أخبار محلية

قصة جواهر الحوسنية التي انتصرت على “الألم” وأصبحت مُلهمة للكثيرين

قصة جواهر الحوسنية التي انتصرت على “الألم” وأصبحت مُلهمة للكثيرين
قصة جواهر الحوسنية التي انتصرت على “الألم” وأصبحت مُلهمة للكثيرين قصة جواهر الحوسنية التي انتصرت على “الألم” وأصبحت مُلهمة للكثيرين

أثير-نوف الغافرية

بداية القصة “رسالة” ألهمت البطلة لسرد تفاصيل حكايتها وألهمتنا للكتابة عنها .

“جواهر الحوسنية” ابنة الـ24 عامًا ولدت عام 1995م من الأطفال الخُدج (6 أشهر و14 يومًا) تقول بأنها تصلها يوميًا رسائل كثيرة عبر الخاص مملوءة لُطفًا ومحبة من متابعيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولكن رسالة واحدة مميزة يومًا ما جعلتها تفكر كثيرًا بماذا ألهمت مرسلتها؟!

سنجد جميعًا في السطور القادمة تفاصيل كثيرة ألهمت جواهر لسرد حكايتها مثلما ألهمتنا لنشر الموضوع.

بعد ولادتها وُضعت جواهر لمدة شهرين في الحضانة بالمستشفى السُلطاني بدون والدتها ثم بدأت تكبر شيئًا فشيئا ولم ترضع رضاعة طبيعية نهائيًا ولم تكن حركتها طبيعية أيضًا مثل بقية الأطفال من عمرها، بدأت في المشي عندما أصبح عمرها 4 سنوات ولم يكن مشيها طبيعيًا على الإطلاق بل كانت تمشي على أطراف أصابعها ممسكة بأقرب جدار لها لتستند إليه أو بمساعدة أحد من إخوتها.

في عمر الـ5 سنوات أُجريت لها أول عملية للقدمين بعدما اكتشف الأطباء وجود أعصاب مشدودة تمنعها من المشي و”ملامسة الأرض” على حد تعبيرها.

تقول جواهر: “لا أزال أتذكر رائحة مستشفى خولة قسم العظام للأطفال، السرير الأول يمين الغُرفة لونه أزرق فاتح”.

مضى عام وأصبح عمرها 6 سنوات وحان وقت دخولها للمدرسة رغم حالتها الصحية “التي يصنفها الناس على أنها إعاقة حركية وأعدها أنا تحديّا حركيا” حسب تعبيرها.

تقول جواهر بأنها كانت منبوذة في المدرسة وتعرضت لتنمر كبير من بقية الأطفال على الرغم من أنها طالبة سليمة ذهنيًا ومثابرة ولم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها لأنها كانت أصغر منهم ووحيدة بينما كانوا مجموعة طلاب متنمرين ولم يمر يوم عليها دون رجوعها للمنزل وهي مصابة بكدمات.

بدأت جواهر مرحلة علاج تقوس القدمين وميلان القدم اليسرى وأجريت لها 4 عمليات جراحية ولم ينجح الأمر وعاشت بالجبس أشهرًا طويلة وأُجريت لها عمليات كثيرة فشل بعضها ونجح البعض الآخر.

أصبح عمرها 13 سنة ولا تزال تعاني من مشكلة تقوس القدمين وكانت أختها مزنة عكازها لكل الأيام-مثل ما وصفتها- وحتى تتمكن من علاج قدمها اليسرى اضطرت للقبول بصفيحة بلاتينيوم بقدمها.

تقول: “كبرت، تكونت شخصيتي وأصبح الناس يزورونني مع كثير من الشفقة ومجلات (ماجد وباربي) ، بدأت بالقراءة وعرفت بأنني سأحقق شيئًا بالكتابة أو بالأحرى (شخابيط) وبما أنني غير قادرة على الحركة أصبت بنوبات غضب وكره للحياة”.

