مسقط-أثير
طالب المشاركون في ندوة صحيفة المسار الإلكترونية حول المواقع الإخبارية الإلكترونية، بالإسراع في سن تشريع يدعم ويحمي الصحافة الإلكترونية، من خلال قانون شامل للإعلام يتيح للصحافة الإلكترونية الإسهام بفعالية في مسيرة الإعلام العماني، وبما يضمن حماية العاملين في المواقع الإخبارية الإلكترونية وضمان وصولهم إلى المصادر الرسمية والمعلومات الصحيحة.
ودعت الندوة التخصصية الأولى من نوعها في السلطنة، إلى حث الصندوق الوطني للتدريب وبالتعاون مع وزارة الإعلام وجمعية الصحفيين، على تخصيص دورات تدريبية للعاملين في المواقع الإخبارية، من أجل زيادة تأهيلهم وتنمية مهاراتهم في العمل الصحفي الإلكتروني بحرفية ومهنية.
وأعرب علي بن صالح العجمي مؤسس ورئيس تحرير صحيفة المسار الإلكترونية – رئيس اللجنة المنظمة للندوة عن شكره للإعلامي يوسف الهوتي على رعايته الكريمة لأعمال الندوة ولجميع المشاركين في الجلسات النقاشية للندوة وللحضور النوعي لها.. مؤكدا إن الندوة استطاعت أن تطرح القضية محل النقاش بكل موضوعية وشمولية. وأضاف أن المتحدثين أسهموا بآراء قوية ذات قيمة نوعية فيما يخص المواقع الإلكترونية، مشيدا أيضا بمداخلات الحضور من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الإعلامي.
وأبدى العجمي سعادته بما حققته الندوة من صدى ظهر من خلال تفاعل المتابعين للبث الحي للندوة على وسائل التواصل الاجتماعي ومن قاموا بالتعليق على أطروحات الندوة ومحاورها، مقدما شكره لكل من قدم الدعم لإنجاح هذه الندوة.
وناقش المشاركون في الندوة من ذوي الاختصاص مستقبل الصحافة في ظل التطورات الرقمية المتسارعة ومتغيرات الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. وشارك في الندوة نخبة من المتحدثين المتخصصين بالشأن الإعلامي وهم إلى جانب الإعلامي يوسف الهوتي راعي الندوة، كل من الصحفي أحمد عمر مدير تحرير صحيفة الرؤية، والصحفية أحلام بنت سعيد الحاتمي مدير تحرير صحيفة المسار، والصحفية موزة بنت سليمان الخاطرية ممثلة لموقع إذاعة الوصال الإخباري، كما شارك المحامي الدكتور خليفة بن سيف الهنائي في المحور القانوني، فيما أدار جلسات الندوة النقاشية الإعلامي خلفان العامري.
وحملت الندوة عنوان “المواقع الإخبارية.. تحديات المهنية وصعوبات التمويل”، واستهدفت الوقوف على التحديات التي تعاني منها الصحافة الإلكترونية وما تواجهه من صعوبات مثل صعوبة الحصول على المعلومة من مصدرها الموثوق في الوقت المناسب، وصعوبة توفر الموارد المالية اللازمة لإدارة المشاريع الإعلامية وضمان استمراريتها. وقال المشاركون إن هذه المواقع تعاني من شُح الإعلانات، التي تمثل مصدر الدخل الأول لأي وسيلة إعلامية، وذلك في ظل استحواذ المواقع الدولية العملاقة على سوق الإعلانات، مثل جوجل وفيسبوك وتويتر، ما يضع هذه المواقع أمام تحدٍ بالغ الصعوبة في تدبير نفقاتها.
واشتملت الندوة على أربعة محاور رئيسية، وجاء المحور الأول بعنوان “إدارة المواقع الإلكترونية” وناقش أدوات إدارة المواقع الإخبارية الإلكترونية وهيكل العمل الإداري فيها. وفي هذا المحور قال أحمد عمر مدير تحرير جريدة الرؤية إن الهيكل الإداري في الصحف الورقية يختلف بشكل كبير عن الصحف الإلكترونية، ففي معظم الصحف الورقية هناك هيكل إداري يرأسه رئيس التحرير ويعاونه مدير التحرير أو مدراء التحرير حسب حجم الصحيفة وعدد صفحاتها اليومية وعدد الملاحق التي تصدرها، ثم رؤساء الأقسام المحلية والاقتصادية والثقافية والرياضية وقسم الديسك المركزي والتصحيح اللغوي والإخراج الفني والتصوير الصحفي، إلى جانب وجود سكرتارية التحرير، وعددهم قد يتراوح من واحد إلى 4 سكرتارية تحرير.
