د. كاملة بنت الوليد الهنائي: الأطفال هم الجمهور الأكثر صعوبة والأكثر قيمة

أثير- عبدالرزّاق الربيعي

قالت الدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائي “إن الكتابة لمسرح الطفل تتطلب مهارات ومقدرة أدبية وفنية خاصة، وأدوات وخبرات لا بد للكاتب أن يمتلكها كي يستطيع عمليا الكتابة لمسرح الطفل، لما تحتاجه من تفرد وخصوصية؛ لذا نجد أن الكتَّاب المسرحيين، بمن فيهم الكتَّاب المحترفون، يتردّدون في خوض غمار تجربة الكتابة لمسرح الطفل. لذلك، وعلى الرغم من الأهمية التربوية والتثقيفية والنفسية الكبيرة، فهم يعرفون أن الأطفال هم الجمهور الأكثر صعوبة والأكثر قيمة”

جاء ذلك في محاضرة قدّمتها الدكتورة كاملة رئيسة قسم المسرح في جامعة السلطان قابوس، سابقا، في محاضرة نظّمها مركز الفهرس العربي الموحد بالمملكة العربية السعودية عن بُعد، وتجاوز عدد المتابعين عن 350 متابعا ومتابعة، معظمهم من المهتمين في مجال مسرح الطفل.

وأضافت الهنائية” من المؤسف أن مجال الكتابة لمسرح الطفل لا يزال محدودًا إذا ما قيس بفروع أدب وثقافة الطفل الأخرى كالقصة والشعر، ويواجه العديد من الإشكالات؛ ولذلك ظلت نسبة المسرحيات المكتوبة للأطفال حتى الآن تتراوح ما بين (1-2٪( مما يُكتب وينشر من أدب الأطفال على مستوى الوطن العربي، وإن اختلفت هذه النسبة من بلد عربي إلى بلد آخر”

د. كاملة بنت الوليد الهنائي: الأطفال هم الجمهور الأكثر صعوبة والأكثر قيمة
د. كاملة بنت الوليد الهنائي: الأطفال هم الجمهور الأكثر صعوبة والأكثر قيمة د. كاملة بنت الوليد الهنائي: الأطفال هم الجمهور الأكثر صعوبة والأكثر قيمة

وحول تعريف مسرح الطفل قالت الهنائية التي صدر لها عام 2020 كتاب” مسرح الطفل في عمان” عن دار لبان للنشر والتوزيع بمسقط
” تعريف مصطلح “مسرح الطفل “تجربة مسرحية منهجية بحيث تقُدَّم لجمهور من الأطفال، وهو مسرح محترف يوظف كل مبادئ المسرح وتقنيات العرض المسرحي –مثله مثل مسرح الكبار، ولكن في مسرح الطفل، يتم استخدام وتوظيف بعض هذه المبادئ والتقنيات بطرق خاصة ملائمة للمراحل العمرية المختلفة للأطفال، وتناسب مراحل نموهم الفكري والنفسي والجمالي. المؤدون أو الممثلون في مسرح الطفل يمكن أن يكونوا أطفالاً، أو ممثلين كبارًا راشدين، أو خليطًا من الاثنين حسب ما تقتضيه الأدوار المسرحية في النص المسرحي، المهم أن يكونوا ممثلين محترفين ومؤهلين. مسرح الطفل هو وسيلة ثقافية تربوية تهدف لتثقيف الطفل وتعليمه، ولكن بالإضافة إلى أهدافه هذه والقيم الجمالية والتربوية والنفسية والعلاجية، فإن إمتاع جمهور الأطفال وتسليتهم هو أيضًا أحد أهم أهدافه”


وحول خصائص النص المسرحي المؤلف للطفل قالت” يشترك مسرح الطفل في خصائص الكتابة مع مسرح الكبار والمسرح بشكل عام في العديد من الصفات الأدبية والفنية والجمالية، لكن مسرح الطفل رغم ذلك ينفرد بخصائص تميزه، ويجب مراعاتها عند الكتابة للطفل، فهي تتطلب فهم خصائص مسرح الطفل التي تميزه عن غيره من الأشكال المسرحية، ومراعاة هذه الخصائص وتطبيقها عند الكتابة، والخصائص التي يجب مراعاتها في المؤلف للطفل، حيث إن هناك خصائص يجب مراعاتها أيضا ً المسرحية المقدمة للأطفال،مدة وطول العرض المسرحي، ومدى ملائمة وسائل التعبير وتقنيات العرض لمستوى الطفل العقلي والنفسي والجمالي. وينبغي أن يتساءل الكاتب: لأي عمر سأكتب؟

