أثير- مكتب أثير في القاهرة
إعداد: عادل أبو طالب
كشف كتاب صدر حديثا في القاهرة عن نجيب محفوظ عن أسرار جديدة في حياة الأديب المصري والعربي الذي فاز بجائزة نوبل عام 1988.
وأشار كتاب “أيام مع نجيب محفوظ.. حكايات وحوارات” للكاتب الصحفي محمد الشاذلي والمحرر الثقافي في مكتب “أثير” في القاهرة إلى أن محفوظ عرف قصة تم تداولها بين أفراد أسرته الصغيرة وأحد الصاغة المشاهير حول زيف قلادة النيل التي منحها له الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وأنها ليست من الذهب الخالص، إنما هي من الفضة المطلية بالذهب.
ورغم ذلك تجاهل الأمر وطلب من الأسرة عدم إثارة المسألة بأي شكل، لأنها لا تعنيه؛ لأن التكريم الذي حصل عليه في حفل عالمي بقصر الاتحادية كان لديه أفضل من القلادة، كما أنه لم يكن يهتم سوى بكتابته.
ويقول الشاذلي إن محفوظ كان على حق، والقلادة الآن في صندوق زجاجي في متحف نجيب محفوظ الذي أقامته له الدولة في وكالة محمد بك أبو الذهب في الأزهر.
ويلاحظ المؤلف أن محفوظ كان شديد التواضع، وهو حين يسأله عن اهتمام النقاد به أكثر من غيره، فإنه يرد بأنه “محظوظ”, كما أنه عندما يحدثه عن شهرته ككاتب شعبي يعرفه الناس فإنه يرد عليه: “إنها السينما يا عزيزي”.
وكشف الكتاب الجديد عن أسرار سفر الكاتب محمد سلماوي لإلقاء كلمة محفوظ في الأكاديمية السويدية، فقد ثارت معركة ثقافية طاحنة حول سفر سلماوي، ولم ينطق فيها محفوظ بحرف واحد، إلا أن المؤلف اتصل بمحفوظ في بيته ليسأله عما إذا كان يتابع الضجة المثارة، فأجاب بنعم، وبأنه حزين، لأنه حر في اختياره، و”سلماوي كتر خيره” وهو الذي ألقى الكلمة بالعربية والإنجليزية في استكهولم، لكن الضغوط أسفرت عن سفر نجلتيه لاستلام الجائزة من ملك السويد.
يُذكر أن الكتاب الصادر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب يتناول حياة محفوظ من خلال حكي أحد تلاميذه وأصدقائه الذي اقترب منه صحفيا وإنسانيا وطوال سنوات عبر أحاديث صحفية وآراء في معارك ثقافية ونظرات في قضايا عامة. ولمحفوظ مرايا متعددة يستطيع كل من يقترب منها أن يقدم قراءة مختلفة، ولهذا يبقى محفوظ شديد التنوع، متجاوزا أزمنته وأمكنته، مما أتاح له الجاذبية الإبداعية لأجيال عدة قادمة. والكتاب وهو يدور ربما في إطار ثراء الماضي برواده أو الحنين فإنه يقدم صورة متجددة لصاحب نوبل تصفي المعاني الإنسانية التي امتاز بها أدبه وحياته.
وتمتاز دقة رسم شخصية محفوظ في الكتاب لتصل إلى المعادلة التي تشكلها، والتي لم يتوقف يومًا عن التصريح بها والكشف عنها، وهي معادلة الجدية والتجديد؛ فقد ظل محفوظ رغم مرحه وسخريته وحياة المثقف الجوال في حاراته ومقاهيه جادًا في عمله، منضبطا في وقته، محافظا على ما يجود به الزمان وتمنحه الأقدار، متجددا في إبداعه، ومتنوعا ومعاصرا. ومع الأيام تحولت كتاباته إلى نماذج للنوع البشري تتجاوز اللحظات الآنية والمواقف إلى الإشارات والعلامات.
ويقدم المؤلف تفسيرا حول عدم كتابة محفوظ يوما على مائدة مقهى رغم ما ارتاده من عشرات المقاهي, على أن كثيرين من الأدباء في عصره كتبوا في المقاهي، فمحمود البدوي في مقهي عماد الدين، وعباس الأسواني في مقهي ريش أو في الفنادق مثل عبد الرحمن فهمي ووحيد حامد ويوسف جوهر وعبد الرحمن الشرقاوي، لأن محفوظ كان شديد الحرص على الانفراد والانعزال لحظة الكتابة، والتي يبدأها بموعد وينتهي منها في ساعة محددة.
والكتاب رحلة لمؤلفه الشاذلي في حياة محفوظ، متابعًا لها، ومجليًا للحظاته الصعبة والباهرة، وهو يأتي بعد مجموعتين قصصيتين: “لمس الأكتاف”, و”تعاسات شكلية”, ثم رواية “عشرة طاولة” عن الدار المصرية اللبنانية.