قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى

قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى
قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى

خاص – مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري


هو نفس الشخص الذي وشمك في مهرجان المربد بالعراق سنة 1997، وكنت تفتّش عنه وتنتظر الفرصة للقائه، إلى أن تحقّق لك الأمر، وكان ذلك سنة 2015 في مسقط ذات احتفاء بالشعر والقول الجميل، إنّه عيسى راشد الشاعر والدكتور والباحث والناقد والمدرّس، هو الشادي الظامئ للغناء، والمتنافي كتابه الجديد الذي ستقدّمه بعد التعريف بهذا الكاتب الكبير ببعض سطور حتّى تحقّق غاية هذا الباب “كاتب وكتاب”، فقبل كلّ شيء كلمة قصيرة تقدّم بها الضيف العزيز.

قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى
قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى
قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى
قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى


“ما دمت حيّا توقّعن أن تغير عليكنّ ذئاب خيالي، سأردّ العجوز منكنّ إلى صباها، وأدرّبكنّ على اللعب في مياه الكهرباء، وألقي في قلوبكنّ الرعب الشجاع، وأعلمكنّ النميمة الممتعة والكذب الفاخر والجنون العذب، لا فرق عندي بين الجواري منكنّ والملكات، وبنات الشوارع والقدّيسات، كلّكنّ سواسية في طاعة ربّة شعري، سأبدّل أدواركنّ على مزاج المجاز وكما تشاء مصائد المعنى، وأخاديع الرمز، وقمصان التأويل”

قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى
قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى قراءة لـ “أثير” في كتاب “المتنافي” لراشد عيسى

لو أنّي أملك جبرائيل الكلمةْ
أو سلطان الماءْ
لَجعلتُ الأفاكين الظَلَمَةْ
باعة ورد أو شعراءْ



في النصّ الثالث يستحضر أسماء مشاهير وعظماء لشعراء سكنوا الذاكرة، مثل هوميروس وأوفيد وامرؤ القيس والمتنبي إلى أن يصل إلى شعراء كبار رحلوا عنّا في زمننا هذا، مثل نزار قباني ومحمود درويش، يحاورهم بشتّى الطرق، أو هي نداءات للوحدة ضدّ هذا الوحل الداهم وهذه الوحشية المستشرية في الإنسان، يختم شكواه ودعاءه ورقصته الذبيحة بتعريف إيجابي للشاعر، ويكون بذلك غلق النصّ المفتوح على الشعراء:

“الشاعر ليس ببائع أخلاق جوّالْ
هو منقذ نهر الحبّ من البحر ومرشدُ
سرب النحل إلى حقل الريحانْ
هو رقص الغصن المتباهي بغناء الكروانْ
الشاعر يحرق أعصاب الكلماتِ
بموسيقى المخيال وينصب أفخاخ
المعنى المتفلّت من معناهْ
فنشمّ من اللغة المجنونة رائحة شواءْ
يا آبائي النبلاءْ”





إثر ذلك ينشرُ راشد عيسى مجموعة قصائد تلخّص الحياة وكيفية عبورها، والبحث لها عن معنى تقوم عليه، ثمّ يمضي إلى نافذة ثانية فيها “أربع قصائد لأمّي”، ألاحظ شدّة تعلّقه بالوالدة، مثل كبار الشعراء، ويقول في القصيدة الأولى على لسان الأمّ أجمل المعاني الإنسانية في الحبّ، حقيقة هذا هو الحبّ السامي المضحّي المعطي إلى ما لا نهاية:

“يا ما لأجلك بعْتُ حلمي
للسدى
ولكم حرثت البحر حتّى
أزرعكْ
اجلس قليلا في سرير
جوانحي
فهو الذي هزم الخريفَ
وأيْنَعكْ”





ونبقى في النافذة الثانية مع الأمّ وهي تشرح الأمر للشاعر، وتفسّر كيف عرفته من خلف الباب، رحم الله أمّهاتنا الرائعات:

“قلتُ لأمّي: كيف عرفتِ بأنّي الطارقْ؟
قالت: عيني سمعتْ رائحة يديكَ
على قفلِ البابْ
وطفولة قدميكَ على الأعتابْ
يا ولدي.. قلب الأمّ مع ابن حشاها
عينٌ تجلس معه إن يحضرْ
وبلاد تلحقه إن غابْ”




“حين أموت “.. آخر قصيدة وهي كما يشي عنوانها، وصية واضحة مؤلمة وصادقة، أطال الله عمر شاعرنا راشد عيسى، وزانه بالصحة والشعر الصافي:

“حينَ أموتْ
لا تدفع أجرة حفّار القبر
ولا ثمن التابوتْ
اختر لي خاتمة أخرى
من حقّي أن لا يعرف موضع قبري
صرصار أو ناسوتْ”




Your Page Title