أثيريات

د.رجب العويسي يكتب: رئيس جديد لجامعة السلطان قابوس ورهان عمان المستقبل

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية في مجلس الدولة

شكّل المرسوم السلطاني رقم (67/2020) بتعيين صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى بن ماجد آل سعيد رئيسًا لجامعة السلطان قابوس بالدرجة الخاصة، بداية لمرحلة جديدة في مسيرة جامعة السلطان قابوس الأكاديمية والمهنية والبحثية والمجتمعية والأدائية، تعيد فيها الجامعة إنتاج دورها وإثبات حضورها ومشاركتها الفاعلة في مسيرة بناء عمان المستقبل، وهو دور يرتبط بحجم المسؤوليات وطبيعة الأجندة التي يحملها مستقبل عمان المشرق امتدادًا لحاضرها الزاهر الذي أسسه وبناه وصاغه ورسمه المغفور له بإذن الله تعالى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه، كأهم صرح تعليمي شامخ يمثل ركيزة التعليم الجامعي والعالي والتخصصي بالسلطنة، والقيمة المضافة التي تشكلها الجامعة في منظومة بناء الدولة العمانية المعاصرة في ظل قناعات وطنية متجذرة بموقع الجامعة في فكر الإنسان العماني وما تحظى به من تقدير مجتمعي لدورها واعتزاز وفخر بمخرجاتها، وبما يصنع في المرحلة المقبلة مساحة أمان واستراحة تقييم وفرصة إثبات الذات تبرز فيها الجامعة كفاءتها ومنافستها وترد خلاله وعبر جودة مخرجاتها وكفاءة برامجها ومهنية أدواتها وتنافسية مراكزها بعض الجميل الذي قدمه لها الوطن وعبرت عنه الزيارات الكريمة السامية لسلطان عمان الراحل للجامعة في العامين 2000 و2010، وهو المعنى الذي جاء به خطاب عمان المستقبل الذي تفضل به حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- ليجعل من النسق التعليمي والذي تمثل جامعة السلطان قابوس رأُسُ الهرم التعليمي وركيزته، أولوية في بناء عمان المستقبل ورؤية واهتمامات القيادة الحكيمة لجلالته حفظه الله، حيث ورد في النطق السامي:” وإن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار سوف يكون في سلم أولوياتنا الوطنية ، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة”، تأكيد لما يمثله التعليم في مسيرة البناء والتطوير ونهضة الأمم وتقدمها ومسيرة بناء الوعي وصناعة المسؤولية ، باعتباره ركيزة أساسية في المحافظة على رهان الوطن في شبابه ومخرجات التعليم، لتحقق مستويات عالية من المنافسة والكفاءة والفاعلية والانتاجية، وشاهد إثبات على دور التعليم في الاستثمار في الرأسمال المال الاجتماعي البشري وبناء المواطن الواعي المنتج القادر على صناعة الفارق وإنتاج القوة في نفسه ومجتمعه وقراراته وأفكاره، وتعظيم القيمة الاستثمارية في موارده وممكناته وإمكانياته ومهاراته واستعداداته، والممكن له في اكتشاف جاهزيته الفكرية والنفسية والمعنوية والأدائية في إدارة متطلبات الواقع والعيش بوعي ومسؤولية في ظروف متغايرة.

