أخبار محلية

لماذا نحتاج لمؤسسة ترعى الاقتصاد الإسلامي؟

لماذا نحتاج لمؤسسة ترعى الاقتصاد الإسلامي؟
لماذا نحتاج لمؤسسة ترعى الاقتصاد الإسلامي؟ لماذا نحتاج لمؤسسة ترعى الاقتصاد الإسلامي؟

مصطفى بن ناصر الناعبي- متخصص في الاقتصاد الإسلامي

إن النمو المتزايد الذي يحظى به الاقتصاد الإسلامي عالميا جعله يلفت الأنظار نحوه، وصارت بعض الدول ممن تنبهت لهذا المكون في التنويع الاقتصادي، إلى المسارعة لتبني الخطط لأجل أن تكون مركزًا للاقتصاد الإسلامي، وسعت بجهد كبير إلى أن تستفيد منه الاستفادة الكبرى، وقد حوى تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي، الذي أتى هذا العام تحت عنوان فرعي وهو قيادة الثورة الرابعة للاقتصاد الإسلامي، أرقامًا واعدة، تدل على أن الاستثمار في هذا المجال الواعد يمكن أن يحقق الكثير من الموارد، وأنه سيسهم بطريقة كبيرة في التنويع الاقتصادي حيث إن مكونات الاقتصاد الإسلامي تغطي جميع النواحي الاقتصادية، أضف إلى ذلك نمو الطلب العالمي على هذه القطاعات، وتزايد إقبال الشركات العالمية على تبني هذا النوع من الأنشطة في عملياتها.

ولو تتبعنا المعلومات التي وردت في التقرير، نجد أن كبريات الشركات العالمية في مجال الأغذية تنشئ خطوطا إنتاجية مستقلة تخدم منتجات الأغذية الحلال، فنجد أن شركات مثل : نستله وفيريرو روشية قد سعت إلى استصدار شهادات حلال لمنتجاتها المتوافقة مع متطلبات الغذاء الحلال، كما أن هناك العديد من المؤسسات فيما يختص بالسياحة الحلال، والتي صارت تراعي متطلبات السائح المسلم خاصة إذا علمنا أن إجمالي ما تم إنفاقه على السياحة الحلال في عام 2018 ما يعادل ( 189) مليارًا، ويتوقع أن تنمو في عام 2024 إلى ( 274 ) مليار دولار، حسبما ورد في تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي.

ومما جاء في التقرير أن اليابان وعدت بتوفير بيئة مناسبة للزوار المسلمين خلال أولمبياد طوكيو 2020. كما نجد هناك بعض المنصات على الشبكة العنكبوتية مثل Halal Booking والتي تختص بتوفير المرافق الحلال التي تتناسب مع احتياجات سفر الأفراد و العائلات المسلمة. وفي عام 2019 أطلق مركز ماليزيا الإسلامي للسياحة الحلال مؤشرا لتحديد الفنادق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، كما أنه في الفترة الأخيرة صار هناك ظهور كبير للأزياء المحافظة التي يراعى في تصميمها المتطلبات الشرعية التي أصبحت تلاقي رواجا كبيرا في أوساط المسلمين في مختلف دول العالم وكذلك من غير المسلمين ، وهذا بدوره أدى إلى نمو في المبيعات المختصة بهذا النوع من الألبسة، فقد تم إنفاق ما إجماله (282) مليار دولار خلال 2018 على الأزياء المحافظة من مختلف دول العالم، وبات موقع مودانيسا التركي رائدًا في هذا المجال، وصارت الكثير من الماركات العالمية تخصص علامات تجارية رئيسة تختص بالأزياء المحافظة كمثل يونيكلو اليابانية و شركة نايكي للملابس الرياضية في منتجها برو حجاب.

لا يُنسى ما لعلماء المسلمين من دور بارز في تطور العلوم في شتى المجالات لا سيما في مجال الطب والعلوم التطبيقية، وحاجة الإنسان إلى الدواء أصبحت من الضروريات التي لا يستغني عنها الإنسان في أطوار حياته المختلفة، والمسلم على وجه أخص يحتاج أن تكون هذه الأدوية متطابقة مع المتطلبات الشرعية من حيث إنها لا تحتوي على أي من العناصر المحرمة كالخمور أو أي من مشتقات الخنزيز، فعلى هذا الأساس وجدت الصناعات الدوائية الحلال التي لاقت إقبالا ورواجا كبيرين سواء من الشركات المصنعة أو من قبل المستهلك النهائي لهذه المنتجات، وهذا السوق حاله كحال بقية أسواق مكونات الاقتصاد الإسلامي بحاجة إلى الكثير من الاستثمار والاستكشاف، وبذل مزيد من الاستثمارات فيه، فقد بلغ إجمالي ما تم إنفاقه في عام 2018 على المستحضرات الدوائية الحلال ما قيمته (92) مليار دولار.

