعنوان “المكونات المادية للمطبوعات العمانية القديمة وتطورها” قدمها خالد بن سليمان الخروصي الذي أعطى نبذة عن تاريخ المطبوعات في العالم وأن العالم الأوروبي الذي اخترع الطباعة ابتكر الأوراق التجارية في القرنين 18م-19م التي ساهمت بشكل كبير في طباعة الكتب، وبعدها تحدث الباحث عن المكونات المادية للمطبوعات العمانية كالورق والجلد والمداد ثم تحدث عن جهود السلطان برغش في الطباعة وعن رسالته للخديوي توفيق ملك مصر يطلب منه تسهيل طباعة كتاب قاموس الشريعة عام 1888م بسبب بطء طباعته في المطبعة السلطانية التي أسسها السيد برغش في زنجبار 1880م، والتي تعتبر فنية تركز على جودة الإخراج، وتحدث الباحث بعد ذلك عن نماذج من المطبوعات العمانية القديمة ككتاب تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار، وكتاب قاموس الشريعة، وكتاب صدقات الحكم في لطائف النعم، وكتاب مشارق أنوار العقول وغيرها، واختتم الباحث ورقته بذكر إشكاليات التجليد والتوصيات للاهتمام بجميع المطبوعات العمانية القديمة.
8- أما الورقة الثامنة في هذا المؤتمر فقد كانت بعنوان “أوائل المطبوعات المحفوظة في مكتبة وقف بني سيف” قدمها أ. منير بن محمد السيفي الذي قال بأن دراسته تأتي لإبراز أوائل المطبوعات في مكتبة بني سيف التي يزيد عمرها عن قرن ونصف، وقال بأن المكتبة تقع في نزوى وهي مكتبة علمية قيمة وأنها كانت موجودة في عهد الشيخ محمد بن خميس السيفي وجهود هذه العائلة برفد المكتبة، ثم عرج الباحث للحديث عن أعلام المكتبة كالشيخ محمد بن خميس السيفي المولود عام 1241هـ، الذي تولى القضاء للإمام عزان بن قيس البوسعيدي في ضنك وله كتاب تمهيد قواعد الإيمان، وجواهر العقد الثمين من الدرر، وتحدث كذلك عن سيرة الشيخ سعيد بن ناصر السيفي المولود 1318هـ، الذي كان قاضيا للإمام محمد بن عبدالله الخليلي في نزوى، وغيرهم، ثم عرض أهم أوائل المطبوعات العمانية في المكتبة ككتاب طلعة الشمس وديون أبي مسلم البهلاني، وحاشية الجامع الصحيح وغيرها من مطبوعات عمانية برفقة المطبوعات العربية القديمة ككتاب تسهيل المنافع وخلاصة الوفا بأخبار المصطفى، والمستطرف وغيرها.
9- الورقة التاسعة فكانت بعنوان “نشأت وتطور الطباعة في سلطنة عمان” قدمها أ. حسين بن رضا اللواتيا الذي بدأ حديثه عن بدايات تاريخ الطباعة وأشار إلى أن دول الشام في الوطن العربي كان لها الريادة في الطباعة وكانت أول مطبعة في الوطن العربي بمدينة حلب عام 1702م واسمها المطبعة العربية، وبعدها في بيروت عام 1750م، ومصر بواسطة الفرنسيين في عام 1798م، ومن ثم قال بأن أول مطبعة نشرت في عمان كانت في عام 1959م باسم المطبعة السلطانية، بعهد السلطان سعيد بن تيمور لطباعة كل ما يتعلق بالحكومة، فبعث بعض الموظفين للتدريب على أعمال الطباعة كمنصور بن محفوظ آل جمعة، وعبدالله بن حميد الغساني، وشكل السلطان سعيد بن تيمور فريقا للعمل تحت إشراف مقبول حسين ونصار أحمد ولسان الحق ومحمد شميم ومنصور آل جمعة وعبدالله الغساني، وأشار الباحث إلى أن نشاط المطبعة استمر حتى بعدما تولى جلالة السلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد، ثم تحدث الباحث عن المطابع الخاصة وقال بأن أول مطبعة خاصة هي لنصار أحمد عام 1968م، والتي تحولت فيما بعد لمطبعة مزون ليومنا هذا، وقال كذلك بأن عدد المطابع اليوم في السلطنة وصل إلى 73 مطبعة 39 مطبعة في مسقط و10 مطابع في محافظة ظفار و24 مطبعة في بقية المحافظات واختتم حديثه عن مستقبل الطباعة في عمان وقال بأن الطباعة الورقية تأثرت بالنشر الإلكتروني ورغم ذلك شهدت السنوات الأخيرة في عمان حركة نشرت وطباعة الكتب العمانية.
