فضاءات

د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: بلاغ إلى مَن يعنيهم الأمر

د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: بلاغ إلى مَن يعنيهم الأمر
د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: بلاغ إلى مَن يعنيهم الأمر د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: بلاغ إلى مَن يعنيهم الأمر

أثير- د.سالم بن سلمان الشكيلي

الواعدة لقبٌ ونعتٌ تفضّل به ، وأطلقه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ، على ولاية عبري ، أثناء احتضانها احتفالات العيد الوطني التاسع والعشرين المجيد ، وهو تشريف تلقاه أهالي ولاية عبري ذات المساحة الشاسعة ، من شرقها إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها ، بالفرح والاستبشار ، لسببين الأول أنّ التسمية أو الوصف بالواعدة صدرت عن عاهل البلاد المفدى ، ومن يتمعّن في أقوال وأفعال جلالته ، ويتتبّعها ، يجد أنها تحمل في مضامينها توجهات المستقبل ، وترسم رؤية التنمية والتطوير ، وهي كذلك تزرع الأمل والتفاؤل بغد مشرق زاهر ، والسبب الثاني معنى كلمة واعدة ، وتدل على ما يُبشر بمستقبل مشرق ، وكأنه وعدٌ بالخير المنهمر كالغيث ، فكلّ حرف في منطوق جلالته ، له رمزية استدلالية لمعانٍ تجعل المواطن يعيش نشوة ذلك وبهجته وفرحته .

عاشت عبري الواعدة ، بعد إطلاق جلالته هذا الاسم عليها ، نشوة من الفرح ، وذروة من الأمل والرجاء ، بأن ينزاح عن الولاية جفاء بعض المسؤولين لها ، وجفاف ماء عيونهم ، كلما اتجهت أبصارهم نحوها ، فقراءتهم للتوجيه السامي، وفهمهم للحكمة السلطانية ومدلولات الوصف على الموصوف ، لم يتّسع ولَم يتغيّر ، رغم أن المدلول يهدف كي تنال عبري اهتمامًا أوسع وأشمل في عملية التنمية والتطوير ، وإيجاد فرص استثمارية حقيقية ، ومشاريع اقتصادية فاعلة في السوق المحلي .

أقول لم يفهم المسؤولون ذلك التوجيه السامي ، كما فهمه أهالي وأبناء ولاية عبري ، وظل الجفاء قائما لأسباب غير معروفة ، رغم أهمية الموقع الجغرافي للولاية ، باعتبارها بوابتين للسلطنة لدولتين مجاورتين ، ورغم أنها أيضا ملتقى لمحافظات البريمي ، والداخلية ، والوسطى وشمال وجنوب الباطنة ، والصراحة تقتضي طرح الحقائق كما هي دون إجراء عمليات تجميل لها ، أو شحذ للفكر لإبداء المبررات ، التي لو سيقت فهي غير مقبولة مطلقا.
ومن هذه الحقائق ، تنامي الحيرة لدى أهالي ولاية عبري عن الإهمال لها ، دون أن يشفع لها موقع جغرافي ، ولا إيغال في التاريخ القديم والحديث ، ولا اتساع مساحتها ، ولا كثافة سكانها ، وغيرها الكثير والكثير جدا من موجبات الاهتمام ، والتي أدركها جلالته لها ووجّه بشأنها . ولكن للأسف الشديد لم يستوعب المسؤولون تلك التوجيهات ، ولَم يلتفتوا إلى المغزى من وصف عبري بالواعدة ، والغرابة في الأمر سماع وعود من بعض المسؤولين حول إقامة مشاريع تنموية، وهي بمثابة المخدر لأبناء الولاية الواعدة ، لتظهر عند الاستفاقة من المخدر ، كمن يسمع جعجعةً ولا يرى طحنًا.


منذ خمس عشرة سنة تقريبًا ، تم الإعلان عن إنشاء منطقة صناعية في مدينة عبري ، واستبشر أهالي محافظة الظاهرة قاطبة بهذا الخبر السعيد ، لظنهم أنه سيكون فاتحة خير لمشاريع اقتصادية أخرى تنعش الحركة في الولاية والمحافظة . مضت سنة ، سنتان ، ثلاث سنوات ، أربع سنوات ، ثم أكملنا الخمس ، ولم نرَ لا التين ولا الزيتون ، تلاشت الفكرة شيئا فشيئا حتى تمّ تغييبها بشكل نهائي .

