أثير – مكتب أثير في القاهرة
إعداد: عادل أبو طالب
لعبت الدبلوماسية دورا كبيرا في مسيرة تطور العلاقات العمانية -المصرية، وما تزال شاهدا على هذا التطور بما تضيفه عاما بعد عام من إنجازات على صعيد هذه العلاقات، بشكل جعلها نموذجا للعلاقات العربية- العربية.
ويأتي دور سفراء سلطنة عمان السابقين في مصر ليترجم الكثير من مظاهر هذا التطور، من خلال جهد دبلوماسي راق أسهم في تواصل المسيرة وتطورها على مدى الأعوام الماضية، ومنذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وفي البداية قال سعادة الشيخ خليفة بن على الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية وسفير السلطنة لدى مصر في الفترة من 2009-2016 “العلاقات المصرية – العمانية لها خصوصية معينة في إطارها الثنائي وكذلك على مستوى العلاقات العربية -العربية، منذ عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- والرئيس الراحل أنور السادات”.

وأضاف: أهم ما يميز علاقات البلدين هو خلوها من المشاكل حيث يعد التفاهم والتواصل والتشاور المستمر سمات رئيسية في مسار هذه العلاقات، مؤكدا أن هذا التوجه يلقى دعما كبيرا من جانب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأخيه فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وأكد أن المرحلة الحالية في علاقات البلدين تشهد تطورا ملحوظا يتم البناء عليه من قاعدة العلاقات السياسية المتميزة، موضحًا أن هناك توجها جديدا من أجل تعزيز ودعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين لخدمة مصالح الشعبين الشقيقين في السلطنة ومصر، مشيرًا إلى المشاركة العمانية بوفد كبير في مؤتمر قمة المناخ الذي استضافته مصر مؤخرا، ومشيدا بحسن الإدارة التى جاء عليها المؤتمر من قبل المسؤولين المصريين.
وأضاف: هناك اتجاه للمزيد من الزيارات المتبادلة على مستوى القطاع الخاص لاستغلال فرص الاستثمار المشترك، مشددًا على أن التشاور بين سلطنة عمان ومصر مستمر بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية وكل ما يخص القضايا العربية وبالأخص قضية فلسطين.

من جانبه قال معالي السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي رئيس جهاز الرقابة المالية للدولة الأسبق، وسفير سلطنة عمان في مصر في الفترة من 1990 إلى 1999: إن العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية راسخة ومستمدة من تاريخ طويل وأحداث مهمة، حصنت هذه العلاقات عبر سلسلة من الوقائع التى لا يمكن نسيانها أو تجاهلها، مضيفًا :هناك آفاق رحبة للمزيد من التعاون في ظل توجيهات حضره صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأخيه فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وأضاف: الترحيب الحار كان واضحا من مصر بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع سلطنة عمان، وكانت هذه بداية تفاعل مهم في علاقات البلدين في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة ،”ومما يعود الى ذاكرتي الآن، عندما عادت مصر إلى عضوية الجامعة العربية 1989، وعادت الجامعة إلى مقرها في القاهرة، شهدت مصر والعمل العربي المشترك كثيرا من الأمور المهمة -ليس إشارة على وجودي كسفير في مصر في هذه الفترة- لكن أتحدث عن العلاقة بين سلطنة عمان ومصر في فترة معينة شهدت تفاعلات دولية وإقليمية عديدة، ولعبت خلالها مصر أدوارا مهمة بعد عودتها إلى الجامعة العربية، وكانت عمان حاضرة فيها بقوة مع مصر، وكان هناك تنسيق مشترك ومتواصل، استمر وتطور، وما يزال يشهد المزيد حتى الآن، فهناك تشاور وتنسيق مستمرين بين البلدين في مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية”.
وعبر معاليه -خلال فترة عمله سفيرًا لسلطنة عمان في مصر- عما لمسه من حجم المحبة والود التي يكنها الشعب المصري الشقيق لعمان ولشعبها. واستطرد قائلا: “سلطنة عُمان ومصر، يربطهما بعد حضاري ممتد لقرون من التواصل بين العمانيين والأسر الفرعونية، كان اللبان فيها سلعة إستراتيجية لعبت دورا كبيرا فى تقوية أواصر التعاون بينهما، فالتبادل التجاري بين البلدين بدأ بين قدماء المصريين وأهل عُمان منذ أكثر من 4000 عام، حيث كان يتم تصدير اللبان العُماني الشهير من ظفار إلى مصر؛ بل إن الملكة المصرية حتشبسوت، -حسبما تشير بعض المصادر التاريخية- زارت ظفار، مما يدلل على حضارة البلدين وعلاقتهما التي تضرب في أعماق التاريخ.
من جانبه، قال سعادة المكرم الدكتور علي بن أحمد العيسائي عضو مجلس الدولة وسفير سلطنة عمان لدى مصر” 2016-2019″: بأن العلاقات بين البلدين متميزة في مختلف المجالات وعلى مدار الخمسين عاما، مؤكدا أن الفترات التي تشهد اجتماعات القمم بين قيادتي البلدين تسودها حميمية أكبر، وإنجاز فيما يتم الاتفاق عليه بشكل أسرع وتشاور وتنسيق سياسي أعمق لقضايا المنطقة.

