فضاءات

الشاعر الكبير أدونيس يكتب لـ”أثير” : تنويعات على معنى المعنى

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – أدونيس

 

-I-

في مقبرة سانت-ميكيل، فينيسيا،

يرقد اسم عَزرا باوند « فقيراً » على الأرض في ظِلِّ شجرة صغيرة، خُيّل إليَّ كأنها غارٌ أو من فَصيلة الغار.

يرقد اسم جوزيف برودسكي على لوحٍ رخاميّ، تمثالاً « غنياً » عالياً.

طاب لي فيما أرى هذين الإسمين يتجاوران في المقبرة (9 كانون الثاني 2019)، أن أنزع عن الكلمات غِطاءها، وأن أقرأ في وجهها عَبثَ التاريخ، وعَبثَ هذه القراءة، إضافة إلى عَبثِ الّصورة التي تُسَمّى الإنسان – هو الذي يقول إنّ اللهَ خلقَه على صورته ومثالهِ.

 

-II-

لا أحدٌ يعود بفكره إلى الوراء، إلا الإنسان.

الحيوان لا يعود.

كذلك النبات.

ربّما لهذا، رفضت الكتابة أنْ تَنحصرَ في كونها تعبيراً عن الإنسان، حرّاً أو مقيّداً. هكذا كانت أيضاً، وربّما قبل كل شيء، دفاعاً عن الإنسان، ضدَّ العالم وأشيائهِ.

والهجوم أوّل الدّفاع.

 

-III-

هل تجيء كلمة زخرف العربية من الكلمة اليونانية زوغرافوس (zographos) ؟

أتساءل، خصوصاً أنني لم أجد في « لسان العرب » إشارةً إلى ذلك في الفعل: « زخرف ».

وتنتمي الزخرفة إلى الشكل والصورة.

انطلاقاً من ذلك، يمكن أن نطرح هذا السؤال:

« كيف يظهرُ الإنسانُ كمثل إلهٍ يتجلّى في لحظتهِ الأبديّة »؟

و « تلك هي مسألة التصوير »، يقول الكاتب الفرنسي باسكال كينيار (الجنس والرّعب، ص 61).

وما تكون العلاقة، إذاً، بين الكتابة والتّصوير في الرّؤية الدّينية، خصوصاً أننا نجد بين أسماء الله الحُسنى اسم « المصوّر » ولا نجد اسم « الكاتب »؟

استطراداً، أشير إلى أنّ ابنَ عربي يُعطي للصورة أهمّيةً قُصوى في معرفة الله، واكتِناهِ أسرارِ الألوهة. يقول في هذا الإطار: « ليس لله صورةٌ معيّنةٌ ثابتة ». الله تحوّلٌ في الصُّوَر، فللّه وجهٌ خاصٌّ في كلّ شيءٍ.

في هذا الإطار أيضاً، يطرح هذا السؤال الكينونيّ: « مَنْ هو أنا في أنا؟ ». ويخاطبُ الإنسانَ، قائِلاً: « أنت غَمامةٌ على شمسكَ ».

 

-IV-

في أفق ابن عربيّ، يطيب لي أن أسأل تلك النّجمةَ البعيدة: لماذا تحكّ ظهرها بجذعِ أرزةٍ لبنانيّة؟ وماذا تقول لطبقات الغيم التي تفترش حولها أحضان المُنحدرات؟

حَولَها – نعم،

حيث رأيتُ حَصاةً هرمةً تتذكّر جارتها الفراشةَ الطّفلة،

وحيث تكتب الفراشات مذكّراتها وتستودعها أحضانَ النباتات ودفاترها المدرسيّة.

وكنت قد أصغيتُ أمس، إلى الشمس تُوَشوشُ الأشياءَ، فيما تحتضنها:

« نعم، رأسٌ فارغٌ لا يرى العالمَ، لا يقدر أن يراهُ إلّا ببصيرة فارغة. فليكن، عند المخلوقات كلّها، وبخاصّةٍ الإنسان، أفقٌ أخضرُ لكلّ غُصْنٍ في كلّ شجرةٍ ».

 

-V-

إشراقات مستعادة في أفق إبن عربي

أ- الوقتُ ما أنت فيه.

أبو على الدّقاق

 

ب- لا تجعلوا ذكر الله شَرَكاً يُصطادُ به حُطام الّدنيا.

القشيري الشافعي

 

ج- أيّ منفعةٍ للعلم، إذا كان الله في غاية الوضوح؟

ابن سبعين

 

د- رُبّما أعطاك فمنعَكَ

وربّما منعكَ فأعطاك.

ابن عطاء الله السّكندريّ

 

ه- لا يُدرَكُ النّورُ إلا بالنّور.

ابن الدّبّاغ

 

و- احذرْ، لا تأمن إبليس،

فإنّه يتحدّث في سبعمئة درجة للمعرفة.

الخَرقانيّ

(أبو الحسن عَليّ بن جعفر)

 

*

*

 

شرارات

 

أ- حسناً، لكلٍ إبليسهُ.

لكن، هل لإبليسَ نفسهِ، إبليسٌ خاصٌّ؟

ومن يكون؟

 

ب- شطآن المعنى:

زبدٌ وبقايا سفُنٍ.

 

ج- على سريرٍ من رَمل التّاريخ،

يتقلّب جسد المعنى.

 

د- المعنى جرحٌ والإنسان دمٌ يتقطّر منه.

 

Your Page Title