وأضاف عمر أن الصحف الإلكترونية لا يوجد بها هذا العدد الكبير من المسميات الوظيفية، حيث أن معظم العمل مرتبط بالمحررين مباشرة، هم المسؤولون عن الحصول على الخبر وصياغته وتدقيقه ومن ثم نشره فورا على الموقع الإلكتروني، ونشر رابط الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. موضحا أنه من هذا المنطلق ظهرت وظيفة “المحرر الشامل”، وهو محرر أخبار يقوم بعمل المراسل أو المندوب الصحفي في المؤسسات ويجري الحوارات الصحفية والتحقيقات والاستطلاعات ثم يقوم بصياغته بنفسه وتدقيقها لغويا من حيث الاخطاء الإملائية والنحوية وغيرها، كما يلتقط الصورة الصحفية بنفسه أو مقطع الفيديو وينشره على الموقع الإلكتروني. وأشار مدير تحرير جريدة الرؤية إلى أن الصحف الورقية لا تنافس الإلكترونية، بل هما مكملان لبعضهما البعض، لكنه أوضح أن الصحف الورقية لديها قدرة أكبر وطاقة أشمل على نشر المحتوى الصحفي عن الصحف الإلكترونية، بفضل زيادة عدد العاملين في الصحيفة الورقية، وتخصصاتهم المتنوعة، وانتشارهم، إلى جانب قدرة الصحف الورقية على الحصول على أخبار من وكالات الأنباء ذات الاشتراكات المكلفة ماليا، حيث لا تستطيع أغلبية الصحف الإلكترونية أن تدفع اشتراكات لوكالات الأنباء نتيجة لارتفاع التكلفة وعدم كفاية الموارد المالية لدى الموقع الإلكتروني.
أما الصحفية أحلام بنت سعيد الحاتمي مدير تحرير صحيفة المسار فقد أوضحت أن الصحيفة تعتمد بصورة أساسية على نشر الأخبار المحلية التي تحصل عليها بمختلف الطرق، وفي المقدمة وكالة الأنباء العمانية، وما يتم تداوله عبر الحسابات الرسمية للهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما تويتر. وأضافت أن الصحيفة تعتمد أيضا بصورة كبيرة على الأخبار المنقولة عن الصحف العالمية ووكالات الأنباء العالمية المتاحة مجانا، مشيرة الى التحديات المالية التي تعيق حصول الصحف الإلكترونية على الأخبار من مصادرها. ولفتت الحاتمية إلى أنها تواجه أكبر تحدي في عدم تجاوب المسؤولين الحكوميين مع الصحيفة، حيث لا يفضلون الحديث الى وسائل الإعلام الإلكترونية. وبينت الحاتمية أن صحيفة المسار لا يعمل بها إلا عدد قليل للغاية نظرا لصعوبات التمويل، لكنها تعتمد على الصحفيين المتعاونين والمراسلين.
الصحفية موزة بنت سليمان الخاطرية ممثلة موقع إذاعة الوصال الإخباري قالت إن الصحف الإلكترونية تواجه تحديات كبيرة في مقدمتها الصعوبات المالية، وقلة عدد العاملين فيها. وبينت أن المواقع الإلكترونية تعتمد على قدرتها في الحصول على أخبار حصرية تستطيع أن تقدم قيمة مضافة للقارئ بعيدا عن الأخبار المكررة في مختلف الصحف الورقية.
وانتقل الحديث في الندوة إلى المحور الثاني الذي جاء بعنوان “مصداقية الخبر الإلكتروني”، وناقش الحضور مستوى الثقة الجماهيرية في الأخبار المنشورة عبر المواقع الإلكترونية، في ظل اعتماد البعض على الصحف الورقية أو التليفزيون والإذاعة في تحري مصداقية الخبر. وتطرق هذا المحور إلى إبراز الفارق بين المواقع الإلكترونية للصحف المطبوعة والمواقع الإخبارية الإلكترونية المستقلة وحسابات الأفراد (أو ما يوصفون بـ”المؤثرين”) التي تتناقل الأخبار.
وقالت الصحفية أحلام الحاتمية إن مصداقية الخبر الإلكتروني تأتي تدريجيا عندما يتحرى الموقع الدقة والمهنية في كل خبر يقوم بنشره، وهو ما يزيد من شعبية الموقع وحرص القراء على تصفح الأخبار المنشورة فيه، إدراكا منهم لصدق هذا الموقع، وفي المقابل إذا كان الموقع يعتمد على العناوين المثيرة الخادعة، فإن المتلقي يرفضه، وبالتالي القارئ هو من يمنح الثقة في الموقع الإلكتروني.