أعلن بعد ذلك عن منطقة لوجستية على الطريق الممتد من ولاية عبري إلى حدود المملكة العربية السعودية، والذي يؤمل عليه تنشيط الحركة التجارية والسياحية، بالإضافة إلى تسهيل سفر الحجاج والمعتمرين إلى الديار المقدسة، ولكنّ الفرحة لم تكتمل ، حيث ظهر أحد المسؤولين ليعلن عن دمج فكرتي المنطقة الصناعية والمنطقة اللوجستية، في مشروع جديد تحت مسمى المنطقة الاقتصادية، وهكذا تتعاقب الأفكار والأحلام والأمنيات ، وتمر السنون ، دون أن يتحقق شئ من الوعود ، فلله الأمرُ من قبلُ ومن بعد .

لنأتي إلى موضوع آخر أعلنت عنه إحدى الوزارات ، وهو إقامة طريقين دائريين – شرقي وغربي – لربط الولاية بقراها ، لتخفيف الزحمة المرورية عن مركز الولاية ولتسهيل تنقل المواطنين ، وزيادة الحركة التجارية، وإلى هذه اللحظة لم نرَ ، لا الطريق الشرقي ولا الطريق الغربي ، وعلم ذلك عند ربي

مدينة بحجم ومكانة ولاية عبري مساحة وسكانًا ، لا يوجد فيها حديقة عامة ؛ لتكون متنفسًا للأسر وأطفالهم ، بدلا من الذهاب أسبوعيا ، بل يوميا إلى دولة مجاورة لينفقوا هناك أموالهم ، ليعودوا بعدها خاليي الوفاض ، أليس البلد أولى بتلك الأموال التي تنفق هنا وهناك خارج الوطن ؟ ليجاوبني أحد.
ولما كنت قد قطعت على نفسي الصراحة ، سأقولها بملء الفم ، بأن غالبية أهالي الولاية يذهبون إلى هذه الدولة المجاورة، حيث خيارات التبضع والفسحة والترفيه المتوفرة ، أليست بلادي أحق بها ، ليجاوبني أحد !!! ألا يا ليت قومي يفقهون.


حتى مشروع الجامعة الذي تبناه المخلصون من أبناء محافظة الظاهرة ، وأعدوا فيه الدراسات ومشروعات البرامج وغيرها من متطلبات فتح جامعة خاصة ، ويا أسفاه بعد جهد من العمل والوقت والمال ، يتفاجأ الجميع برفض الطلب ، وكأن حال الرفض يقول حرام عليكم حلال لغيركم .

الحديث يطول ، وقائمة احتياجات الولاية أطول ، فهل من سيسمع صوت كل مواطن ومواطنة ليس في عبري فحسب ، بل في ينقل وضنك لما يوجد من ترابط اجتماعي واقتصادي وإداري ، وجغرافي ، فجميعها تنتمي لمحافظة الظاهرة ، وما يتحقق في عبري أو ضنك أو ينقل ، تستفيد منه كل الولايات الثلاث .

لا نريد أكثر من الولايات النظيرة ، لا ندعو لميزة تميزنا عن تلك الولايات فعمان تجمعنا ، لكنها العدالة الاجتماعية والتنموية يا قوم ، انظروا إلى عبري الواعدة كما يريد لها جلالة السلطان المعظم، نفذوا فكره ورؤيته التي لطالما كانت وما تزال وستظل الضوء الذي يضيء لنا طريق التقدم والبناء والتطوير ، نسألكم ونلتمس منكم نظرة واعدة تبشر بغد مشرق كغيث ينهمل على عبري وأهلها .
هذا بلاغ لمن يعنيهم الأمر ، فهل سيقابلونا في منتصف الطريق ، وهم السبّاقون لفعل الخير ، كعهْدنا بهم ؟


وفي الختام يؤكد كاتب المقال أنه لم يقصد من ورائه الإحراج لأحد ، ولكن كل الذي قصده هو التذكير بأناس لا يزالون متعلقين بالأمل والرجاء . “وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين”.

Your Page Title