فضاءات

د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: أقسم برب الكعبة أنّ عمان مليئة بالكفاءات

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير- د.سالم بن سلمان الشكيلي

يُصر البعض على تشويه الصورة الجميلة والرائعة لعمان ، يستجْمعون قواهم من أجل وضع شخابيط تزيل روعتها التي هي كروعة السماء الزاهرة بأقمارها وأنجمها ، زاعمين ندرة وقلّة بل وانعدام الكفاءات العمانية ، يقولون ذلك أحيانا عن وعيٍ حاضرٍ لديهم ، ولكن عن إدراكٍ وفهمٍ غائب عنهم .

في الحالة الأولى يضعون أنفسهم أمام الرأي العام موضع شكّ وحيرة حول صدق وطنيّتهم وإخلاصهم ، وفِي الحالة الثانية ، والتي صنعوها بأنفسهم صناعة متقنة ومقصودة ، فإنما من أجل أن يسوقوها في معرض التبرير لأفعالهم ، وكأنهم يقولون بأنهم في غير وعيهم ، وعلى الرأي العام أن يستدعي حسن نواياهم في ذلك .

نقولها بصراحة لا لَبْس فيها ، إنهم يثيرون بكلامهم اشمئزازنا ، يبالغون التهليل والتمجيد والتطبيل والنفاق الفاضح لمن هم على كرسي السلطة ، حتى برعوا فيه أيما براعة ، فيصوّرون لهم أنّ العمانيات الماجدات لم يلدن غيرهم ، ومثل هؤلاء يُسيئون لأنفسهم ويُسيئون لوطنهم ولأبنائه الفضلاء ، أصحاب الكفاءات والمروءات ، بل ويسيئون للأشخاص الذين نافقوهم ، لو كانوا يعلمون .

المنافق قد يكون لسانه يسرّ البعض ممن استهواهم حلو الكلام، وزيّنت لهم أنفسهم عيشا بوادي السراب ، وعالم السحر ودنيا الضباب ، لكنّ هذا المنافق قلبه يضرّ ، فهو بفعله وقوله يُفسد قيم الدين والأخلاق ، بل إنه كمن ينكر قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ، ولذلك ومع نفاقهم يظل الفجر – كما قال أحدهم – نقيا لأنه يخلو من أنفاس المنافقين .

ويح أناس باطنهم معتلّ ، وظاهرهم مخمل ، تلوّنوا في علاقاتهم ، ولم تتضح مواقفهم ومبادئهم وأحاديثهم إلا لغرض الإفساد أو الانتفاع الشخصي ، ويح أناس وضعوا الباطل فوق الحق ، وقدّموا الكذب على الصدق ، وأعلَوا المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، فمات الضمير واستهوتهم الشياطين ، وأغرتهم المنفعة ، وهرولوا خلف المصلحة الذاتية ، والنرجسية المُفسِدة .

وحتى لا يُفهم الحديث على غير مقصده ، أو يحرّف عن هدفه ، لا بد من التأكيد على انّ الاحترام سمة من سمات الدين والأخلاق العالية الرفيعة ، فلا خير في أمة انعدمت أخلاقهم ، وضاعت شيَمهم ، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويُوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينْهَ عن المنكر ) ، ولكنّ الاحترام والتقدير والمودة والشكر والثناء على الآخرين شيء ، والنفاق والتبجيل شيء آخر ، وما بينهما كما بين السماء والأرض .

ولو أننا تناصحنا مع بعضنا ، وتصارحنا فيما بيننا ، ورفضنا النفاق والتبجيل بكل ألوانه وأشكاله ، لكُنا أخلصنا لله القول والعمل ، فالدنيا فانية، والمناصب والكراسي زائلة، فالكرسي الذي يجلس المرء عليه اليوم ، غدا يجلس عليه غيره ، ولن ينفعنا إلا صحوة الضمير ، والتمسك بالفضائل الحميدة ، فذلك خيرٌ لنا وأنفع ، وليُبادر من يكال لهم المديح ويوهَمون بالنفاق والتطبيل، إلى رفضه جهرا وسرا ، وليتركوا أعمالهم تشهد لهم بالصدق والنجاح .

أما الإسطوانة المشروخة التي يرددها البعض حول ندرة الكفاءات الوطنية العمانية، إن هي إلا اسطوانة مشروخة ممجوجة ممقوتة ، هرمت وانتهت صلاحيتها من حيث الزمان والمكان ، فوالله الذي لاإله إلا هو إنّ عمان زاخرة بالكفاءات الشابة والواعدة في كل ميادين ومجالات الحياة ، في الطب والهندسة والاقتصاد والسياسة والقانون والإدارة والأدب وكافة العلوم الأخرى، لكنها وبالعربي الفصيح لم تُمكن التمكين الصحيح ، ولم تعطَ الفرصة كما يجب .

وبكل تأكيد فإنّ الحديث عن عدم وجود كفاءات وطنية، حديث يُثبط الهمم، ويؤدي إلى الإحباط واليأس لدى شباب المستقبل ، الذين يرى فيهم جلالة السلطان المعظم، أمل الأمة وسواعدها الفتيّة التي ستتابع البناء ، وتبدع في الإنجاز ، إدراكاً من جلالته وكما عبّر عن ذلك في خطاباته السامية ، إنّ الأوطان لا تنهض إلا بشبابها وشاباتها ، همُ الحاضر ، وهُم الغد وهمُ المستقبل .

إنّ عمان التي أنجبت الزعامات الوطنية التي بنت وشيدت وأعطت ، قادرة على إنجاب الكثيرين بقدر وقيمة تلك الزعامات ، لذا من حسن الفعل والقول للذين لا يزالون يرددون تلك الإسطوانة المشروخة أن يعودوا إلى الحق والصواب، وينظروا حواليهم، نظر الإخلاص والوطنية ، فإنهم سيجدون الآلاف المؤلفة من الكفاءات العمانية التي تبدع في كل المجالات، فقط علينا أن ندفع بهم إلى الصفوف الأولى ليأخذوا زمام المبادرة والمسؤولية ، ولا غضاضة أن نكون بجانبهم نشدّ من أزرهم ، وندفع بعزائمهم الوقادة إلى مزيد من العطاء والعمل المخلص والجاد ، ونعطيهم خلاصة خبراتنا ، وعندما يكتمل مشهد الاستلام والتسليم علينا وأنا أولهم أن نركن إلى الراحة من عناء الرحلة ، فقد آن الأوان أن نسلّم الراية لغيرنا ، ذوي أفكار تتناسب مع تطور وحضور المرحلة التي هم فيها ، وهم بالقطع والجزم أهل لذلك وأكثر .

Your Page Title