وقال الصحفي أحمد عمر إن هناك فوارق بين المواقع الإلكترونية للصحف الورقية المطبوعة وبين المواقع الإلكترونية المستقلة وأيضا بين حسابات الأفراد المؤثرين الذين ينشرون بعض الأخبار. وأوضح أن الموقع الإلكتروني للصحف الورقية لا يزال الأكثر مصداقية بين الصحف، نتيجة ارتباط هذا الموقع بأخبار يتم نشرها ورقيا وتُطبع في اليوم التالي، ومن ثم تمر بأكثر من مرحلة للمراجعة والتدقيق، مهنيا وقانونيا. أما حسابات الأفراد المؤثرين، فقد عبر عمر عن رفضه لمزاولة هؤلاء الأفراد أي عمل صحفي ما لم يحصلوا على التأهيل والتدريب اللازمين بجانب الترخيص من الجهات المختصة وهي وزارة الإعلام، وذلك لضمان التحلي بالمسؤولية والمهنية والأمانة في نقل الأخبار، لا سيما الأخبار ذات الحساسية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أيضا.
وقالت الصحفية موزة الخاطرية إن عنصر المصداقية ينمو مع الوقت، وأن قيام كل صحفي إلكتروني بممارسة عمله بأمانة ومهنية هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح والمصداقية.
بعد ذلك، انطلق المحور الثالث من الندوة بعنوان “آليات مجابهة الأخبار المزيفة والمغلوطة والكاذبة”، واستعرض هذا المحور الفارق بين هذه الأنواع الثلاثة من الأخبار، وآليات توظيف التقنيات الحديثة، مثل الإنفوجراف، والفيديو جراف، والبوست المصور، والفيديوهات التفاعلية، والرسائل الصوتية للأخبار، باعتبارها أدوات قادرة على مواجهة الأخبار غير الصحيحة.
وقالت الصحفية أحلام الحاتمية إن صحيفة المسار الإلكترونية تحرص على مواجهة الأخبار المزيفة والمغلوطة والكاذبة من خلال نشر كل الأخبار الصحيحة، وأيضا نشر أي توضيح لخبر كاذب أو مغلوط عن جهة ما، حيث عادة ما تقوم الجهات المختلفة بإصدار توضيح حول معلومات يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، أو شائعات منتشرة في المجتمع، وأكدت أن هذا جانب من مسؤولية الصحيفة تجاه قرائها.
وأوضح الصحفي أحمد عمر الفوارق بين الأخبار الكاذبة وهي الاخبار المصطنعة تماما من وحي خيال كاتبها، ولا تمت للواقع بصلة، أما الأخبار المزيفة فهي الأخبار التي تخلط الحقيقة بالكذب، ويتم تزييفها من أجل إبراز مسألة ما على حساب أخرى، وضرب مثالا بما حدث في انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016 عندما اشتعلت المنافسة بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، وكانت الأخبار المزيفة أحد عناصر المعركة الانتخابية. وأضاف عمر أن الأخبار المغلوطة هي الأخبار التي تحتوي على معلومات غير دقيقة، مثل أن يكتب صحفي اسم مسؤول خطأً، أو أن يشير إلى واقعة تاريخية ويذكر سنة الواقعة بما يخالق الحقيقة، أو أن يكتب الصحفي خبرا تنقصه المعلومات الأساسية.
فيما استعرض الإعلامي المخضرم يوسف الهوتي جانبا من مسيرته الإعلامية فيما يتعلق بمصداقية الخبر، وقال إن أساس العمل الصحفي والإعلامي بشكل عام هو المصداقية، فإذا سقطت المصداقية سقطت الوسيلة الإعلامية، داعيا جموع الصحفيين الى تحري المصداقية والدقة في نقل الاخبار الى المتلقي. وأضاف الهوتي أنه يجب على الصحفي أن يكون أكثر رشاقة في الحصول على معلومة منفردة في ظل المنافسة القوية، ولكن عليه تحري دقة المعلومة في ذلك.
