أخبار محلية

‎بعض مرشحي الشورى يخلطون بين الاختصاصات ودغدغة مشاعر الناخبين

الشورى يتفاعل مع “مقاطعة عمانتل واوريدو15”.. ولقاء مرتقب لجميع الأطراف
الشورى يتفاعل مع “مقاطعة عمانتل واوريدو15”.. ولقاء مرتقب لجميع الأطراف الشورى يتفاعل مع “مقاطعة عمانتل واوريدو15”.. ولقاء مرتقب لجميع الأطراف

أثير- المختار الهنائي

‎”الباحثون عن عمل” ، المشاريع المتعثرة” ، “خدمات للولاية” ، عناوين تعج وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بها وبما تنتجه الحملات الانتخابية للمترشحين لانتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة، ويرافق هذه الحملات كم من هائل من المعلومات التي تضخ من قبل المترشحين، بل وإن اللوائح الإعلانية في الشوارع تشهد كذلك على الاهتمام الكبير من المترشحين للترويج عن أنفسهم للوصول إلى أكبر عدد من المؤيدين لهم في هذه الانتخابات .

‎في هذا الموضوع نحاول أن نلتقي الضوء على بعض ما يطرحه المترشحون للانتخابات، خصوصا وأن الكثير مما يقدمونه ليس إلا “وعود خدمات” تتمثل في اقتراح مشاريع للولاية وخدمة مرافقها ، وهو ما يطرح سؤالًا عن الدراية الحقيقية للمترشحين باختصاصات مجلس لشورى والأدوات التشريعية والرقابية الممنوحة له وفق النظام الأساسي للدولة.

‎اطلعنا على كثير من البرامج الانتخابية التي قدمها المترشحون، وبالرغم من أن الكثير منها لم ترقَ إلى أن يُطلق عليها برنامج انتخابي لأنها لا تحتوي على شيء أكثر من سيرة ذاتية يضعون فيها مؤهلاتهم وخبراتهم، الخبرات التي جُلها تتأرجح بين العمل المجتمعي والتطوعي، ولم يقدم إلا ما ندر برنامجًا انتخابيًا حقيقيًا يحتوي على رؤية وأهداف ترقى بمترشح لمجلس برلماني له من الصلاحيات التشريعية والرقابية ما تجعله يبتعد عن القضايا الخدمة التي تقع على عاتق المجلس البلدي.

‎تحدثنا في البداية مع الكاتب والإعلامي خلفان الطوقي وعن رأيه في موضوع مرشحي مجلس الشورى وما يقدمونه في حملاتهم الانتخابية فقال: معظمهم وبنسبة كبيرة منهم لا يفرقون بين اختصاصات مجلس الشورى والمجلس البلدي، والدليل على هذا الكلام أن كثيرًا منهم يستخدمون اختصاصات المجلس البلدي في حملاتهم الانتخابية، وإن استعان بعضهم بمن يكتب لهم البرنامج الانتخابي، إلا أنه يفتضح في سطحية معلوماته عند اللقاءات الجماهيرية، وهذه الفئة التي تسمى أعضاء لا يدرون، ولكن هناك فئة أخرى تستطيع التفريق والتميز بين اختصاصات مجلس الشورى والمجلس البلدي، لكنهم يتعمدون الخلط بينها لدغدغة مشاعر البسطاء من الناس والاستفادة من أصواتهم الانتخابية، خاصة إذا علمنا أن اختصاصات المجلس البلدي تلامس حياة الناس اليومية كخدمات الشوارع والإنارة وغيرها، وهذا الخلط حدث كثيرا في الدورات الماضية وزاد ظهوره منذ إنشاء المجالس البلدية في كل محافظات السلطنة.

‎وفي سؤالنا للطوقي حول الرهان الذي نضعه جميعنا وهو “الوعي” ، أجاب: الخبر المفرح في هذا الموضوع هو ارتفاع مستوى الوعي لدى الناخب لذلك أصبح من الصعوبة على المترشح أن يروّج أو يخلط بين اختصاصات المجلس لأنه سيجد مقاومة من جهتين أولهما الناخب الذي سيقول له صراحة إنك تعد بما ليس من اختصاصاتك، وثانيها من ممثلي الولاية في المجلس البلدي الذي سيواجهه وسيقول له هذا من اختصاصي أنا كممثل للمجلس البلدي في هذه الولاية أو تلك، وفي هاتين الحالتين سيجد المرشح أمامه خيارين، إما أن يرفع من مستواه الذهني ليستوعب الفرق بين اختصاصات المجلسين، أو أن يستمر في تواضع فكره، ويفقد مصداقيته أمام الناخبين، وهذا الرأي ينطبق في كثيرٍ من المناطق، لكن لا يمكننا أن نعممها في كل ولاية من ولايات السلطنة بسبب أن هناك خصوصية في بعض الولايات، ومستوى الوعي يكون نسبيًا، فكلما ارتفع مستوى الناخبين في تلك الولاية، أصبح لزاما على المرشح أن يرفع مستوى خطابه وبرامجه الانتخابية، والعكس بالعكس.

