فضاءات

الشيخ زاهر بن محمد الشريقي يستحث الخطى إلى الدار الآخرة ليفطر مع الصائمين

مازن بن سعيد الغشري

تتناقل الهواتف خبرًا يثقلها فما كنا نصدّق الخبر، وتتبّعنا الصائح لعل أثر الصيام بان عليه فأخطأ نقل الخبر على الوجه الصحيح أو لعله شبّه الاسم بشبيهه والتبس عليه النقل، حتى أتى اليقين ليجر معه الأسى ولتذرف معه الدموع بحرارة الوداع.
وتتسابق خطانا إلى حيث يمكن أن تصل، فكل الطرق تقودنا إلى نظرة الوداع على الرجل النبيل، الذي كلما التقيت به وجدت معه أصالة الإنسان العماني، وطيبته الموروثة، وعاداته النبيلة والحميدة.


إنّ الوالد الكريم الشيخ زاهر بن محمد الشريقي سابق الخطى إلى باب الريان فاستحث خطواته في الثلث الأول من شهر رمضان، ولعله اشتاق لتباشير الجنة ليتبشّر بها قبل “نغال العوابي”، ولعله يفطر في الفردوس الأعلى حيث تتوق الأرواح.

ولعله اشتاق لفواكه الجنان الدانية فسابق للإفطار حيثُ “ما لا عينٌ رأت ولا خطر على قلب بشر”، ولعل هذه العجلة من البِرّ ولهذا استحب الشيخ الهرولة إلى المائدة قبل أذان المغرب ولعمري تلك الدار تستجدي العجلة للّحقاق بها مع بقية الركب.

وعلى كل الأسفار ما كان الشيخ زاهر يغادر صنيبع دون أن يشرب من “ساقية المْليل” فعلى حد قوله: ” شربتها منعشة” ولا ريب في ذلك فالشاربون العارفون بالمكان يجدون الماء زلالًا عذبا، إلا أنّ الشيخ هذه المرة سافر سفرته الأخيرة والطويلة دون أن يشرب حتى من فلج “مسفاة الشريقيين” فاستحب الصوم على الأخذ بالرخصة طمعًا بالأجر، فهناك ينتظره إفطار لم يعهده من قبل.

وفي سفرته الأخيرة يغادر الشيخ “صنيبع” دون أن يودع أختيها “شوه” و “ثقب” فآثار حظر التجوال الذي خلفه كوفيد-19 أجبرته على ملازمة مجلسه الكريم فيالِ الوداع الحزين. إنّ الكلمات ملأى بما يفوق الأسى، وإنّ الأسى المُقيم مكتظ بما يفوق الكلمات.
ومن ينظر في سيرة الشيخ زاهر يجدها تماثل سيرة والده الشيخ محمد بن راشد، وقد تتمايز الجينات من الابن إلى الأب إلا أنّ الجينوم الذي حمله الشيخ محمد بن راشد الشريقي هو الجينوم ذاته الذي حمله الشيخ زاهر فكانت الصفات هي الصفات، واليوم وبعد سيرة طويلة في مجالس الحل والعقد يترجل الشيخ زاهر ليفارق دنيانا، وها هي “صنيبع” وما جاورها تنوح على الفقيد. إنّ هذا الرزء عظيم، خالص التعازي لعموم الجماعة الشريقيين في الفقيد النبيل.


Your Page Title