واختتمت الندوة بالمحور الرابع والأخير، حول “النصوص القانونية التي تنظم عملية النشر”، وخاصة فيما يتعلق بنشر الشائعات أو الأخبار المغلوطة التي تفتقد للمصدر الموثوق، وكان المتحدث الرئيسي في هذا المحور المحامي الدكتور خليفة بن سيف الهنائي، الذي حذر من خطر هذا النوع من الأخبار على الاستقرار المجتمعي، وأن عدم تحري الدقة والأمانة المهنية عند كتابة الخبر يعرض الصحفي للمساءلة القانونية والمجتمعية أيضا. كما أكد الهنائي على أن قانون المطبوعات والنشر في صيغته الحالية يتسع للصحف الإلكترونية، لكنه يرى الحاجة الماسة في إصدار قانون جديد يواكب العصر، موضحا أن كل ماينشر في وسيلة إعلامية يخضع لقانون النشر.
وحول المساءلة القانونية عما يتم نشره، قال الهنائي إن المساءلة القانونية لنشر الأخبار المغلوطة تلاحق الناشر ومن أعاد النشر، سواء كان هو من صنع المحتوى وأعده وكتبه، أو قام فقط بإعادة نشره، مثل ما يحدث على موقع تويتر “إعادة التغريد” أو “الريتويت”. وأضاف الهنائي أن إعادة نشر الأخبار المجرمة تحمل الناشر الأصلي ومن يعيد النشر بأي طريقة كانت مسؤولية النشر؛ ويعاقب قانونيا حسب نصوص القانون الخاصة بنشر الاخبار المجرمة. وأسهب الهنائي في الحديث عن القوانين التي تعاقب على النشر المُجرَّم، لكنه أكد أن القضاء العماني دائما ما وقف في صف الصحفي، معتبرا أن خطأ الصحفي في نشر خبر ما لم يكن عن قصد، بل ناتج لممارسة مهنته. وقال الهنائي إن معظم دول العالم لديها قوانين تخص الصحافة، منعت مسألة حبس الصحفي، في إطار دعم حرية الصحافة، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أهمية أن يكون الصحفي متحليا بالمسؤولية عند بحثه عن الأخبار والتأكد من مصدر المعلومة وعدم التسرع في النشر دون تحري الدقة.
تلى ذلك إعلان عدد من التوصيات التي دعا إليها المشاركون، وهي: الدعوة إلى سن تشريع يدعم ويحمي الصحافة الإلكترونية، من خلال قانون شامل للإعلام يتيح للصحافة الإلكترونية الإسهام بفعالية في مسيرة الإعلام العماني، وبما يضمن حماية العاملين في المواقع الإخبارية الإلكترونية وضمان وصولهم إلى المصادر الرسمية والمعلومات الصحيحة، وحث الصندوق الوطني للتدريب وبالتعاون مع وزارة الإعلام وجمعية الصحفيين، على تخصيص دورات تدريبية للعاملين في المواقع الإخبارية، من أجل زيادة تأهيلهم وتنمية مهاراتهم في العمل الصحفي الإلكتروني بحرفية ومهنية.
وتضمنت التوصيات توفير بدائل تمويلية للمواقع الإخبارية الإلكترونية من خلال إلزام كبار المعلنين بتخصيص إعلانات للمواقع الإلكترونية العمانية بدلا من الاعتماد على مواقع أجنبية مثل تويتر وفيسبوك وجوجل وغيرها، وفرض ضرائب على هذه المواقع العالمية لتعزيز تنافسية المواقع المحلية.
ودعت التوصيات إلى تشجيع مؤسسات الدولة على دعم المواقع الإلكترونية عبر تحويل جزء من الإعلانات الحكومية إلى هذه المواقع، وبالتالي توفير دخل يتناسب ونفقات هذه المواقع.
وحث المشاركون على تحفيز الشركات على عقد اتفاقيات مع المواقع الإلكترونية بهدف تقديم خدمات إخبارية وإعلامية لهذه الشركات، في مقابل منح الحكومة امتيازات لهذه الشركات.
كما أكد المشاركون في الندوة على أهمية وجود متحدث رسمي عن المؤسسات الحكومية وذلك لمواجهة الشائعات والأخبار المغلوطة، فضلا عن ضرورة محاربة الأخبار الكاذبة التي تسعى للنيل من سمعة السلطنة عبر نشر معلومات غير حقيقية تمس سياسات أو اقتصاد السلطنة أو قضايا تخص الشأن المحلي العماني.
وفي ختام الندوة، تم تقديم هدايا تذكارية للمشاركين في الندوة ولراعي أعمال الندوة الإعلامي المخضرم يوسف بن عبدالكريم الهوتي، كما تم تكريم الرعاة وهم المتحدة للأوراق المالية، والراعي التسويقي للفعالية شركة رواج للاتصالات والتسويق، والراعي الفضي السيفي لصناع الحلوى العمانية، إلى جانب تكريم حضور الندوة.