10- الورقة العاشرة أتت بعنوان “الطبعة الأولى من المناهج العمانية 1978-1984م وأعدها الباحثان د.موسى بن سالم البراشدي، والأستاذ خالد بن محمد الرحبي وتحدث الرحبي عن نبذة تاريخية عن اهتمام أهل عمان تاريخيا بالتعليم والتأليف من أمثال الشيخ صالح بن علي المنذري صاحب كتاب تحفة المتعلم وبشارة المتكلم، والشيخ خميس بن سعيد الشقصي وكتابه منهج المريدين وبلاغ المقتصدين وغيرهم من العلماء والمشايخ الأجلاء، وقال بأن العمانيين اعتمدوا على مثل هذه الكتب في تدريس الطلاب.
وذكر بأن المدارس النظامية في عمان بدأ بعضها في عام 1940م من خلال المدرسة السعيدية في مسقط، في عهد جلالة السلطان أنشأت وزارة التربية والتعليم باسم دائرة المعارف عام 1973م لنشر التعليم والإشراف على بناء المدارس في مختلف ربوع البلاد وتمت الاستعانة بالمنهج التعليمي القطري وبالكوادر الوظيفية من مصر والأردن والسودان وغيرها، وبعد ذلك وتحديدا في عامي 1979-1981م شهدت طباعة الكتب المدرسية للمنهج العماني للابتدائية والإعدادية وظلت الثانوية تعتمد على المنهج القطري حتى نهاية 1981م، وفي العام التالي تم تعمين منهج المرحلة الثانوية بعدما استغرق 3 سنوات من العمل عام 1984م، وقال بأن الوزارة ارتكزت في مناهجها على أسس علمية مدروسة واهتمت بالهوية الوطنية، والبيئة العمانية، والملابس التقليدية،والتاريخ العماني، والمدن العمانية، وعودة العمانيين من الخارج، وقضية فلسطين، وغيرها من مواضيع.
11- أما الورقة البحثية الحادية عشرة فقد حملت عنوان “تراث ظفار الفكري بين المخطوط والمفقود والمطبوع” قدمها الباحث الأستاذ حسين بن علي المشهور باعمر والذي بدأ بالحديث عن تاريخ ظفار وخاصة في العصر الإسلامي حيث قال بأن ظفار شهدت رواجا فكريا غزيرا نظرا لموقعها وخيراتها الوفيرة، فاستقطبت العلماء وأرباب الفكر وخير دليل على ذلك تلك النقوش البديعة على شواهد قبور علمائها وحكامها منذ القرن السابع الهجري وخاصة في مرباط، حيث قال عنها الدكتور محمد عبدالستار عثمان بأن هذه المقابر وكتاباتها تشكل انعكاسا مهما لدور العمانيين في تشكيل وتطوير الخط العربي وأن مقبرة الرباط بصلالة تعد من أهم المقابر الإسلامية في العالم العربي.
ثم ذكر بعد ذلك صعوبة حصر التراث الفكري في المحافظة نتيجة فقدها وتلفها الذي يعود في بعض الأحيان لبعض الصراعات بين القوى في ظفار وكذلك للأسباب الطبيعية رغم الغرابة الشديدة في فقدان جزء كبير من هذه المخطوطات التي توجد في خزائن المكتبات الإسلامية الشهيرة كمصر والمغرب واليمن والهند وهي مؤلفات لعلماء من ظفار ككتاب أربعون حديثا عن أربعين شيخا لابن معاذ الشحري، وكتاب قواعد المهذب، واحتراز المهذب، وكنز الحفاظ للإمام القلعي، وشرح حديث أم زرع للإمام محمد بن أحمد الظفاري وغيرها من مؤلفات لعلماء ظفار، وطالب الباحث بضرورة تكثيف الجهود لجمع ما تبقى من تراث فكري لعلماء ظفار تأكيدا لمكانتها العلمية في شبه الجزيرة العربية، كما طالب بضرورة حفظ وتوثيق كل نقوشات المقابر القديمة وتوثيق شواهدها وجمع مخطوطات ووثائق المحافظة بشكل مستمر ومكثف ومنظم.
12- الورقة البحثية الثانية عشرة كانت بعنوان “الخطاب الديني والثقافي في عمان قراءة تحليلية لأوائل المطبوعات العمانية حتى مطلع 1970م، قدمها الأستاذ ناصر السعدي الذي قال بأن المؤلفات العمانية القديمة كا أغلبها منصبا في الجانب الفقهي والعقائدي لترسيخ الهوية العمانية والفكر الإباضي، وأن المطبوعات العمانية خلال قرن من الزمن تمركز خطابها حول القضية السياسية، والهوية الإباضية، والعلوم المختلفة بإنتاجها المعرفي، وهذا يتمثل في العديد من المؤلفات ككتاب الدعائم لابن النظر، والعقود الفضية لسالم بن حمد الحارثي، وكتاب بهجة المجالس لخلفان بن جميل السيابي وغيرها، وقال أن أوائل المطبوعات كانت تحمل 24 كتابا عن الفكر الإباضي ككتاب قاموس الشريعة وغيرها، وكان هذا التوجه يعكس طبيعة المعركة الدينية بين الفرق والمذاهب الإسلامية، وكانت كل هذه الكتب العمانية تحاول تقليص المسافة بين الفكر الإباضي والآخر.