كتبت أول قصة لها عنوانها “لحظة بين اللقاء والوداع” بيوم زفاف أختها الكبيرة التي ربتها وكبرتها ووقفت بجانبها وكان زواجها دافعًا لها للكتابة.

سافرت إلى الهند لأول مرة وأجريت لها عملية عالجت تقوس القدمين ونجحت وواصلت العلاج الطبيعي هنا في السلطنج حتى تحافظ على ارتخاء الأعصاب وأصبح مجموع العمليات التي أجرتها في قدميها حتى اليوم 14 عملية جراحية.

جواهر لم تستسلم للظروف نهائيًا واليوم تحمل شهادة البكالوريوس في العمل الاجتماعي من جامعة السلطان قابوس.

تقول: “جاهدت بالجامعة وانتكست حالتي مرات عدة واضطررت لإعادة مواد كثيرة بسبب ظروفي الصحية وحاربت وتخرجت ولا زلت أبحث عن شغفي، كنت ولا زلت أحتمي بأصدقائي وقوتي فيهم لاتعادلها أية قوة، أنا اليوم بخير بفضل الله وفضلهم”.

وتحدثت جواهر لـ”أثير” عن الصعوبات التي واجهتها فتقول بدأت في مرحلة الطفولة من خلال التعرض إلى التنمر في المدرسة والتمييز الذي منعني من مزاولة بعض الأنشطة كبقية الأطفال وليس بالضرورة أن يكون تمييزا سلبيا لكنه يؤثر على المدى البعيد، فيفقد الشخص ثقته بنفسه ويفقد معرفته بنفسه الحقيقية وماذا يمكن أن يقدم لهذا العالم لأنه انحصر في إطار واحد خوفًا عليه من أية صعوبة قد تواجهه.

وتكمل حديثها فتقول: “خلال المرحلة الجامعية ظروفي الصحية كان لها تأثير كبير علي وعلى دراستي خصوصًا في فترة الشتاء، ففي قدمي صفيحة بلاتينوم تسبب لي ألمًا شديدًا بسبب البرد و عشت فترة طويلة على مسكنات الألم ، ناهيك عن دراستي لتخصص لا أحبه لمدة 5 سنوات وساعدت نفسي ولله الحمد تخرجت، والآن وبعد التخرج أنا عالقة في فجوة ما بعد التخرج وإيجاد وظيفة”.

ووجهت جواهر رسالة لها عبر “أثير” فقالت : لكل منا قصته الخاصة التي يبدو فيها بطلًا وأنا أشعر بأن الذي مررت به هو مصدر إلهام لكثيرين مروا بحالات مشابهة وعندما نؤمن بأن مصدر الألم الذي نمر به ربما يكون مصدر قوتنا غدًا سنتمكن من تحقيق واجبنا تجاه أنفسنا والغاية التي خُلقنا من أجلها، فالإنسان لا يتوقف عند نقطة معينة والله سبحانه وتعالى لا يبتلي أحدا إلا لأنه يرى بأنه أهل لهذا الابتلاء.

ولم تنس جواهر فئة المتنمرين فقالت: ” التنمر فعل شنيع ومقيت وأنا أرفضه تمامًا لكنني أشكر المتنمرين الذين كانوا في حياتي لأنهم أسهموا في وجود جواهر في هذه المرحلة من حياتها بوجودها في هذه النقطة من الإنجاز والانتصار تحديدًا من خلال تحدي الجميع وإثباتي لهم بأني قادرة على عكس توقعاتهم تمامًا ولا أنكر الأثر النفسي للتنمر ولكن يجب ألا نقف عنده”.

وأخيرًا: قصة جواهر وملهمين آخرين دليل على أن الإعاقة ليست سببًا للفشل، وأن الإرادة هي الفيصل والخيط الرفيع بين النجاح وتحقيق الأحلام أو البقاء في ظلمة الجهل والفشل.

Your Page Title