أثير – ريـمـا الشـيخ
قد سمعت عزيزنا القارئ بصائدي الحيوانات مثل الأسماك، الحيوانات البرية، الطيور والحشرات أيضًا، ولكن هل سمعت يومًا بصائدي النيازك؟
نعم هناك من يطلق عليهم بصائدي النيازك، وهم الأشخاص الذين يجوبون الصحاري والوديان والجبال -قد يحملون معهم جهازًا للكشف عن المعادن-، ولكن لا يبحثون عن المعادن في باطن الأرض، بل يتتبعون ويرصدون تلك التي تسقط من السماء، مثل القطع الصخرية الثمينة التي سقطت بسبب الشُهب والنيازك.
وفي سلطنة عمان، هناك من أطلق عليه لقب صائد النيازك وهو المواطن محمود بن سليمان العبري من ولاية السيب، صائد أحجار كريمة ومتحجرات، الذي بدأت رحلته في عملية البحث خلال ممارسته للرياضة يوما ما في أحد سيوح ولاية السيب، حيث شّد انتباهه حجر شديد السواد ذو لمعان فضي وثقيل الوزن مقارنة بحجمه، وبعد التأمل والبحث تأكد بأن هذا الحجر هو نيزك.


وقال العبري خلال حديثه مع ”أثير“: بعد أن وجدت ذلك النيزك قمتُ بمسح المنطقة ووجدت عددًا لا بأس به من النيازك، الأمر الذي قادني للتوجه إلى جامعة السلطان قابوس ودراسة هذا الأمر مع أساتذة الجامعة المختصين بهذا المجال، وقد أطلقوا عليّ لقب صائد النيازك، لكثرة تجوالي في مختلف ولايات السلطنة واكتشافي لمزيد من الكنوز في مختلف الأماكن، فبعض الجبال في سلطنة عمان تحتوي على العديد من المتحجرات وبعضها يحتوي على الأحجار الكريمة، فعلى سبيل المثال عدتُ ذات مرة من محافظة الظاهرة وأنا محمّل بالمتحجرات المتنوعة مثل القواقع البحرية والأمونايت وبعض الأحجار الكريمة كالمولدافيت والكوارتز والمرو والعقيق.
أثير


وأضاف: أما في جبال محافظة مسقط فالكوارتز والسترين متوفر بكثرة، وأما سهولها القديمة والبعيدة عن التجمعات السكنيه فوجدت فيها بعض قطع النيازك، وجبال المسفاة والجفنين تحوي تجمعًا هائلًا للمتحجرات كالقواقع والصدف والسلاحف والنباتات المتحجرة وأحجار المرو اللامع ذو اللون الشفاف والوردي، وعند تجولّي في محافظة جنوب الباطنة وجدت حديقة جيولوجية لمتحجرات المرجان والتي أملك منها أكبر القطع وجدتها في ولاية بركاء ومنطقة وادي المعيدن.

وذكر بأن متابعته وقرائته المستمرة حول جيولوجيا سلطنة عمان ساعدته كثيرًا لمعرفة نوع الجبال وما قد تحتويه من عناصر كثيرة، الأمر الذي ساهم في اكتشاف عدة مواقع تحتوي على كم هائل من الأحجار الكريمة، فأوضح بقوله: يوجد لدي تحف من الأحجار الكريمة والمتحجرات، ولهذا عملتُ على فتح مشروع لعمل الحُلي من الأحجار وعمل تحف من المتحجرات بعد أن أقوم بصقلها وحفظها بمواد لتبقى على شكلها الطبيعي كتحف نادرة من أرضنا الغالية والتى يصل عمر بعضها إلى مئات ملايين السنيين.


وعَرفَ خلال حديثه النيازك بأنها أجسام صلبة، أو جسيمات انفصلت عن كويكب أو مذنب يدور حول الشمس، يحترق عند دخوله الغلاف الجوي للأرض ويشكل تأثير ما يعرف بالنجم الهاوي الذي له ذيل من الضوء الساطع، والنيازك التي تصل إلى سطح الأرض دون أن تتفتت تسمى الحجر النيزكي.
وقال أيضًا: تُعرف سلطنة عمان بأنها المنطقة الثانية عالميًا من حيث عدد سقوط النيازك فيها، بنسبة بلغت 4.8 بالمئة من النيازك التي وجدت على كوكب الأرض، وتعتبر النيازك الصخرية الأكثر انتشارًا في السلطنة، التي سبق أن عُثر فيها على 55 نيزكًا من القمر، و12 نيزكًا من المريخ، ومن أشهر النيازك التي عثر عليها في عُمان نيزك جدة الحراسيس 91، وسيح الأحيمر 169، ونيزك ظفار 19.

وأضاف: عثر على عدة آلاف من القطع النيزكية على السهول الصحراوية العمانية، وهي تنتمي لنيازك أصلها يعود إلى القمر والمريخ والكويكبات التي تدور في المجموعة الشمسية، والدراسات التي أجريت على هذه النيازك تحكي الكثير من التفاصيل عن نشأة الكون والقوانين الفيزيائية التي تربط بين أجرامه، أما الدراسات العمانية الرسمية، أسفرت عن توثيق أكثر من 7 آلاف قطعة نيزكية وبوزن يتجاوز أكثر من 6 آلاف كيلوغرام.

وأكد العبري بأن هذه النيازك تعد تراثا حضاريا وعلميا للسلطنة، إذ تحمل بيانات علمية عن مكونات تلك الأجرام وتاريخ تكوُّنها، والظروف التي تعرضت لها منذ بداية تكونها حتى وصولها إلى الأرض.

وفي ختام حديثه مع ”أثير“ قال محمود بن سليمان العبري: هناك الكثير من الكنوز وبأنواع مختلفة في بلادنا العزيزة عمان، فلا توجد ولاية إلا وبها شيء يميزها عن الأخرى كولاية صور التي تحتوي جبالها على متحجرات كبيرة من الصدف والقواقع وأحجار المرو والعقيق ذو الألوان المتنوع، وما زلت مستمر في رحلاتي الاستكشافية والتي أخصصها كل أسبوع لاكتشاف مكان جديد.
أثير