وأضاف بأن أوائل المطبوعات العمانية تناولت كذلك في خطابها الجوانب المعرفية، ككتابات عبدالله بن علي الخليلي وابن سرور الجامعي، كما تناول الباحث هاجس السلطان تيمور الذي كان يتحسر لتردي حال طباعة الكتب العمانية في الوطن العربي موجها عتبه لأثرياء عمان ونخبها السياسية والفكرية والاجتماعية نتيجة تقاعسهم من دعم طباعة الكتاب العماني في تلك الفترة، عكس النخب العمانية التي كانت تسكن في زنجبار، وقال رغم ذلك فمطبوعات النصف الأول من القرن العشرين أنقذت حركة الطباعة العمانية من التراجع نتيجة اجتهاد بعض المؤلفين وأبنائهم من طباعة كتبهم وكتب أخرى كمؤلفات الشيخ نور الدين السالمي وابنه محمد، وكتب مؤلفات سفيان الراشدي وجهود أبنائه بالطباعة، وغيرهم من رواد في حركة الطباعة العمانية التي تحمل بعدا معرفيا وعلميا وأخلاقيا.
وقال منذ عام 1913م حتى عام 1970م ارتكزت أغلب المطبوعات العمانية على الخلفيات السياسية التي تعكس حالات الانقسام السياسي في عمان فغلب على أكثرها الحشد الخطابي.
13- الورقة البحثية الثالثة عشرة كانت بعنوان “طباعة المخطوطات العمانية مقترحات ورؤية مستقبلية” قدمها الأستاذ فهد بن علي السعدي واستهل حديثه عن مؤلفات العمانيين في مختلف العلوم وقال لقد أحصيت في مؤلفي معجم المؤلفات العمانية أكثر من 300 عنوان جديد لم تكن معروفة حتى اللحظة وبشكل عام المؤلفات العمانية طبع منها عدد ليس بالقليل عبر العقود الماضية، ويقول بأن هناك تقصيرا كبيرا في طباعة بعض الفنون التي كتب عنها العمانيون كثيرا كالطب والكمياء والفلك والملاحة البحرية وإلخ من علوم، فالعمانيون كتبوا في الطب كمؤلفات راشد بن عميرة وكتبوا في الكمياء كالشيخ ناصر بن أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي، وفي الفلك كمؤلفات عمر بن مسعود المنذري وغيرهم، وقال بأن المخطوطات العمانية لم تجد الاهتمام في طباعتها وخاصة مخطوطات القرن الثامن والتاسع والعاشر الهجري، كما أشار إلى أن المطبوعات العمانية لم تحمل في طياتها مؤلفات العديد من المدن والبلدان العمانية وعلمائها ككتاب غرائب الآثار لفارس بن اسماعيل الخصيبي من شناص وأرجوزة خميس بن رويشد المجرفي الضنكي وغيرهم، وأشار الباحث إلى ضرورة العناية كذلك بطباعة مؤلفات العمانيين في المهجر الأفريقي وقال تأتي في مقدمة هذه الكتب المهمة مؤلفات أسرة علي بن محمد المنذري وكتب أبو مسلم البهلاني ومؤلفات سيف بن ناصر الخروصي وإلخ.
كما طالب بضرورة العناية بطباعة المؤلفات العمانية النادرة ككتاب إثمد الحدق وشنف الآذان وحديقة نخل شادن لمؤلفها سعيد بن سلام(1331هـ)، وكتاب الأكلة وحقائق الأدلة لمؤلفه الشيخ نجاد بن موسى المنحي(513هـ) والخ، وقال وجب كذلك الالتفات إلى المؤلفات المفقودة والاهتمام بها ككتاب أبي جعفر سعيد بن الحكم(ق13هـ) ومؤلفات أبي محمد عبدالله بن محمد بن بركه(ق4هـ) وغيرها من المفقودات وتناول الباحث العديد من التوصيات بهذا الخصوص قبل أن يختم حديثه بأعمال المؤتمر العالمي لحركة الطباعة العمانية وأثرها في التواصل الحضاري بالعاصمة الماليزية كولالمبور بتنظيم من مركز ذاكرة عمان بالتعاون مع الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا.
