الدكتور بدر المسكري- كلية الحقوق –جامعة السلطان قابوس
الجنسية هي رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة وتعد من أهم مظاهر السيادة الشخصية للدولة، وقد تكفل قانون الجنسية العُمانية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/2014 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 92/2019 ببيان طرق منح الجنسية الأصلية أو المعاصرة للميلاد، وكذلك الجنسية المكتسبة أو اللاحقة على الميلاد.
ويتعين علينا أن نشير في هذا المقال إلى اكتساب الجنسية الطارئة والشروط الواجب توافرها لغير الوطني الذي يسعى للحصول على الجنسية العمانية، وقد تخيرنا من ذلك شرط الإلمام باللغة العربية كأحد الشروط الأساسية التي يتعين مراعاتها، والذي يعد ركيزة رئيسة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، اندماج الأجنبي في المجتمع العُماني.
الجدير بالذكر أن المشرع العُماني قد اشترط الإلمام باللغة العربية قراءة وكتابة في بعض الحالات وفي حالات أخرى اشترط التحدث فقط بينما نجد أن بعض التشريعات العربية لم تكتف بالإلمام فقط وإنما اشترطت إجادة الأجنبي اللغة العربية قراءة وكتابة مثل قانون الجنسية المصري الصادر عام 1972 والمعدل بقانون الجنسية رقم 54 لسنة 2004، حيث إن ذلك من شأنه الإسهام في تسهيل اندماجه بالمجتمع ويبدو أن تحديد درجة الإجادة يكون عن طريق اختبار كتابي أو مقابلة شفهية ، ولكن قد يثور التساؤل هنا هل يشترط في الأجنبي الذي يحمل جنسية إحدى الدول العربية أن يكون ملماً باللغة العربية، وبالتالي يخضع للاختبار الكتابي والشفهي أو أن هذا الشرط ينصرف فقط إلى غير العربي ؟ يمكن القول بأن الشرط الوارد في القانون أتى بشكل مطلق دون استثناء هذا الأجنبي، وبالتالي يجب أن يحمل على إطلاقه وذلك بخضوعه لهذا الشرط.
ويظل السؤال الذي يطرحه نفسه: كيف يتم تقييم الإلمام باللغة العربية للأجنبي الذي يسعى للاندماج في المجتمع العُماني؟ بالنسبة لآلية تقييم الإلمام باللغة العربية، فبالرجوع لنصوص القانون العُماني نجد أن المشرع العُماني أقام تفرقة بين الأجنبي الذي يتقدم بطلب الحصول على الجنسية العُمانية وبين الأجنبية المتزوجة من عماني التي تسعى للأمر ذاته، فعلى حين يقتضي الأمر أن يكون الأجنبي ملماً باللغة العربية قراءة وكتابة، فإن الأجنبية المتزوجة من عمُاني يمكنها الحصول على الجنسية العُمانية شريطة التحدث باللغة العربية دون اقتضاء إجادتها لكتابة وقراءة هذه اللغة.
وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لقانون الجنسية العُمانية في المادة 20 طريقة التثبت من الإلمام باللغة العربية حيث نصت (يثبت شرط الإلمام باللغة العربية المنصوص عليه في القانون بموجب اختبار كتابي، أو مقابلة شفهية، وتتولى الدائرة إجراء الاختبار والمقابلة وفقاً للنماذج المعدة لذلك ويجوز إعادة الاختبار، أو المقابلة بعد مضي (6) أشهر على الأقل، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد عدد الاختبارات أو المقابلات على (4) أربع مرات).
ويتبين للوهلة الأولى وجود تباين واضح بين ما ورد بالقانون واللائحة في اشتراط الاختبار الكتابي والمقابلة الشفهية لكل من الأجنبي والأجنبية زوجة العُماني في حالة التقدم للحصول على الجنسية العُمانية، في حين أن نص القانون مايز بين الأجنبي باشتراط الإلمام باللغة العربية قراءة وكتابة ، والإلمام باللغة العربية تحدثاً بالنسبة للأجنبية زوجة العُماني، جاءت اللائحة التنفيذية وتطلب للتثبت من شرط الإلمام باللغة العربية المنصوص عليه في القانون الاختبار الكتابي أو المقابلة الشفهية، دون أن تجري التفرقة التي أقامها القانون بين الأجنبي والأجنبية زوجة العُماني ، غير أن القراءة الفاحصة للنص القانوني واللائحة التنفيذية تؤكد أن هذا الاختبار يتم بالنسبة للأجنبي الذي يريد الحصول على الجنسية العُمانية في تاريخ لاحق على الميلاد حيث يتعين التأكد من إلمامه باللغة العربية قراءة وكتابة، وما فعلته اللائحة هو مجرد تنفيذ لنصوص القانون وتفعيل ذلك عن طريق الاختبار الكتابي للتأكد من مدى صلاحية الأجنبي للاندماج في المجتمع العُماني. أما الاكتفاء بالتأكد من تحدث الأجنبية زوجة العُماني باللغة العربية تحدثاً فقط فقد يجد له مبرراً في رغبة المشرع نحو التأكيد على وحدة الأسرة وإتاحة الفرصة لوحدة الجنسية داخلها.
ومما تقدم نوصي المشرع العُماني بإعادة صياغة نص المادة (20) من اللائحة التنفيذية لقانون الجنسية ليكون نصها على النحو الآتي “يثبت شرط الإلمام باللغة العربية المنصوص في القانون للأجنبي بموجب اختبار كتابي ومقابلة شفهية، وللأجنبية زوجة العُماني بموجب مقابلة شفهية، وتتولى الدائرة إجراء الاختبار والمقابلة وفقاً للنماذج المعدة لذلك ويجوز إعادة الاختبار، أو المقابلة بعد مضي (6) أشهر على الأقل، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد عدد الاختبارات أو المقابلات على (4) أربع مرات”.