أخبار

دراسة دكتوراه تناقش العنف في الخطاب السياسي الرقمي

دراسة دكتوراه تناقش العنف في الخطاب السياسي الرقمي
دراسة دكتوراه تناقش العنف في الخطاب السياسي الرقمي دراسة دكتوراه تناقش العنف في الخطاب السياسي الرقمي

مسقط-أثير

نوقشت أطروحة دكتوراه بجامعة السلطان قابوس تحت عنوان (العنف في الخطاب السياسي الرقمي) للباحث صالح بن سليمان الكلباني. وتناولت الأطروحة قضية العنف التي تمس حياة الإنسان في تعاملاته اليومية، فضلا عن تغذية سلطة الخطاب والسياسة ودعم السلطة الرقمية لهذا العنف؛ إذ لا حيلة للفرد أن ينأى بنفسه عن تلك السلطات، فهو محاط ومستهدف بهنّ جميعا، وهن دائمات الإنتاج.

وسعت الدراسة إلى الإجابة عن إشكالات تتعلق بالعنف الظاهر والمضمر في الخطاب السياسي الرقمي، وتجلياته، والأساليب والأجناس اللغوية الفاعلة وسماتهما، وبحثت عن استراتيجيات تشكّل القوة الإنجازية ومدى تأثيرها بالتضليل أو التنوير على اللغة والمخاطب والمجتمع والسياسة وقواها، وكانت أزمة الخليج نموذجا للتطبيق؛ إذ أدى الخطاب الرقمي فيها دورا فاعلا في إطلاقها وتغذيتها وأسهم في جعل المخاطبين فاعلين في الخطاب السياسي الذي أذكى العنف اللغوي بتعدد رقمي: أجناسي وأسلوبي؛ فقد حل الجيش اللغوي والرقمي محل العسكري في الأزمة السياسيّة.

واعتمدت الدراسة أفعال الكلام تصورا لمحاولة الوصول إلى أهدافه، مع إيمانه أن الوصول إلى الحقيقة الكاملة في الخطاب السياسي أمر غير متحقق إلا بالاستئناس بالعلوم الإنسانيّة ومقاربة الخطاب وتحليل أفعاله الكلاميّة في فضائها الرقمي على نحو موضوعي حسب ما تسمح به الأفعال والعلوم الإنسانيّة الداعمة.

وجاءت الدراسة في فصول ستة تتعلق بـ: أفعال الكلام وقوانين الخطاب وسلطته، ودور السلطة الرقمية في منظومة العنف والسياسة والإعلام وتجذّر العنف لدى الإنسان والذوات الفاعلة في الخطاب السياسي الرقمي، وأجناسه، وأساليبه، واستراتيجيات تشكل القوة الإنجازية عنف الخطاب السياسي الرقمي وتجلياتها، ومدى تأثيره على اللغة والمجتمع والسياسي وأنماط القوى المستعملة في الخطاب السياسي الرقمي. ولم تغيّب الدراسة دور المرأة التي شاركت مشاركة محدودة كمًا ونوعًا.

وأثبتت الدراسة مسلمة اختلاف الخطاب السياسي الرقمي عما سواه من خطابات، ودوره في الوعي والتصدي للتضليل، فلقد أتى الخطاب السياسي الرقمي على مستويات مختلفة تنوعت بين محاولات الإبلاغ والإقناع، بأصالة التكلّم أو الإنابة، وأسهمت السلطة الرقميّة في حفظ العنف، والتأثير على المخاطبين وجعلهم مشاركين، وكانت أداة من أدوات السياسة تحفظ للسلطة عنفها المشروع على الناس، وتضمن استمراريتها، وتمدها بالمعلومات والبيانات الضخمة عن المتكلمين والفاعلين.

وظهرت الحاجة إلى كتابة ذكية لها سماتها البنويّة مشكّلة نوعا من القوة الناعمة؛ لأن السياسي مراوغ غالبا والإعلامي غير مأمون القصد أحيانا مما أدى إلى عدم ربط العقل الجمعي للمخاطبين بين الكلام والادعاءات لمعرفة الأفعال الفاشلة في السياسة، وأدّى الحدث التاريخيّ والموروث الثقافي والديني أدوارًا خطابيّة متخلّقة بأخلاقيات السياسي خلّفت إقصاء للموضوعات والأفكار والتمحور حول الذوات، واستثمر الخطاب السياسي الرقمي: السُّلطة الرّقميّة بشبكتها وبرامجها وقنواتها، والهندسة الاجتماعيّة، والمجتمع البانوبتيكي الرّقميّ، وموارد القوة النّاعمة. واتسم العنف في الخطاب السياسي الرقمي في أجناسه المستعملة بتوظيف تعددية الأصوات في الوسائط الرقمية، وإعلاء بعض الأخلاقيات التي أعلت من شأن السلطة وبسطت نفوذها مرتكزة على خطاب كثّف استعمال حقول: القيم الثقافية والسياسية، والعملة والاقتصاد، والسياسة الخارجية، ومارس عنفا علي حرية التعبير مشكّلا إرهابا رقميا بنشر الخوف عن الأمن الغذائي والاقتصادي والضمانات الاجتماعية للآخر معتمدا على الخطاب الرقمي الذي يشكّل بياناتٍ تحتاج إلى معالجة وتحليل في شكلها الحرفي وصورها ووسائطها، وفق سياقاتاتها وتداولاتها، وتلك البيانات والتحاليل ينبغي أن تقدمنا إلى معرفة علمية موضوعية تزيد من وعينا باللغة واستعمالاتها، في قضايا عديدة، وتجعل المخاطب مدركا لما حوله ليتعزز بذلك الأمن الاجتماعي والنفسي والديني والعلمي والاقتصادي وما إلى ذلك. فلا يصبح الخطاب السياسي ولا الخطاب الرقمي عتبة من عتبات الإرهاب الاجتماعي.

والدراسة في مجملها مقاربة لإنسانيات هادفة لا تقصر اللغة في نظرياتها وإنما بما يحيط بها، وذلك بالتساؤل عما يفعله المتكلم باللغة، وما الذي يحدث حين يتفاعل الناس باللغة حسب مكانتهم ودورهِم السياسيِّ والاجتماعيِّ والثقافيِّ والدينيِّ، أي دراسة اللغة التي تتعدى التواصل إلى الفعل.

Your Page Title