وعليه نقرأ شخصيًا في هذه الثقة السامية والرؤية الحكيمة لجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه موجهات لبناء المستقبل ومدخلات لصناعة الفارق والرهان على الجامعة بدور استراتيجي قادم تؤكده طبيعة الظروف والمتغيرات ونوعية المواجهة القادمة التي تضع في أولويتها البحث العلمي والابتكار والريادة – التي تشكل جوهر العمل الجامعي- وتؤسسه نوعية المنتج الوطني المطلوب لتحقيق رؤية عمان 2040 ، لذلك لم يكن اختيار هذه القيادة الجديدة ممثلة في شخص السيد الدكتور فهد بن الجلندى لرئاسة الجامعة حالة عادية بقدر ما هو خيار استراتيجي واختيار موفق لرجل المرحلة في قيادة هذا الصرح العلمي، وما تحمله رؤية المستقبل المنظور للجامعة من استحقاقات قادمة تبرز فيها ملامح إنجاز تفوق التوقعات وتستقرئ في دلالاتها رؤية القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم وقراءته لمتطلبات المرحلة القادمة، والدور الذي تؤسسه الجامعة في بناء قيادات المستقبل وإنتاج الصفوف الأولى لقيادة العمل بمؤسسات الدولة المختلفة، وبما تحمله رسالة الجامعة من هاجس التنمية وطموحات المواطن العماني، لذلك فإن هذه الثقة السامية في القيادة الجديدة تحمل في دلالاتها الكثير من التفاؤلية والإيجابية المعززة بروح المسؤولية وكفاءة الإنجازات القادمة وتبرز في محطاتها تنفيذ الكثير من الآمال المعقودة على الجامعة، وبناء أرصدة نجاح تأخذ في الاعتبار موجهات بناء عمان المستقبل التي أشار لها الخطاب السامي، لذلك فإننا على ثقة بأن هذه الخطوة ستغيّر من المشهد القادم لجامعة السلطان قابوس وستشهد انطلاقة جديدة متميزة في مسيرة عملها، خاصة أن القيادة الجديدة كانت في فترة سابقة جزء من منظومة العمل بالجامعة وساهمت في بناء مسيرة إنجازها المشرقة وتكونت لديها الكثير من الآمال والطموحات والأفكار التطويرية والإصلاحية- التي لم تساعدها الظروف في تنفيذها- في منظور التحول الذي تحتاجه جامعة المستقبل، كما أن قيادته لقطاع البحث العلمي والابتكار بمجلس البحث العلمي سوف يعيد التوازنات في مسيرة عمل الجامعة ويؤسس لمرحلة متقدمة في تحقيق أدوارها في البحث العلمي والتدريس والمجتمع، بالإضافة إلى أن شخصية القيادة الجديدة وما اكتسبته من خبرات وجاهزية واستعدادات في مرورها بالعديد من المحطات الجامعية كونه عضو هيئة تدريس بكلية الزراعة والعلوم البحرية، اكسبتها المزيد من التكيف مع متطلبات صناعة الشخصية الجامعية، فهي شخصية محبوبه وشابه ومنفتحة وقوية فكرًا، ومثقفة تمتلك المزيد من الحدس والتوقعات ولها حضورها النوعي في الفضاء الجامعي والمجتمعي ، كما أكسبته المواقف الجامعية والأحداث المرتبطة بعمل الجامعة في فترات سابقة وتوقعات مجتمع الجامعي منه ممكنات قوة لقراءة مستقبل العمل بجامعة السلطان قابوس والرؤية القادمة لعملها وكيف يمكن إعادة إنتاج هذا المسار بما يتناغم مع طبيعة عمان المستقبل والضرورات والأولويات والمستجدات الحاصلة في المشهد العماني ، فإن مساحة السلاسة والمرونة والأصالة والروح المرحة والقرب من الشباب والاخذ بأيديهم وتشجيعه المستمر لهم، ومبدأ الذكاء الاجتماعي وفقه التواصل والاتصال وأريحية الخطاب الراقي المؤطر والعفوي الذي تتميز به شخصية القيادة الجديدة، والمنطق الفكري الذي يؤمن به في بناء قدرات الشباب والاستفادة من محطات التغيير، والشفافية والوضوح ومنطق التأثير والاحتواء للأفكار الأخرى التي يتمتع بها شخص القيادة الجديدة للجامعة والذي تجسده مسيرة التفاعلات والإنجازات والأنشطة التي برزت في لقاءاته وأحاديثه وقبول وجهات النظر المختلفة وتضمينها ضمن الاستراتيجية الوطنية للابتكار وغيرها كثير، سيقدم للجامعة المزيد من الفرص النوعية سواء عبر بناء شراكات أوسع مع القطاع التعليمي الحكومي والخاص، والحصول على المزيد من الدعم والتمويل للبرامج والاستراتيجيات الأكاديمية والبحثية والمجتمعية التي ستسهم فيها الجامعة من خلال الشركات ومؤسسات القطاع الخاص ، كل ذلك وغيره سوف يكون له حضوره الفاعل وأهميته الكبيرة في رسم معالم التحول القادمة في مسيرة عمل الجامعة موظفًا خطوط التأثير وجسور التواصل وروابط المودة التي يمتلكها والتقدير الذي يحظى به من الأكاديميين والباحثين ومجتمع المتعلمين في كسب الرهان الوطني على الجامعة بتحقيق تحولات قادمة تمشي على الأرض .