وعندما يجيب: “أنا أكتب للأطفال”.. يفترض الناس أنه يكتب للأطفال الصغار جداً، وكأن الأطفال جميعاً بنفس العمر والمستوى. قليل جداً من يسال: “لأي عمر تكتب؟ ” ومن هنا تبرز أهمية معرفة(المستويات)- كما أسماها الباحث قاسم محمد- ويُقصد بها مراعاة المستويات المختلفة للأطفال بمختلف مراحلهم العمرية، على أن ترُاعى هذه المستويات عند كتابة النص المسرحي أولاً، ثم في العرض المسرحي، عندما يُجسد ويترجم هذا النص على خشبة المسرح. وحدَّد الكاتب خمسة مستويات يجب مراعاتها عند الكتابة والإخراج لمسرح الطفل، وهي: المستوى اللغوي، والمستوى النفسي، والمستوى الفكري أو العقلي، والمستوى الجمالي، والمستوى الأخلاقي.
المستوى الفكري: أو العقلي يعني أن ينسجم المضمون الفكري المطروح في العمل المسرحي مع مستوى القدرة العقلية للفئة العمرية المستهدفة.
المستوى اللغوي: لا بد أن يراعي الكاتب الحصيلة اللغوية للطفل في كل مرحلة عمرية، بحيث تختلف مستويات اللغة المسرحية المستخدمة في النصوص المسرحية حسب اختلاف الفئات العمرية المستهدفة ،بما يتناسب مع القدرة اللغوية للأطفال في كل مرحلة عمرية، وقدرتهم على فهم واستيعاب الحوار المسرحي.
المستوى النفسي : فيُقصد به ما يثيره العرض المسرحي من انفعالات وعواطف ومشاعر لدى الطفل المشاهد؛ وبالتالي لا بد أن يحدد الكاتب والمخرج المسرحي المستوى النفسي للفئة العمرية المستهدفة من العمل المسرحي من أجل تحديد طبيعة الموضوعات التي تتناولها النصوص المسرحية وأسلوب وطريقة معالجتها وطرحها، ومن ثم مراعاة المستوى النفسي في العرض المسرحي من خلال توفير الأساليب التجسيدية المنسجمة مع هذا المستوى.
وحول أهم خاصية في مسرح الطفل قالت الهنائية “يشير الباحث (قاسم محمد) إلى أن خاصية التبسيط تعتبر أحد أهم خصائص مسرح الطفل، ولكنه شدَّد على أن “خاصية التبسيط لا تعني أن يفقد النص والعرض المسرحي المقدم للطفل تلك الأصول الأدبية والفنية المكونة لهما بحيث يفقد المسرح معها الفن وسحره، وقيمه وأهدافه الثقافية والجمالية”، وعليه لابدّ من البداية المشوقة والخاتمة المشرقة والعادلة وخاصية الخيال فهو مهم في مسرح الطفل “على ألا يتحول الاسراف في الخيال إلى حالة هروبية تعيق نمو إدراك المشاهد الصغير للواقع المحيط ومشاكله، ولا يعرقل أيضاً ظهور نمط واقعي مدرك وراقي في شخصيته، كما يقول الباحث والمخرج قاسم محمد”
وحول مصادر الكتابة لمسرح الطفل قالت “قصص القرآن الكريم والتاريخ، والأساطير، والتراث والحكايات الشعبية، والأدب بفروعه المختلفة: القصة/ الشعر/ الرواية، و يستمد الكاتب أفكاره وموضوعاته لمسرح الطفل من :المحيط الأسري/ الجدة/ الأم/ أطفال العائلة، و التواصل والحوار مع الآخرين: أطفال أو كبار، و الطبيعة/ البيئة/ عالم الحيوانات، والخيال/ الأحلام، ومن التنقل والسفر/ الكتابة عابرة للحدود ومن العروض المسرحية فالمسرح يلهم المسرحيين
وحول الإشكالات التي تعيق الكاتب المسرحي قالت الهنائية “ندرة الدراسات التحليلية والنقدية لما يُكتب ويقدم لمسرح الطفل من نصوص وعروض مسرحية، إضافةً إلى ضعف طباعة ونشر النصوص المسرحية المؤلفة للطفل، وقلة التوثيق لها. فإذا لم تواكب حركة الكتابة المسرحية للطفل بالنقد والتحليل، فإن المشتغل على الكتابة المسرحية للطفل يفقد جزء اً مهم اً من تطوره الكتابي، ومن مساندة الناقد له بالنقد البناء، وقلة الدعم المعنوي والمادي المقدم من قبل الجهات الحكومية والخاصة للكتَاب 29المسرحيين، وللعاملين في مجال مسرح الطفل عموما ً، وقلة البعثات والمنح الدراسية المقدمة في مجال الكتابة المسرحية للطفل، ومجال مسرح الطفل عموماً، إضافةً إلى قلة الورش المسرحية المتخصصة في هذا المجال الهام.
وفي نهاية محاضرتها كرّرت النصيحة التي دائماً ما ترددها الكاتبة البريطانية (لندا) في كلّ محاضراتها وورش الكتابة التي تقدمتها لكتاَب الأطفال أو لمن يريد الكتابة للطفل مستقبلا:” لا تكن مملّا ً “





Your Page Title