خاص – أثير
اليوم فقط، تستطيع الأم المكلومة أن توقِف الدمع المنهمر من أعينها، وتشفي غليل قلبها على فقدان ابنتها وحفيديها قبل نحو ثلاث سنوات “دون وداع مُسبق”؛ بعد أن “وسوس” الشيطان لامرأة قتلهم “ذات نهار رمضاني”، ليتخلّى عنها بعد ذلك ويتركها وحيدة تواجه “الموت العادل” بمفردها دون أن يبسط لها جناحيه كما “سوّل” لها عندما أرادت ارتكاب الجريمة، وظلّ معها لـ “سويعات” فقط قبل أن تُكتَشف وتكون حديث الساعة والناس.
الحديث هنا عن جريمة القتل المروّعة التي حدثت في ولاية بهلاء قبل نحو ثلاث سنوات، والتي تابعتها “أثير” منذ بدايتها حتى صدر الحكم فيها العام الماضي بـ “الإعدام” للمتهمة الأولى والسجن للمتهم الثاني، والبراءة للمتهم الثالث، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام للمتهمة فجر اليوم الخميس وفق تأكيد من أحد أقرباء المغدور عليهم الذي حضر التنفيذ؛ ليكون “القصاص” هو سيّد المشهد، و “بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين” هي الحقيقة الدامغة التي يجب أن يعيها كل من يوسوس له شيطانه اقتراف “أعظم الذنوب بعد الشرك بالله”.
بدأت القضية وفق أخبار سابقة نشرتها “أثير” في أحد أيام العشر الأواخر من رمضان حيث كانت المتهمة “تحيك الدسائس” التي فكّرت فيها عبر أشهر؛ للتخلّص من المجني عليها وأولادها، فـ”أغوَت” بحِيلها الشيطانية اثنين من أقربائها، ليشاركاها الفعل “الخسيس”.
“أثير”
وبينما كان الناس يتجهون إلى المسجد لأداء صلاة الظهر استقل المتهمون مركبتهم إلى بيت المجني عليهم، ومعهم أدوات الجريمة من بينها “بنزين”، فنزلت المتهمة وأحدهما، بينما غادر الذي أقلهما ليعود لهما بعد الانتهاء من عملهم الشنيع.
تسللت المتهمة ومرافقها إلى المنزل، وبدأت جريمتهما بقتل الأم، حيث وضعا قطعة قماش على وجهها فيها مادة سامة، ففارقت الحياة، ثم حملاها إلى غرفة النوم الرئيسية التي يوجد بها طفلاها الصغيران، أحدهما رضيع، فقاما بتقييد الطفل الأكبر من يديه ورجليه وفمه، ورغم أن “دمعة بريئة” نزلت من عينيه وهما يقيّدانه، إلا أن قلبهما “الحجر” لم يرق، واستمرّا في تنفيذ المخطط!
بعد تنفيذ الجزء الأول من الخطة، حان وقت الجزء الثاني، حيث سكبَا مادة البنزين في الغرفة، ووضعا شاحن الهاتف في نقطة الكهرباء “بوضع التشغيل”، وأشعلَا النار بقصد حرق جثة الأم المتوفية، والطفلين وهما أحياء! ليُقال بأن موتهم جميعًا بسبب النار الناتجة عن انفجار الشاحن، لكنهما نسِيَا بأن الشيطان سيخذلهما ولن يُكمِل معهما الطريق!
خرَجت المُتهمة من المنزل أولًا، بعد أن جاء الذي أقلهما، ثم خرج المتهم المرافِق لها وحيدًا بعد أن أحكم إغلاق الغرفة على المغدور بهم، وكان أمل المتهمين جميعًا في أن الأخبار سيكون فحواها “حريق في منزل فلان أدى إلى موت زوجته وطفليه”، إلا أن النار لم تشتعل في كامل الغرفة؛ لعدم وجود تهوية فيها، ففارق الطفلان الحياة “ببطء”؛ اختناقًا بالغاز الناتج عن الحريق، لكن ما حدث كان “خيطًا” لاكتشاف فعلتهم بسهولة.
قُدِم بلاغٌ عن وجود حريق في منزل المجني عليهم، وعند مجيء المُختصين، أصابهم الشك بوجود جريمة قتل بعد أن رأوا القيود على الطفل؛ فقاموا بالبحث والتحري الذي أوصل للمتهمين، لتبدأ خيوط الجريمة تتكشّف، بتفاصيلها ومشاهدها المؤلمة.
لم يدع المُختصون في شرطة عمان السلطانية والادعاء العام الفرصة أمام المتهمين للإنكار؛ فالأدلة المادية المرصودة مُحكَمَة، والأدلة القولية ثابتة عليهم، ليعترفوا جميعًا بما اقترفوه، فأُحيلوا بثلاثتهم “دون شيطانهم” إلى المحكمة المختصة التي نظرت في القضية من جميع أبعادها، وأصدرت حكمها في أبريل 2021م.