من هنا فان القادم سيفصح عن تحولات نوعيه ستشهدها مسيرة العمل بجامعة السلطان قابوس على المسار الأكاديمي والبحثي والعلمي والمجتمعي والطبي وفي منظومة العمل واستراتيجيات الأداء، وفي التعاطي مع مفاصل العمل الوطني بما تمثله كليات الجامعة من حضور مواز لها في الجهاز الإداري للدولة ولما تشكله جامعة السلطان قابوس كونها بيت خبرة وطني في صناعة المحكات وبناء أدوات وإنتاج مؤشرات التقييم ورسم معطيات التقدم الحاصلة، لذلك سيكون دورها حافلًا بالكثير من الإنجاز والعمل في دعم معطيات المرحلة القادمة وتوفير البيئة التنفيذية المناسبة لرؤية عمان ٢٠٤٠ وما تحتاجه المؤسسات من فرص تنويرية ونصح وتوجيه وإرشاد وتفسير لكل العمليات المتعلقة بمنظومة الأداء، ويقدم لعمليات المراجعة التي وجه اليها خطاب عمان المستقبل منصات تقييم وسيناريوهات أداء وتنفيذ وتوفير بدائل تعزز من كفاءة عملية المراجعة وتصنع لها حضورها في أجندة عمل كليات الجامعة المختلفة، بالإضافة إلى تعميق مسار الشراكة مع المؤسسات النظيرة للكليات الجامعية وتوفير الأدوات والاستراتيجيات الداعمة لعملها وقياس مؤشرات أدائها، هذا الأمر من شأنه إحداث تغييرات قادمة في بنية الجامعة الهيكلية والإدارية والتنظيمية والتشريعية والفنية والأكاديمية وضبط دقيق للمنظومة البحثية وعلاقتها بالمنظومات البحثية الوطنية ( مجلس البحث العلمي)، ومراجعة التقسيمات الإدارية الحالية ومنظومة الصلاحيات والحوافز وموقع الكفاءة العمانية في المسار الأكاديمي ونسبة حضورها في البيئة الفنية والأكاديمية للجامعة وغيرها كثير مما نقرأه في فكر القيادة الجديدة، وهي قادرة بعون الله وتكاتف جهود أبناء الجامعة وبناتها من موظفين وأكاديميين وإداريين على صناعة معالم التحول ورسم حقائق الإنجاز المبهر.
