أثير – المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
أصبح الغش التجاري ظاهرة عالمية منتشرة في جميع أنحاء العالم ومن المهم التصدي لها والعمل على تقليصها ومحاربتها وذلك من أجل حماية المستهلك والمحافظة على الاقتصاد الوطني.
ومن بين صور الغش التجاري التي ظهرت مؤخرا بصورة ملحوظة التلاعب في محطات الوقود، إذ لاحظ الكثير من المستهلكين أن كمية الوقود المعبأة لا تتناسب إطلاقا مع المبلغ الذي تم دفعه، على الرغم من أن العداد يوضح للمستهلك الكمية والسعر إلا أنه فعليا كمية الوقود المعبأة في خزان السيارة أقل مما أظهره العداد، وهنا بدأ الشك في وجود تلاعب في هذه المحطات.
وفي هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” سنتطرق لهذا الموضوع من الناحية القانونية.
أولا: في تعريف السلع المغشوشة:
قيام محطات تعبئة الوقود بالتلاعب في كمية الوقود المعبأة للمستهلك وذلك عن طريق تلاعبها بمعايير التعبئة عبر إنقاص كمية الوقود المعبأة للمستهلك، وهذا يعد من قبيل الغش التجاري المجرم بنصوص قانون الجزاء وقانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية.
حظر قانون حماية المستهلك في المادة (7) منه تداول السلع المغشوشة، كما ورد تعريف السلع المغشوشة في اللائحة التنفيذية من القانون، فقد جاء بنص المادة (3) منه على أنه تعد السلعة مغشوشة في أي من الحالات الآتية:
1- إذا أدخل عليها تغيير، أو تعديل، بأي طريقة في عددها، أو مقدارها، أو قياسها، أو كيلها، أو وزنها، أو طاقتها، أو عيارها، أو ذاتيتها، أو حقيقتها، أو طبيعتها، أو صفاتها، أو عناصرها، أو أصلها، أو منشأها، أو تركيبتها، أو تاريخ صلاحيتها، أو خصائصها، أو في بياناتها، أو كميتها.
2- إذا تمت إعادة تعبئتها في عبوات أخرى.
3- الإعلان عنها، أو الترويج لها بما يخالف حقيقتها.
4- استعمال أوان، أو أوعية، أو أغلفة، أو عبوات، أو ملصقات، أو مطبوعات غير مطابقة للمواصفات القياسية، أو معيبة، أو ضارة بالصحة والسلامة، في تجهيز أو تحضير ما يكون معدا للبيع من السلع.
وبالتالي فإن قيام محطات الوقود بهذا الفعل يعد من قبيل قيامهم بتداول سلعة مغشوشة، وفي حال ما تم ضبط المحطات التي تمارس هذا التلاعب فهناك العديد من الجزاءات التي يتم اتخاذها ضد هذه المحطة.
أولا: وفقا لقانون حماية المستهلك الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2014/66 ولائحته التنفيذية الصادرة بموجب القرار الوزاري رقم 2017/77:
نصت المادة (40) من القانون على عقوبة كل من يتداول السلع المغشوشة وذلك بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن (2000) ألفي ريال عماني، ولا تزيد على (5000) خمسين ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا ترتب على الجريمة وفاة شخص أو أكثر فلا تقل عقوبة السجن عن (5) خمس سنوات.
ونصت المادة (6) الفقرة (2) من اللائحة التنفيذية أنه في حال عدم تطابق السلعة، أو الخدمة مع المواصفات القياسية، أو إذا كانت مغشوشة، أو فاسدة، أو مقلدة، أو غير مصرح بتداولها فيجب على رئيس الهيئة –بعد التنسيق مع الجهات المعنية– أن يصدر قرارا بوقف تقديم الخدمة، أو تداول السلعة، أو إتلافها، إذا كان الإتلاف هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للخطر الناجم عنها.
ثانيا: وفقا لقانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2018/7:
أورد القانون الجرائم المتعلقة بالتجارة في الباب الثاني عشر في الفصل الأول بعنوان (الغش في المعاملات)، فقد نصت المادة (379) على أنه: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على (6) ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن (100) مائة ريال عماني، ولا تزيد على (1000) ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعمل أي ميزان، أو وحدة غير صحيحة للوزن أو القياس أو الكيل أو تخالف الوحدة الحقيقية مع علمه بذلك.”
ثالثا: وفقا لقانون التجارة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 90/55 وتعديلاته:
المادة (26) نصت على أنه: “لا يجوز للأشخاص الآتي بيانهم ممارسة التجارة:
أولا: كل تاجر شهر إفلاسه خلال السنة الأولى من مزاولة التجارة ما لم يرد إليه اعتباره.
ثانيا: كل من حكم عليه بالإدانة في إحدى جرائم الإفلاس بالتدليس أو التقصير أو الغش التجاري أو السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة أو التزوير أو استعمال الأوراق المزورة ما لم يرد إليه اعتباره.
ويعاقب كل من خالف هذا الحظر بالسجن مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز مائتي ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع الحكم بإغلاق المحل التجاري في جميع الأحوال.”
وعلما بأن المحاكم تأخذ بالقانون الخاص أو الأشد في مثل هذه الحالات.
ومما سبق يتضح أن القانون اهتم بتجريم الغش التجاري وتداول السلع المغشوشة وذلك في العديد من المواقع في عدة قوانين كما سبق بيانها، وأخيرا فإننا نؤكد أن قيام محطات الوقود بالتلاعب في تعبئة الوقود يضر بالاقتصاد الوطني في المقام الأول فضلا عن إضراره بالمستهلك، وبالتالي يجب تشديد الرقابة من الجهات المختصة على جميع المحطات وعدم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي محطة مخالفة؛ وذلك للمحافظة على متانة الاقتصاد الوطني.