‎طرحنا السؤال نفسه على الإعلامي أحمد الشيزاوي، ومن خلاله متابعته للانتخابات يقول: لا يمكن تحميل المترشحين الفهم الكامل لدور مجلس الشورى في ظل غياب الثقافة الممنهجة التي تبدأ من مناهج المدارس، وأيضا غياب التكتلات والأحزاب التي تتحمل تدريب وصقل من يمثلها، وعادة في الدول التي بها أحزاب يتكفل الحزب بتدريب مرشح ما وصقل مهاراته والإنفاق عليه ليكون واجهة احترافية برلمانية للحزب ، ولذلك ما نراه في عمان أغلب المترشحين الى مجلس الشورى مترشحون بصفة فردية وبجهود ذاتية ولذلك نتلمس الفروقات في الفهم بين مترشح وآخر ، أما بخصوص الخلط الملموس بين مجلس الشورى والمجلس البلدي فهو نتاج طبيعي أن يتحول عضو مجلس الشورى من صفته الأساسية كعضو تشريعي رقابي إلى صفة خدمية، وذلك يعود أساسًا إلى ضعف التواصل الحكومي مع المواطن مباشرة وإلى تعطل مهام المجلس البلدي ولعدم أيضا قيام المؤسسات الحكومية الخدمية بدورها المرن ولذلك يلجأ المواطن العادي إلى استخدام الأعضاء كوسيلة وفرصة لحل مشاكله وتخليص متطلباته اليومية مع الحكومة والتي جرت العادة ألا تحقق ولا تستثنى القوانين إلا عن طريق ناخب خدمي .

‎وفي سؤالنا للشيزاوي عن مدى وعي المترشحين بمهام مجلس الشورى الحقيقية قال: المترشحون وتنوع مستوياتهم ظاهرة صحية، وهي نتاج وإفراز مجتمعي، وكل من يعتقد أن برلمانات العالم المتحضر لا يصلها إلا الجيدون فهذا لا يحصل أبدا لوجود أدوات مشروعة في اللعبة الديمقراطية، تسهم في وصول أشخاص لا يلامسون الطموح، لكنهم يصلون من خلال أدواتهم المشروعة كالمال والقبيلة، في غياب التكتلات الفكرية التي هي من تبني وتطور منظومة الأوطان.

‎وفي حديث آخر مع المحامي الدكتور أسعد الحضرمي حول هذا الموضوع أوضح قائلا: يصور البعض سواء من الناخبين المحبطين أو من الأعضاء المتهربين مما قطعوه سابقًا من وعود ليست في اختصاصهم أصلا بأن المجلس ليس به اختصاصات، وأن دوره ينحصر في الجانب الاستشاري فقط، وباستقراء موقف المشرع العماني من اختصاصات مجلس الشورى نجد أنه حدد له دورا بارزا في مسائل في غاية الأهمية سواء كانت تشريعية أو مالية أو استشارية أو رقابية، ويظهر الاختصاص التشريعي وفقًا للمادة (58) مكررا (35و36و37و38) من النظام الأساسي للدولة وذلك بإقرار أو تعديل مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة أو بالاقتراح لمشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكومة، وكما يظهر الاختصاص المالي في المادة (58) مكررا (40) من النظام الاساسي للدولة التي ألزمت أن تحال مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خلال شهر على الأكثر من تاريخ الإحالة.

‎ويضيف الحضرمي: لمجلس الشورى أيضًا اختصاصات فيما جاء في المادتين (43) من المادة (58) مكررا والتي أتاحت له استخدام أداة الاستجواب لأي من وزراء الخدمات فـي الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهـم بالمخالفـة للقانـون، ومناقشـة ذلك من قبل المجلـس ورفـع نتيجـة ما يتوصل إليه فـي هذا الشأن إلى جلالة السلطان، كما ألزمت في المادة (58) مكرر (44) وزراء الخدمات موافاة مجلس الشورى بتقرير سنوي عن مراحل تنفيذ المشاريع الخاصة بوزاراتهم، وللمجلس دعوة أي منهم لتقديم بيان عن بعض الأمور الداخلة فـي اختصاصات وزارته ومناقشته فيها، أما عن اختصاصات المجلس البلدي فنجدها واضحة في المادة (16) من قانون المجالس البلدية.

‎ويطرح المحامي أسعد الحضرمي سؤالًا: هل المرشحون لعضوية مجلس الشورى يعون الدور الحقيقي لاختصاص المجلس والفرق بينه وبين المجلس البلدي لاسيما من يعرضون على الناخبين في حملاتهم الإعلانية العديد من الوعود الخدمية التي تخرج من اختصاص مجلس الشورى ويختص بها المجلس البلدي، أم إنها الوسيلة الوحيدة التي تدغدغ مشاعر الناس وتحرك عواطفهم نحو اختياره، ولعل هناك من يعزو الأمر إلى الجهل بهذه الاختصاصات، وأستبعد تماما أن يكون هناك جهل من الجانبين – الناخبين أو المرشحين- في الاطلاع على الدور الحقيقي لمجلس الشورى والاختصاص الآخر في المقابل للمجلس البلدي لاسيما وأن هذه الاختصاصات مضت عليها فترتان للشورى هي الفترة السابعة والثامنة والآن نحن أمام الفترة التاسعة مما تلاحظ لدى الجميع وتأكد على حدود اختصاص أعضاء مجلس الشورى.

‎ويرى الحضرمي بأن هذا الخلط متعمد ويتوجب أن يتحمل مسؤوليته الجانبان وسواء من قطع الوعود وهي ليست من اختصاصه أو من علق آمالاً على المرشح لعضوية مجلس الشورى يعي مسبقا أنها مجرد وعود ليأتي بعد ذلك، ولمن يتساءل عن سبب التذمر والإحباط المُشاهَد في وسائل التواصل الاجتماعي ويلقي اللوم بشعارات مختلفة بأن ليس للمجلس اختصاصات ويتوجب إعطائه المزيد من الاختصاصات والصلاحيات، فنقول له بأنه هو مُنشئ تلك الوعود الإعلانية البراقة التي ما تلبث أن يخفت بريقها ويظلم بمجرد فرز الأصوات من صناديق الانتخابات.

Your Page Title