فضاءات

المختار الهنائي يكتب: إسرائيل الدويلة الديموقراطية الهشة

المختار الهنائي يكتب: إسرائيل الدويلة الديموقراطية الهشة
المختار الهنائي يكتب: إسرائيل الدويلة الديموقراطية الهشة المختار الهنائي يكتب: إسرائيل الدويلة الديموقراطية الهشة

أثير- المختار الهنائي

كل المؤشرات بدأت تلوح على بداية منحنى نهاية إسرائيل، الدويلة التي لاقت دعمًا خياليا من دول أوروبا وأمريكا حتى تقوم، منذ أن أقرت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين لتقوم دولة يهودية مستقلة.

تُعرف إسرائيل نفسها بأنها دولة ديموقراطية ودولة أمة للشعب اليهودي ووطن دائم لهم، وحاولت منذ بدايتها أن تكون الحصن الآمن وقبلة جميع اليهود من مختلف بقاع العالم، ومع الدعم الذي لاقته منذ تأسيسها واحتلال أرض فلسطين، حصلت أيضا على فرصة التقدم في التكنولوجيا والاقتصاد وفي الجانب العسكري أيضًا، حتى توهم الجميع بأنها دولة لا تقهر.

لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، هي متقدمة اقتصاديا، وناتجها المحلي يتجاوز 350 مليار دولار سنويا، واستطاعت جذب رؤوس أموال واستثمارات من مختلف دول العالم، وحصلت على تكنولوجيا متقدمة، لكن كل هذا لا يجعل منها دولة آمنة، فهي تفتقر لأول مكونات الدول، وهي المواطنة؛ إسرائيل ليست وطنًا آمنًا لليهود القادمين من أوروبا وأمريكا أو أفريقيا، لأن أغلبهم لا يشعر بالانتماء الحقيقي لها كوطن، وهناك تقارير كثيرة تشير إلى أن كثيرًا منهم يملكون جنسيات مزدوجة، لأنهم باختصار لا يشعرون بالأمان ولا بالإحساس الوطني والعرقي والديني فيها.

كذلك، ذكرت تقارير كثيرة بأن الإسرائيليين الذي لا يملكون جنسيات أخرى يسعون إلى الحصول على جنسيات من الدول التي قدم منها آباؤهم وأجدادهم، بالرغم من أن كثيرًا منهم ما زال يملك جوازات أخرى أغلبها من دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، والهدف الأول من هذا السعي إلى الحصول على جنسيات هو الخوف من مستقبل هذه الدولة المشتعلة، فهي ومنذ تأسيسها تمر بحروب خاسرة، صواريخ المقاومة الفلسطينية وحزب الله كفيلة بأن تربكهم أمنيا واقتصاديا، وبعد كل مناورات وحروب يخرج آلاف اليهود إلى بلدانهم الأصلية، كما أن الاستيطان يتوقف بشكلٍ تام حتى تلتقط أنفاسها من جديد، وحتى السياحة التي تعتمد عليها كثيرا تصاب بشلل كلي، وتهرب رؤس الأموال إلى أوروبا.

الحدود المشتعلة وصواريخ المقاومة والاضطرابات السياسية الداخلية، وهشاشة البنية الاجتماعية والبعد التاريخي، جميعها أسباب تجعل المستوطن الإسرائيلي لا يشعر بالانتماء لتلك الأرض، وهو مستعد للهرب والخروج بجلده من إسرائيل فور حدوث أي مشكلة، وأصبحت الجنسيات المزدوجة بطاقة نجاة لهم.

وبالرغم من إسرائيل نجحت في التعامل مع الدول المجاورة لها، إلا أن ذلك النجاح ليس مضمونًا، فالأنظمة تتغير، والسياسات متقلبة، وتلك النجاحات قد تصبح خسائر فادحة في غمضة عين.

اليوم إسرائيل أمام اختبار كبير، وكل المؤشرات بدأت تظهر عن فقدانها للسيطرة على الوضع، ولأول مرة تناشد المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الصواريخ الفلسطينية عليها، لم تتمكن القبة الحديدية من الصمود بالرغم من تكلفتها المالية الضخمة، والتي راهنت عليها من سنوات حتى توهم البعض أيضا بأن المقاومة لن تنجح في اختراقها ولو بصاروخ واحد، لكن وخلال ساعات من تحذير المقاومة الفلسطينية شاهد العالم أجمع المدن الإسرائيلية وهي تشتعل.

أمام إسرائيل اليوم خياران لإنهاء هذه الأزمة التي نراها بداية الأزمات الحقيقية، الخيار الأول هو الانسحاب من المسجد الأقصى والتهدئة وسحب خطتها في بناء مستوطنات جديدة والاستيلاء على الأحياء الفلسطينية في القدس، والبحث عن وسيط يستطيع إقناع المقاومة بوقف رشقات الصواريخ، أما الخيار الثاني وهو أن تكابر وترفع من مستوى العدوان لحفظ ماء وجهها، لكن ستعود للخيار الأول بعد أن تتكبد خسائر فادحة ، لأن المقاومة الفلسطينية أثبتت بأن تهديداتها تنفذ بسرعة البرق.

إسرائيل لا تجابه دولة بحدودها ولا جيشا منظما، لكنها تجابه عقيدة متأصلة في شعب متيقن بأن تلك الأرض أرضه، وهو على أتم الاستعداد للموت من أجلها، وما تملكه إسرائيل بجانب التكنولوجيا والاقتصاد هو لشعب مهزوز جدًا لا يشعر بالانتماء في أرضٍ ليست أرضه.

Your Page Title