قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي

قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي
قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي

أثير – محمد الهادي الجزيري
أحبّ هذا الرجل الشاعر.. الشاعر، ولا أحتاج إلى تقديمه سوى شعره وما رسخ في الذاكرة من لقطات كثيرة، عرفته سنة 2014 بمناسبة جائزة أثير للشعر العربي وكان من ضمن أفراد التحكيم، كان لطيفا ودودا، متواضعا مثل كلّ القامات الكبيرة، وانتهى مهرجان الشعر، ثمّ التقيته في أيام قرطاج بتونس، وقد كنت من متابعيه عبر أدوات التواصل، ومنذ فترة أصدر أعماله الشعرية فسارعت بطلبها منه فوافاني بها مشكورا، ألم أقل لكم لا أحد يقدر على وصفه أو تعريفه مثل نصه الشعري، وهذه بطاقة تعريف أولى سأردفها بأخرى وأخرى، ما دامت تتحمّل هذا الجمال الطاغي، هذه المقالة الموجزة:


“رغمَ الخمسينْ
لم تنقص عاداتي الرعناءُ،
كأنْ:
أتلعثم في المجلس،
أرجف مرتبكا عند حديثي لامرأة
أعدو في قارعة الرمضاء بلا خفّينْ
أو تضحك إحداهنّ فتشطرني نصفينْ
أو يخذلني الأصحاب فلا أحكي
أو آتي الليل بكرسيّينْ:
كرسيّ لي وحدي
والآخر كي أبدو لي اثنينْ”






سأقتطف من أعماله الشعرية نصّا من كلّ مجموعة مفردة فيه..، لأعطي فكرة عن جماليّة وشعرية حسن المطروشي ..، وهذه قراءة عاشقة فلا لوم عليّ بل اللوم عليه.. فهذا الكائن الشعريّ فنان ومتقن لكلّ حرف وجملة وفقرة.. إنّه المبدع الفذّ..، إليكم فقرة من مجموعة “مكتفيا بالليل”، وهذه الفقرة من قصيدة “ديون الغريب” مهداة لأمّه.. وفيه عاطفة جيّاشة لأحلى كائن في الأرض ..:

“مدين لها
بفناجين قهوتها،
بصغار الديوك الوحيدة في البيت،
بالعابرات دمي دونها،
بالشوارع منتصفَ الليل،
بالشعر والفقر والأغنياتْ
مدينٌ لها بالمماتْ”




قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي
قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي


“بيتي كبيت الله، كالفلواتِ
رحبٌ أمام الريح والصلواتِ
بيتي، ورغم الضيق، يخفق شاسعا
لوساوس العزلات والخلواتِ
أنا هاهنا حاربت جِنّ طفولتي
وحلمت أنّ الشمس من أخواتي
وأنا هنا طاردت أوّل نَجمة
ومضيت حتّى آخر الهفواتِ..”





قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي
قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي قراءة لـ “أثير” في الأعمال الشعرية للشاعر العماني حسن المطروشي

اخترت مقطعا من مجموعة “على السفح إياه” لما فيه من معان عميقة ..لما يعتمل في خاتمته من حرائق لا يقدر على تحمّلها إلا الشاعر الشاعر..، فهو يعرف كلّ شيء ..وهو الواقف محدّقا في ركب الحضارة..، وهو يعرف أنّ نهايته محتومة وحقيقته الاندثار..، ومع ذلك يواصل التحديق والتحليق عاليا وبعيدا مع الكلمات والمعاني ..، الخاتمة قالت كلّ شيء ..:

” الهوادج باذخةٌ
كالخرافة
تمضي إلى اللجّة القاحلةْ
ها جميعا وقفنا
نحدّق في الركبِ
كنّا الدراويش والأولياء
وكنّا اللصوص
وكنّا القضاة
وكنّا الحفاة
وكنّا خطيئتنا الفاضلةْ
سوف ننْفَضُّ
عمّا قريب
ويلتقط النهر أسمائنا الذابلةْ”







أجمل ما نختم به هذه الجولة الخاطفة والسريعة للأعمال الشعرية لحسن المطروشي..، ما اخترته من مجموعته المدرجة ضمن هذا الكتاب بعنوان:

“وحيدا كقبر أبي” راجيا أن أكون قد وفقت في اختياراتي.. فمن الصعب بل من المستحيل أن تُعرّف أعمالا شعرية في مقالة صحفية.. إذ تحتاج دراسة ضافية وافية.. تعطيها حقّها وهذا أضعف الإيمان..، على كلّ أترككم مع هذا المقطع:

“أرى الآن طفلا يهرولُ
من جهة البحر
يفرك ما استورثته أصابعه
من غبار الفصولْ
وفي حذر يفتح القلب شطر الوراءْ
حتّى إذا الليل جنّ عليه
رأى كوكبا
ـ ربّما مثله ـ
خارجا عن مدارات وهم الفصولْ..”





Your Page Title