أخبار

ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب

ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب
ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب

أثير- الباحث سند بن حمد المحرزي

في كل مرة أطالع عناوين مكتبة النادي الثقافي ألمح عناوين لكتب تجذبني لأتصفحها، فأتركها لمساحة ربما سوف أجدها في خضم زحمة العمل ومتطلبات الحياة، إنني أدرك أن كل عنوان لا بد أن تكون لكاتبه قصة دعته لأن يخصص جزءا من وقته ليكتب ويوثق .

وفي ساعة تناولت كتابا يبدو لي من عنوانه أنه فك أسرارا أو اكتشف مكنونات مخفية، أخذته، تصفحته، وقلّبت الصور فيه، وأخيرًا لم أتمالك نفسي حتى أتركه فمضيت أتأمل صفحاته وأغوص بين جنبات سطوره وكلماته ورسوماته تلك التي جعلتني أشعر أنني أسافر وأغامر بين جبال ووديان وقرى وبلدان أشارك الكتاب دهشته وأنا في مكاني، إنه كتاب “البحث عن الأسلاف في الأخدود العظيم” للكاتب والباحث هلال بن عامر بن علي القاسمي مع تقديم للدتكتور محمد بن هلال الكندي.

ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب
ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب

أقرأ الكتاب وأنا في تعجّب منه، أتعجب مما فيه أو من الكاتب الذي كابد وجاهد، حتى استطاع أن يجمع فيه هذه المعلومات الكثيرة، ويحصر لنا منطقة شاسعة من شمال ولاية إزكي حتى ولاية السيب مرورا بسمائل وبدبد وفنجا في 360 صفحة.

يقوم الكتاب على مسح جغرافي وأثري، استهل فيه الكاتب بنبذة جيولوجية وجغرافية مع رسم وصور وحقائق عن المنطقة التي تسمى “وادي سمائل” حيث ذكر أن مجموع الأودية الكبيرة حوالي 78 واديا تصب في مجراه الرئيس، وأعلى هضبة على ارتفاع 670م، وأعلى قمة تبلغ 2500 مترا، وأدهشني تفصيله عن كل رافد من الوادي والذي أضخمها وادي منصح وبه 43 رافدا أولها وادي راد. كما أن الكاتب لقب وادي سمائل بالأخدود العظيم، لمساحته الجيولوجية الكبيرة وهي عبارة عن صدع بين كتل جبلية شاهقة، تحده من الغرب سلسلة الجبل الأخضر والتي لأول مرة أعرف عن أسماء جبالها من ولاية بدبد حتى ولاية إزكي، ومن الشرق سلسلة جبلية بين محافظة مسقط والداخلية، والشمال بحر عُمان، والجنوب كتل جبلية من الأفيوليت، ثم فصّل كل وادٍ على حدة وما فيه من قرى ومناطق، وأفادنا بنبذة عن التركيب الصخري والأحافير والمستحاثات، ولأول مرة أعرف عن ديناصورات وتماسيح وسلاحف عاشت في عُمان، والتي وثقها بالصور، وقدم لنا نبذة عن الحياة الفطرية في هذه الوديان. ثم قدم لنا نافذة على علم الآثار والتقسيم الزمني لها، وعرفنا الكتاب بالفترات التاريخية التي صنفت في علم الآثار بعُمان.

ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب
ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب

بقيت أقلّب الصفحات فلا أعرف أأبقى بين الصور أم بين السطور، كل شيء فيه جاذب ومبهر، فعرّجت إلى فصل عن ولاية سمائل والآثار فيها، نقوش صخرية نادرة، ومواقع أثرية ضخمة، ومعامل تعدين عتيقة، وأنظمة ريٍّ وواحات وبيوت وأفلاج، ومقابر ومستوطنات ذات صبغة مدنية حضارية، صادفت فيه عن مدينة البساتين الأثرية التي جعلها الكاتب محورا نقاشيا حول حقبة تاريخية سالفة، ثم نوّع لنا المعلومات وعرفنا على الآثار الموغلة في الزمن، وكتابات بدائية منحوتة في الصخور، ثم انتقل إلى ولاية بدبد، والتي لم أكن أتوقع أنها بهذه الضخامة في تاريخها الثقافي، فمنجم وادي النجوم ربما الأكبر من نوعه في عُمان والأعمق، يقفز بي إلى الحصن الكبير الذي بقيت أطلاله في قمة جبل على الجانب الغربي من بدبد الذي استوقفني أتفكر في عبقرية الإنسان العُماني. فلا أدري عن ماذا أبوح من الكتاب، هل عن القمم الجبلية أم الحياة الفطرية أو الفجاج الجغرافية، أو البساتين والمزارع الحقلية، أم العيون المائية، هنا عين سخنان التي ذكرت في الشعر العُماني وأخيرًا تمكنت من معرفة مكانها في واد رائع الجمال والتراث الطبيعي الجميل والذي قال الكاتب أنه مهدد للتدمير لأجل الكسارات، وهذا الوادي اسمه وادي ماء أو وادي سخنان.

ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب
ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب ديناصورات وآثار حضارية قديمة من شمال إزكي حتى السيب

هنا توقفت في محطة رائعة في الكتاب حينما فهمت أن وادي سمائل بالفعل مثل حُلقوم عُمان وتذكرت قول أبو مسلم البهلاني:

وأين حلقوم ذاك الملك معصمه،،،،سمائل فهي للسلطان سلطان

وبالفعل أنه لعُمان حلقومها ومعبرها الإستراتيجي، وفهمت أنه بدأ نشاطه بشكل كثيف منذ 3000عام على أقل تقدير، وفي الكتاب توثيق منهجي على كل شيء في منطقة الدراسة.

وأخيرًا؛ الكتاب دراسة توثيقية تحليلية سلطت الضوء على أرض في غاية الأهمية لم يكتب أحد من قبل عنها بهذا الأسلوب وعن هذا الاختصاص، وضمّن الكاتب كتابه نوافذ حول قضايا ثقافية جديدة لم تكن تخطر على بالنا، وهنا فتح لنا أبواب للتفكير في إرث حضاري ضارب في القدم.

Your Page Title