كما تتجه إرادة القيادة الحكيمة للجامعة إلى إدارة الملفات التي ما زالت مفتوحة في مسيرة عمل الجامعة وجملة الأجندة التي تضعها على طاولة عملها، والتي تنتظر وجود قرار استراتيجي في التعاطي معها، سواء في العمل بأقصى ما يمكن في الحد من هجرة العقول العلمية، والمحافظة على بقاء الكفاءة الوطنية والحد من انتقالها خارج الجامعة، وتجديد الدماء الوطنية والكفاءات الشابة في قيادة الكليات – وهو الذي بدت ملامحه مؤخرًا-، ومنح الفرصة للكفاءة الوطنية من خارج الجامعة للانتقال للعمل الأكاديمي بالجامعة مع المحافظة على سقف توقعات الإنتاجية والأداء منها، وتعزيز الشراكات العلمية والبحثية الفاعلة مع المجتمع في معالجة التحديات التي يعيشها في بعض جوانبه والوصول الى حلول تنتجها الجامعة في التعامل مع الأزمات والجوائح ومنها جائحة كورونا ( كوفيد19)، عبر تفعيل أفضل ومنتج للمراكز البحثية والكراسي العلمية وإيجاد بيئة تشاركية لها مع المؤسسات النظيرة ، بما يخدم التنمية الوطنية واستراتيجية عمان ٢٠٤٠، وإعادة التفكير الجدي في قراءة متوازنة لمتطلبات الحرم الجامعي وبيئة الجامعة وتفعيل خطوط التواصل المستمرة المعززة وفق أطر واضحة للمتابعة والتقييم، وتوفير البدائل والقراءة الاستباقية والتشخيص المستمر للواقع الجامعي والتفاعلات الحاصلة فيه، والوقوف على الملفات التي تنتظر البث فيها ومعالجتها فيما يتعلق بالبعد الأكاديمي والتحصيلي والنفسي والإسكاني والغذائي والصحي للطلبة، وتوفير بيئة عمل جامعية جاذبة محفزه وضامنة للإبداع والابتكار الإداري وتعزيز دور الجامعة في توظيف الموارد والاستثمار في الأموال العينية والبشرية والوقف الجامعي والتثمير فيها وإعادة إنتاجها بما يحقق السيولة المالية والاستقرار الداعم لأجهزة العمل البحثية والمختبرات التجريبية والعلمية والاستكشافية بالجامعة، بالإضافة إلى موقع الجامعة في خريطة جامعات العالم، وتعزيز قدرة الجامعة في تحقيق التنافسية وتسجيل براءات اختراع تتناغم مع حجم التطور العالمي في الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وإنتاجية المختبرات، وتصحيح بعض الرؤى والتوجهات والأفكار التي أسهمت في تأخير الكثير من الإنجازات والتحولات في ظل تنازع الاختصاصات ومسائل التمكين والترهل الوظيفي والذي أدى إلى بعض التأخر في مستوى حضور الجامعة في مسيرة صناعة القرار الاستراتيجي التنموي وابتكار حلول ومستلزمات الواقع الوطني.
أخيرا فمع القناعة بأن قيادة هذا الصرح العلمي الشامخ عملية مرهقة وتحتاج إلى المزيد من الصبر والتحمل وروح القيادة والمزيد من التكيف مع المواقف والتعايش مع الأحداث في ظل ما تضمه الجامعة من فئات مختلفة من الأكاديميين والعاملين فيها من جنسيات مختلفة من دول العالم ، وما يحمله ذلك من تنوع ثقافي وفكري يستدعي مد جسور التواصل والتعايش الفكري لتحقيق رسالة الجامعة ، وحجم التشعب الذي تعيشه في اختصاصاتها، والتنوع في ثقافة العمل وآليات التعامل التي تحتاجها، والظروف التي يعيشها الواقع، والتوقعات المجتمعية غير المنتهية من الجامعة، في المقابل تعاملها مع البناء الفكري للإنسان عبر الكليات العلمية والإنسانية وغيرها في مختلف التخصصات، وتعاملها مع البناء الجسدي وعبر المستشفى الجامعي، كل ذلك وغيره بحاجة إلى قيادة تمتلك الحدس والفراسة والرؤية والتجديد، وتمتلك قبل كل شيء إنسانية التعامل وفقه التواصل وروح المودة وسمو الفكرة ورصيد التجربة وحكمة القيادة وسمو النهج وشموخ الرؤية وصدق الضمير ورقي الذوق وحس المسؤولية وإخلاص الواجب، وهي ما نعتقد بأنها سمات باتت أصيلة في القيادة الجديدة التي نعتقد يقينًا بأنها سيكون لها مسارًا واضحًا في العمل ومنهجًا حكيمًا في الأداء، ورؤية متوازنة قوية في قيادة الجامعة، ولعل قرب القيادة الجديدة من صناعة القرار الوطني سوف يصنع فارقًا في الأداء وتحولًا في النهج، لتسير بهذه السفينة إلى بر الأمان بسم الله مجريها ومرساها شاقة طريقها نحو مستقبل ينهض بالتعليم ويقود مسيرته المباركة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه



Your Page Title