أثير- موسى الفرعي
بشكل تدريجي منذ سبعينيات القرن المنصرف والأيام تصفو يومًا بعد يوم، ونغفو نحن آمنين مطمئنين؛ آمنين على حقنا في الحياة، مطمئنين على كرامتنا الدينية والاجتماعية، واثقين من وصول إنسانيتنا إلى أعلى درجاتها، بهذا يمكن أن يشير الحديث إلى مسيرة النهضة المباركة التي قادها القائد الفذ والإنسان الذي يعي ضرورة أن تحافظ على إنسانيتك في عصر السقوط والتردي، فكم أحال ساعات نومه إلى عمل شاهد ومشهود على إنجازات نراها اليوم مرئية وحاضرة، وكم من شمسٍ أشرقت وهو يمسك العالم من يديه ليدله على الطريقة التي يمكن أن تجعل الحياة على هذا الكوكب أمرًا لائقًا وممكنًا.
إنه الثامن عشر من نوفمبر المجيد المستعصي على الوصف منذ فجره الأول، فكل ما كتبه الشعراء والكتّاب عنه ما يزال حتى يومنا هذا يحاول أن يدرك معنى هذه الأيام المباركة، ولم يفلت الوصف منذ فجره الأول من شرك اللغة وحدود ما يمكن أن تصل إليه من صفات، وذاك لأن الثامن عشر من نوفمبر هو رواية تسكن كل واحد منّا، وقصيدة يحاول أن يكتبها كل واحد منّا، وقصة يحاول أن يستدعيها كل واحد منّا؛ تعبيرا عن ذواتنا الفرحة بمحيط سكناها الاجتماعي والسياسي والإنساني.
الثامن عشر من نوفمبر هو ذكرى تتجدد في كل عام، ثابتة في معانيها الأولى، متجددة في معانيها الأكثر حداثة والتي تصبح بدورها ذكرى جديدة وبشرى أمل بأن يكون ما نحياه هذا العام ذكرى أجمل في عامنا المقبل، هذه هي الوظيفة التي يتقنها الثامن عشر من نوفمبر بامتياز، والتي أصبحت شكلًا من أشكال الفرح السنوي الثابت، الذي ترافقه أمنيات برؤية جلالة القائد حفظه الله ورعاه، والإنصات لكلماته ورسائله التي يقولها بصوت أو إيماءات أو رسائل تُفهم من شيء ما.
وهذا هو الثامن عشر من نوفمبر يحضر بكامل أناقته هذا العام فعظمته الحقيقية تتجلى مع أهم ما يرسم صورته التاريخية التي نستحضرها دائما بإنجازاتها وتحدياتها، يحضر هذا العام مزدانًا برؤية جلالة القائد الذي كوَّنه بأيامه وساعاته ودقائقه، ونحمله نحن فرحًا يختلط بدموعنا التي استفزها شوقنا ورغبتنا الدائمة في الاطمئنان عليه، فصحة عالمنا معلقة بشكل كبير بصحته، وبهاء يومنا مرتبط بشكل كلي بأن يكون بخير، هذا هو جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الذي ضم أحاسيسنا منذ البدء بين يديه وراح يحملها في داخله فلا فرح يصيبه إلا وأصابنا رذاذه، ولا شيء يسيء فكره إلى وأساء لنا جميعًا، لذلك فإن دفاعنا الدائم عنه وعن أرضنا الكريمة هو دفاع عن أنفسنا، ودفاع عن وجودنا الآمن في ظل الخوف، ووجودنا الفرح في وقت البكاء، ووجودنا الثابت في وقت التذبذب والتغيّر، ودفاعه عنا هو دفاع عن حلمه الذي ظل يدافع عنه طيلة ثمانية وأربعين عامًا، ولم يفرّط في حقه مقدار إصبع.
كل عام وأنت يا سيدي فارسنا الأول وحلمنا الأول. كل عام وعمان صخرة عالية لا تُنال، وجنة وارفة ممكنة، وبين هذه وتلك يبقى الأمر معلقًا بما يبتغيه الإنسان تجاه هذه الأرض القوية الأمينة.
كل عام ونحن العُمانيين أكثر ولاءً وانتماءً وأشد صلابة وأكثر وفاء، بهذا تعود رماح الخاسئين إلى نحورهم دائما ويبقى العُمانيون أكثر ثباتًا وانتصارًا إنسانيًا.
المجد والبقاء لعُمان ولجلالة السلطان قائدًا وأبًا.