أثير-د.سالم بن سلمان الشكيلي
لا أصف العصر بالقذارة، لكن أعني بها الصعلوك سيئ الذكر والوجه واللسان، الذي يجاهر بصعلكته ويعترف بها ، وهو صادق في هذه دون سواها .
حاولت أن أَجِد له شبيها له في صعلكته القذرة النتنة ، وتتبّعت كتب الصعاليك العرب وأخبارهم ، فلم أَجِد صعلوكا مأفونا مأجورا، رائحة فمِه ، وحروف كلِمِه كرائحة صرف صحي ، وقد وجدت صعاليك العرب لصوصا لا يتعدّون تلك الصفة ، لكنهم أصحاب رأي ومروءة ، وشجاعة وقتال ، يسرقون الأغنياء ليهبوها الفقراء ، كمثل شظاظ الضبي التميمي والأحيمر السعدي وهما من أشهر الصعاليك في العرب ، الذين عرفوا باللصوصية والخروج والتمرد على أعراف وعادات القبائل ، إلا أنهم كما ذكرت ، لديهم صفات النخوة والشجاعة والمروة ، أما هذا المأفون ، فلم أَجِد له في قذارته مثيلا ، وَإِنْ كانت بعض القبائل العربية قد تبرّأت من الصعاليك الذين ينتسبون إليها بسبب لصوصيتهم فحسب ، فماذا تُرى تلك القبائل فاعلة بمثل هذا الأفّاك الزنيم المدعو يوسف علاونة ، لو وُجد في تلك الفترة ؟!!
يُعلن على الملأ بأنه شخص مرتزق باع نفسه بالدراهم لينفذ أجندة الآخرين ممن استهوتهم الشياطين، فأصبح ينعق كالغربان ، وينبح كنباح الكلاب الضالة ، تلهث وراء الفتات من العظام التي تقتات منها عندما ترمى لها ؟! ولعلّي أسيء إلى الكلاب إِذْ شبّهته بها .
يفاخر بصوت وصورة أنه يُقبّل حذاء سيده وولي نعمته، وفي هذا له حريته طالما ارتضى الدناءة والمهانة لنفسه ، أما أشراف الناس فليسوا على شاكلته فهم أعز وأنبل وأكرم ممن عناهم ، ومن فعل كهذا وليس في أمة الإسلام من يرتضي أن يكون سيده تاجا على الرأس ، فالناس كل الناس ولدتهم أمهاتهم أحرارًا ، وكرّم الله الإنسان حيث قال ( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا ) .
يزعم الكاذب المحتال المخادع بأنّ أسياده يعملون لصالح أمة العرب والإسلام، وأقل ما يوصف به هذا القول بأنه هراء ، لأنّ الحقيقة عكس ذلك، وإن كان أعمى فليسمع صيحات اليمنيين وشكاوى الليبين ودماء وأشلاء السوريين وغيرهم من أمة العرب والاسلام ، ليخبروه ماذا فعلت طائرات سيده وأسلحته وأمواله التي ينفقها في سبيل التطاحن بين الإخوة والأشقاء ، ومؤامراته التي ينسج خيوطها في السر والعلن ، حتى على حلفائه واقرب الناس إليه ، في بثّ الشرور والفتن .
إنّ الذي نقصده ومنذ فترة ليست بالقصيرة ، معروف ببثّ سمومه وخبثه من خلال إثارة الفتنة بين أطياف المجتمع ، تارة عن طريق المذهبية، وتارة أخرى باختلاق الأكاذيب، بقصد تضليل الرأي العام ؛ ظنا منه ومن أسياده مشغّليه ، بأنُ ذلك سينال من اللُحمة الداخلية للأمة العمانية ، ربما يقيسون أمانيهم على المجتمعات الخليطة التي تفتقد إلى رغبة العيش المشترك والاشتراك في القيم الدينية والأخلاقية والأعراف والتقاليد والتجانس ، وأهم من هذا وذاك الروح الوطنية التي تولد ، ولا تكتسب ، مع الأمم ذات الحضارات العريقة .
يدّعي هذا المعتوه الأهبل والأبله ، أنّ عمان لم يكن لها تاريخ ولم تُعرف إلا مؤخرا ، وإنّ المستمع ليصاب بالذهول والحسرة على ما وصل إليه هذا العفِن ، أوَ يظن بكذبه وتأليفه لحكاوي ، على غرار شهرزاد وشهريار ، سيصدقه أو يقتنع بحكاويه أحد ؟! أيظن أنه يُخاطب أقواما جهلت التاريخ والجغرافيا كجهله حتى بأبجديات الأمور ؟! ألم يقرأ كتب الجغرافيا لابن حوقل والدمشقي والفيروزبادي وابن بطوطة وسعيد المغربي ، ألم يقرأ كتب التاريخ ؟! لا ندعوه للقراءة في مؤلفات المؤرخين العمانيين ، وإنما لمؤرخين عرب وأجانب ، سينبئونه من تكون عمان ، وما هو امتدادها وماذا عن تاريخها في البر والبحر . ولا مانع في سبيل فكّ أسرار جهله الواضع ، أو تعاميه الجلي، من أن نرشده إلى كتابين صدرا عن شخصيتين كريمتين من البلد الذي يعيش فيه ؛ الأول كتاب تقسيم الإمبراطورية العمانية ، والثاني كتاب عمان الديمقراطية الإسلامية ، والكتابان فيهما الكفاية كي يُلْجماه ، ويُخرسا لسانه القذر ، ولتعريفه حقيقة التاريخ والجغرافيا ، وليدَع عنه الخبث والخبائث فإنها لن تؤدي به إلا إلى التهلكة ، ووَصمِ نفسه بها طيلة حياته .