كما أشار إلى أهمية اجتماعات اللجنة العمانية – المصرية المشتركة، وأنها دائما ما تتوج حراكا كثيرا من التفاعلات بين البلدين، والموضوعات الخاصة بالعلاقات الثنائية وسُبل تطويرها، لأنها تؤشر لتطورات مهمة في مسار العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
وأضاف: هذه الآلية وبفضل توجيهات القيادة السياسية في البلدين دائما ما تلعب دورا محوريا في مسار العلاقات الثنائية وتدشن مرحلة جديدة تؤسس لتعاون ثنائي قوي بينهما في مجالات مختلفة ربما يتجاوزه إلى تعاون إقليمي في شأن التنسيق المشترك، والذي عهدته العلاقات بين البلدين في فترات تاريخية سابقة، كما تطرح رؤية مشتركة للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة وكيفية مواجهتها.
من جانبه قال سعادة السفير عبدالله بن ناصر الرحبى، سفير سلطنة عمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية: “ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس فى بناء الكيان والصف العربي، وهي لم تتوان يومًا في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام، وأنها جديرة بكل تقدير”.. وهي عبارة وصف بها السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مكانة مصر بالمنطقة.

وأضاف الرحبي أن الزيارة الأخيرة التي قام بها فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لسلطنة عمان ولقاءه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- كانت انطلاقة إلى مزيد من التنسيق والعمل المشترك.
وقال سعادته: “لا شك أن الملف الاقتصادي يفرض نفسه بقوة في هذه المرحلة، ولذا، فهناك الكثير من الوفود العمانية قد زارت مصر للاطلاع على الفرص الاستثمارية، كان آخرها وفد من رجال الأعمال العمانيين أعضاء غرفتي تجارة صحار وعمان، حيث عقدوا لقاءات مع رجال أعمال مصريين بالتنسيق مع هيئة الاستثمار واطلعوا على كثير من فرص الاستثمار خاصة في العاصمة الإدارية الجديدة، وهناك أيضا رجال أعمال مصريون قاموا بزيارات لسلطنة عمان بالتنسيق مع السفارة، ومثل هذه الزيارات سواء على مستوى رجال الأعمال أو المسؤولين في الحكومتين ستفضي بلا شك إلى نتائج تصب في صالح شعبي الدولتين.
وأشار الرحبي، إلى أن هناك محطات مهمة تاريخية في مسار العلاقة بين الدولتين، وفي العصر الحديث منذ تولي السلطان الراحل قابوس بن سعيد في سبعينيات القرن الماضي، ومواقف عمان تجاه مصر عالقة بأذهان المصريين، وهذه العلاقات تزداد نموًا يومًا بعد آخر.