عمانيات

حمد الحوسني يكتب: الانطباع عن منهج القلاع

حمد الحوسني يكتب: الانطباع عن منهج القلاع
حمد الحوسني يكتب: الانطباع عن منهج القلاع حمد الحوسني يكتب: الانطباع عن منهج القلاع

أ‌. حمد الحوسني

وفقني الله -تعالى- يوم الأحد (12 صفر 1440ه – 21 أكتوبر 2018م) لحضور دورة لشرح (منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم)، والتي قدمها مؤلف الكتاب الأستاذ/ هلال بن حمود بن سالم الريامي (مدير دائرة مدارس القرآن الكريم بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية) في مركز التدريب الرئيس التابع لوزارة التربية والتعليم بالخوير، وقد شارك فيها مجموعة من موظفي دائرة التربية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم وعدد من المشرفين الأوائل والمشرفين والمعلمين والمعلمات الأوائل لمادة التربية الإسلامية من مختلف محافظات السلطنة.

وقد تعرفنا خلال هذه الدورة على فكرة الكتاب وأهدافه ومكوناته وآلية تطبيقه، ثم فتح المجال للاستفسارات والأسئلة والتي دلت على إعجاب الحضور بالكتاب، وتفاعلهم مع مضمونه.

كما أجري تطبيق عملي من قبل المشاركين مع توجيه وإشراف مقدم الدورة.

لقد اشتق جزء من اسم هذا الكتاب من التراث العماني الأصيل الذي اشتمل على وجود القلاع الحصينة الراسخة؛ لأن من تمسك بهذا المنهج فقد استمسك بعروة وثقى ثابتة كالقلاع في مجال الحفظ، وفي هذا تعريف بتأريخ السلطنة وإرثها الحضاري، وخدمة للسياحة.

وقد جاء في عنوانه (السبع) إشارة إلى عدد أيام الأسبوع؛ فهو يتضمن تثمير جميع الأيام في الحفظ والمراجعة والتثبيت مع تقسيم للمهام خلالها مراعيا سنة التدرج.

إن من محاسن هذا المنهج أنه يعلم من يستخدمه التخطيط بشكل عام والتخطيط لحفظ القرآن الكريم بشكل خاص؛ من حيث تحديد الهدف، وتجزئة الأهداف الكبيرة إلى أهداف صغيرة، وتحديد الأساليب والطرق والوسائل والأدوات المؤدية لتحقيقها؛ فلذلك هو عملي وسهل الاستخدام.

كما أنه واقعي؛ فهو يراعي الظروف والأعمار المختلفة؛ ولذلك فهو يناسب جميع الفئات. كما تتمثل واقعيته في توجيه من يريد استخدامه إلى تحديد هدف مناسب يتضمن مقدارا من الحفظ لا يفوق إمكاناته وقدراته المختلفة؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع.

كما أنه يراعي الفروق الفردية بين الأشخاص؛ من حيث القدرات العقلية أو مقدار إجادة التلاوة؛ ولذلك فمؤلف الكتاب ينصح من يريد البدء في استعمال هذا المنهج أن يكون على قدر من ضبط أحكام التلاوة؛ لأن هدف الكتاب يركز على الحفظ في المقام الأول وليس على التلاوة؛ ولذلك ينبغي أن يكون مقدار الحفظ الذي يريد الشخص تحقيقه قليلا إذا كان ضبطه لأحكام التلاوة ضعيفا؛ بحيث يشتغل بتعلمها أولا ثم ينطلق في الحفظ بعد ذلك.

وكذلك فإن الإنسان عرضة للطوارئ وتبدل الأحوال؛ فلو تسبب ذلك في تأخر إنجاز بعض مهام الحفظ فليس معنى ذلك أن ينقطع الشخص عن مواصلة مشواره ويصاب باليأس؛ بل يمكنه الاستمرار والمتابعة بعد تجاوز تلكم العوارض؛ وفي هذا من الإيجابية والواقعية والمرونة ما لا يخفى.

وكذلك فهو يعزز الرقابة الذاتية داخل كل شخص؛ فيعتمد كثيرا على المشارك نفسه، كما أنه ينمي الكثير من الأخلاق الإسلامية، ويدعو للالتزام بالأحكام الشرعية، ومراعاة الآداب القرآنية لدى الحافظ وأسرته.

كما أنه يهتم بجانب التقويم المستمر في مجالي الحفظ والتلاوة، ويتضمن مبدأ الثواب والعقاب؛ ففيه التعزيز والتشجيع المستمران اللذان يشحذان الهمة، ويدفعان إلى مزيد من النجاح والتفوق؛ وذلك من خلال زيادة النقاط على الإنجاز؛ كما أنه يتضمن إنقاص النقاط نتيجة التقصير والإهمال.

ويعتمد هذا المنهج على وجود شخص يتابع المشارك وتقدمه في إنجاز مهامه أولا بأول، وهذا يدعو إلى الجدية وعدم التهاون أو التكاسل.

ومن الأمور المهمة التي أعجبتني في هذا المنهج مراعاته للجودة؛ فهو لا يكتفي بتحقيق الحفظ فحسب؛ وإنما يضيف إلى ذلك التركيز على جانب مهم تابع له وهو تثبيت المحفوظ؛ من خلال التكرار الدائم؛ ولذلك فهو يراعي الكم والكيف معا.

وقد كتب الله لمنهج القلاع السبع القبول؛ فانتشر داخل السلطنة وخارجها، ويطبق في عدد من مراكز تعليم القرآن الكريم في خمس عشرة دولة، ويُطلَب من مؤلفه تقديم شرح عنه في الداخل والخارج، كما أنه ترجم إلى (الأوردية)، وفي الطريق مشروع ترجمته إلى لغات أخرى؛ كالبنجلاديشية والتايلندية والإنجليزية؛ فأكرم به من منهج، وبهذا يتضح أنه من التجارب الناجحة الرائدة.

ولما ذكرته سالفا فإنني أرى من خلال عملي كمعلم أول لمادة التربية الإسلامية أهمية تعميم هذا الكتاب على جميع المدارس الموجودة في السلطنة؛ الحكومية والخاصة والعالمية والدولية والتربية الخاصة والجاليات (للطلاب المسلمين) والمعاهد الإسلامية وكذلك مراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعوقين وغيرها من المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية؛ للمساعدة في حفظ مقرر (التلاوة والحفظ).

ومن خلال إشرافي على مسابقة رتل وارتق للقرآن الكريم على مدار أعوام وكوني عضوا إداريا في مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم وعضوا في إدارة الجمعية العمانية للعناية بالقرآن الكريم ومشرفا على جماعة القرآن الكريم بالمدرسة لسنوات عديدة تردني استفسارات كثيرة ومن فئات عمرية متباينة حول أفضل الطرق للحفظ؛ ولذلك فأنصح باستخدام هذا المنهج، وأرجو أن يكون من ضمن هدايا المكرمين في تلك المسابقات هذا الكتاب الذي يتضمنه؛ بل حبذا أن يوزع على جميع المشاركين.

وتطبقه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في تعليمها للقرآن الكريم بالطريقة التقليدية أو عن بعد من خلال برنامج إلكتروني، وعسى أن يعتمد تطبيقه رسميا في مدارس القرآن الكريم التابعة لجوامع السلطان قابوس.

وقد اعتمدته الجمعية العمانية للعناية بالقرآن الكريم ضمن برامجها.

وأسأل الله أن يبارك هذا العمل، ويخلصه، وينفع به، وييسر -دائما- تطويره والارتقاء به، والله الموفق للخير، والهادي للصواب.

Your Page Title