وبما أن قطاع الإعلام والترفيه يحظى باهتمام بالغ على المستوى العالمي، كذلك هو الحال مع الإعلام والترفيه الحلال، الذي زاد الإقبال عليه بشكل كبير فمقارنة بـ (198) مليار دولار تم إنفاقه على هذا القطاع في (2017)، فقد ارتفع هذا الإنفاق في عام 2018 ليصل إلى (220) مليار دولار، ويتوقع أن يرتفع الإنفاق على هذا القطاع في عام 2024 ليصل إلى (309) مليارات دولار أمريكي.
الملاحظ من الأرقام الورادة أعلاه وهي تشكل جزءًا بسيطًا من المعلومات الواردة في التقرير والتي تبين أهمية قطاع الاقتصاد الإسلامي، كما أنه يلعب دورا كبيرا في تنويع الاقتصادات الوطنية، وقد تنبهت بعض الدول مبكرًا لهذه الفرصة وسعت إلى اقتناصها فنجد مثلا دولة ماليزيا عملت بجهد كبير لإيجاد الأرضية الملائمة والداعمة لمكونات الاقتصاد الإسلامي لذلك نجدها تحتل المراكز الأولى في مؤشرات الاقتصاد الإسلامي، ففي التقييم العام احتلت ماليزيا المركز الأول وتلتها البحرين وأيضا احتلت ماليزيا المركز الأول في كل من التمويل الإسلامي و السفر الحلال، وتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة في كل من الأعذية الحلال والأزياء المحافظة والمنتجات الحلال والإعلام والترفيه، وقد اهتمت إمارة دبي اهتماما خاصا بالاقتصاد الإسلامي فأنشأت مركزا متخصصا لذلك، ونجد السلطنة احتلت المركز السادس في التقييم العام واحتلت المركز السابع في كل من الأغذية الحلال و التمويل الإسلامي، وغابت عن بقية المكونات.


والمتتبع لمثل هذه التقارير يجد نموًا ملحوظًا في الإقبال على المنتجات الحلال ووسائل الترفيه والسفر الحلال وغيرها من مكونات الاقتصاد الإسلامي، بل ودخولها في أسواق جديدة كليا، وسعي الكثير من الشركات العالمية في مختلف القطاعات إلى الحصول على الاعتماد الحلال لا سيما فيما يتعلق بالأغذية والأدوية.

– حاجة السلطنة لتبني مؤسسة تهتم بالاقتصاد الإسلامي:

مما جاء في رؤية ماليزيا 2030 الاستراتيجية أنهم وضعوا المالية الإسلامية على رأس أولوياتهم الاقتصادية في تلكم الخطة المستقبلية من بين خمسة عشر (15) مكونا، وجاء المكون السادس من هذه الرؤية لجعل ماليزيا مركزًا للحلال، وفي الجانب الآخر نرى خططا طموحة لمركز دبي للاقتصاد الإسلامي الذي يسعى جاهدا إلى جعل دبي مركزا للاقتصاد الإسلامي في المنطقة، وقد أطلق المركز خطته الاستراتيجية ” دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي 2017-2021 ” ، والتي يسعى من خلالها إلى التركيز على القطاعات التي تخدم الاقتصاد الإسلامي، وكيفية الاستفادة منها الاستفادة الأمثل، وركزت على ثلاثة قطاعات رئيسة هي: التمويل الإسلامي، قطاع الحلال، ونمط الحياة الإسلامي. وكذلك سعي المركز إلى فتح آفاق جديدة ومناطق مختلفة يمكن أن يدخلها سوق الاقتصاد الإسلامي.

فمع هذه المعطيات والاهتمام من مختلف الدول لأجل أن تكون جاذبة للاقتصاد الإسلامي، وبذلها للكثير من التسهيلات لتكون جاذبة لهذه الأموال والتي ترتفع سنويا بصورة ملحوظة، ونظرًا لما تتمع به السلطنة – بحمد الله- بموقع جغرافي استراتيجي واستقرار جعلها موقعا مناسبا ومهيئا لتكون محضنا للاقتصاد الإسلامي، لا سيما بعدما أثبتت أحد مكونات الاقتصاد الإسلامي نجاحها في السلطنة – وأعني هنا- مؤسسات التمويل والتأمين الإسلامي، وأخص بالذكر القوانين المنظمة لعمل المؤسسات المصرفية الإسلامية، فهذه الإمكانات الموجودة و الرغبة في التنويع الاقتصادي أرى أنها تحتم علينا السعي بجهد لأجل أن تكون السلطنة مركزًا من المراكز التي تجذب الاقتصاد الإسلامي وتصدره بتجربتها الفريدة للآخر، فنحن بحاجة لوجود مركز على أعلى مستوى لينظم ويؤطر ويسوق للفرص الواعدة لها في السوق العماني وقدرته على جذب الاستثمارات، كما يمكن أن تكون السلطنة مركزًا للاعتماد الحلال، والبلد بحمد الله تعالى مهيئة تماما لتكون مركزا مهمًا على مستوى العالم جاذبًا لكافة قطاعات الاقتصاد الإسلامي.

فن باب التنويع الاقتصادي والفرص الواعدة جدا في هذا المجال، وعلينا أن نسعى جاهدين إلى تهيئة الفرص وجذب الاستثمارات والتي ستشكل السلطنة نقطة مهمة جدا وبارزة من خلال المميزات التي تتمتع بها من كل النواحي كالموقع الاسترتيجي من الناحية اللوجستية و الاستقرار الداخلي والعلاقات الطيبة مع جميع دول العالم، بالإضافة إلى الثقة الدولية التي تحظى بها السلطنة في ظل العهد الزاهر الميمون.

Your Page Title