رصد – أثير
عندما يكون الطمع والجشع وسيلة لتحقيق منفعة، تكون العاقبة وخيمة، وهنا قضية توضح ذلك رصدتها “أثير” من مجلة الادعاء العام (المجتمع والقانون)، وتبدأ تفاصيلها من تلقي مركز الشرطة بلاغًا من إحدى الشركات حول قيام أحد موظفيها بتزوير كشف ساعات العمل الإضافي الخاص به، ليظهر أنه عمل ساعات إضافية، مما نتج عنه استلام أجر إضافي دون وجه حق.
بعد مباشرة الإجراءات تم الاستماع إلى الشهود، وتبيّن أن المتهم زوّر أوقات تتراوح بين ساعة إلى أربع ساعات خلال أيام العمل الأسبوعي، كما سجّل ساعات عمل إضافية خلال العطل الأسبوعية، رغم عدم مباشرته العمل فيها.
أنكر المتهم ما أُسنِد إليه، فتم تشكيل بلاغ جرمي بحقه وإحالته إلى الادعاء العام الذي بدوره قام بالاستماع إلى أقوال مدير الموارد البشرية والإدارية في الشركة حيث أكد بأن المتهم يعمل في الشركة بوظيفة فني ميكانيكي أول منذ ما يقارب أربع سنوات، وكانت طبيعة عمله تقتضي العمل الإضافي، سواء ما بعد ساعات العمل خلال أيام الأسبوع أو خلال العطل الرسمية، ويُصرَف له عن تلك الساعات بدلًا إضافيًا، موضحا أنه تم اكتشاف الواقعة من قبل المدير المالي، حيث كان يتولى التدقيق على کشف ساعات العمل الإضافية المقدم من المتهم، واستبان له أن المتهم سجل ساعات عمل إضافية لتركيب قطعة معينة في إحدى الآلات التي لم تقم الشركة بشرائها أساسا، وباستدعاء المتهم ادعى خطأه في الكشف وتم تسليمه الكشف مرة أخرى لتعديله وبعد ذلك سلمه مجددا للمدير المالي، واتضح بأنه سجل ساعات عمل إضافية لإصلاح قطعة تم إصلاحها قبل شهرين من التاريخ الذي سجله المتهم في الكشف، مما حدا بالمدير المالي إلى إحالة الأمر لقسم الموارد البشرية في الشركة، ليتم التحقيق الداخلي.
كما تبيّن من قراءات الدخول والخروج في البوابة الأمنية للشركة عدم انطباقها، مع ما دوّنه المتهم من بيانات في كشف ساعات العمل الإضافية، مما يؤكد أن المتهم استغل ثقة مسؤولية في تمرير الكشف بعد ذلك. كما أوضح مسؤول المتهم المباشر بأنه استلم نظير الساعات التي قام بتسجيلها مبلغًا يقارب الـ (1700 ) ريال عماني.
وفي الخلاصة أحال الادعاء العام المتهم إلى المحكمة المختصة بجنحة ( التزوير في أوراق خاصة، وقضت المحكمة، بإدانته بجنحة التزوير في أوراق خاصة، وبجنحة استعمال مزور مع العلم بأمره، وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن سنة والغرامة خمسمائة ريال، وعن الثانية بالسجن سنة والغرامة خمسمائة ريال، مع جمع العقوبتين بحقه وتنفيذ شهرين من العقوبة الحبسية، ومدنيًا بإلزام المتهم إرجاع مبلغ وقدره (1552.907) ريال.
لم يرتض المتهم هذا الحكم، وتقدم باستئنافه أمام المحكمة المختصة التي قضت بتأييد الحكم الابتدائي، ثم تقدم بعد ذلك عبر وكيله القانوني بطعن الحكم أمام المحكمة العليا، التي قضت بتأييد حكم الإدانة، ونقضه جزئيًا فيما يتعلق بالعقوبة.
تُجدر الإشارة إلى أن الشركة بعد انتهاء فصول هذه الدعوى قامت بإنهاء خدمات المتهم من العمل، ليكون بذلك قد خسر وظيفته.