ذكر في حديثه الصحابي الجليل عمرو بن العاص السهمي وولايته على عمان ، لكنه تغافل وتناسى عمدا لحقد وخبث دفين في قلبه وعقله المريض ، أنّ هذا الصحابي كان واحدا من الرسل الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحضارات التي كانت قائمة آنذاك ، فقد أرسل رسلا إلى ملوك الحبشة وكسرى واليمن وعمان والبحرين ، فدخل أهل عمان الإسلام طوعا لا كرها ، وقد أبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ملكي عمان عبدا وجيفرَ على مُلكهما ، وكان عمرو بن العاص عاملا للرسول ، يعلّم الناس أحكام الإسلام ويجمع الزكاة والصدقات ويًرسلها إلى المدينة المنورة… فلماذا هذا الاجتزاء للتاريخ والاجتراء عليه !؟ .
ولأنّ الأفعال الدنيئة تفضح صاحبها مهما حاول تلفيق حبالها المهترية ، تدخّل هذا المدعو علاونة في شأن لا يعنيه بل يعني العمانيين وحدهم ، وهو موضوع رؤية هلال شهر ذي الحجة ، ولوّح بصورة مفبركة على أن الهلال شوهد في سماء السلطنة مساء الجمعة ، الموافق لرؤية السعودية ، ونحن لن ندخل مع المذكور في نقاش فقهي بخصوص الأهلة ، ولكن ماذا يقول في رأي مركز الفلك الدولي الذي يتخذ من البلاد التي يقيم فيها المتحذلق مقرا له ، ذلك أنّ هذا المركز أعلن في رأي صريح وواضح عدم إمكانية رؤية الهلال في ذلك اليوم .
ومن المريب والغريب في الأمر ذكره ثلاث دول إسلامية فقط التي خالفت رؤية المملكة العربية السعودية الشقيقة ، وهي عمان والمغرب وإيران ، وكأنه لا يرى في موريتانيا وباكستان وبنجلاديش وغيرها دولا إسلامية ، فقد أخرجها من ملة الإسلام !!!!
عمان عندما ترى الحق أبلجًا فلها رؤيتها ولها قرارها ولا تتبع أحدًا ، والعمانيون على اختلاف مذاهبهم إباضية وسنة وشيعة يثقون في قرار مرجعياتهم السياسية والدينية والعلمية ، كلهم على شهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا رسول الله، في لُحمة سياسية واجتماعية واحدة ، الأباضي يصلي خلف السني أو الشيعي ، والسني والشيعي يصلي خلف الأباضي ، مساجد العبادة كلها مفتوحة للجميع ، وفي البيت الواحد قد تتعدد المذاهب دون ظهور أدنى نبرة للعصبية البغيضة ، لدرجة أن الحديث في المذاهب بين عموم العمانيين غير مرغوب فيه ، بل ومستَهجن من الجميع ولهذا فإنّ من تراوده نفسه زرع الفتنة المذهبية بين العمانيين لن يفلح ، وهو كنافخ الكير لن يحرق إلا نفسه ، فالعمانيون حصنهم الله العلي العظيم بالألفة والمحبة والتسامح والتعاضد ، وبدعاء الرسول لعمان وأهلها ، ولن تنطلي عليهم حيل الماكرين وسيرتد مكرهم إلى نحورهم، إن عاجلا أو آجلا .
أما مسألة الدعس والتدعيس التي أطلقها من يتعفف لساننا حتى عن ذكر اسمه ، فلعله اعتاد على ذلك ورضي به ، والإنسان على نفسه بصيرة ، أما العمانيون فهم أعز وأنبل وأكرم وأشرف وأشجع من أن يدعس عليهم أحد ، بل إنه لم يولد على ظهر الأرض مَن يفكر في ذلك ، ومن أراد أن يلقى حتفه فليظهر لنا رأسه ، دون أن يختبئ في الظلام ، ولا يولّينا ظهره ،فلم نعتد على الغدر والخيانة ، ولا العمل في الخفاء ، فإن من يفعل ذلك ما هو إلا نذل وخسيس وجبان .
لم يكن ببال كاتب هذا المقال الكتابة والرد على التافهين ولا على الأدران التي تخرج من ألسنتهم ، ولكن عندما يطفح الكيل ويصل السيل الزبى ، ويتمادى مثل هؤلاء النفر في غيّهم ، فينالون من هامات العظماء وسادات المجد ، ورمز العمانيين وولي أمرهم ، فلا صمت ولا مهادنة مع هذه الطغمة الضالة ، والويل ثم الويل والثبور لمن يتجرأ على سيد عمان وشعبها ، وليعلم هؤلاء الأذناب أننا على علم برؤوسهم ، ولكنه الحلم العُماني ، الذي لن يدوم كثيرا، إلا إن تركوا ماهم عليه وكفّوا أذاهم عنا ، واهتموا بشؤونهم ، وحينها سكتنا عنهم ، فليس لنا حاجة بهم ، فألسنتنا عفيفة عن السب والشتم والقدح الذي تعلموه في مدارس الذباب الإلكتروني ، وليعلموا أنّ التهديد والوعيد بالمحامين والمحاكم لن يرهبنا ، وكلنا يعرف طريقها إن أرادوا ذلك ولدينا ملفات سوداء بحقهم وما يصدر عنهم وكفى بالله وكيلا، وكفى بالله حسيبا .