أخبار

بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟

أثير – مكتب أثير في تونس
أجرى الحوار: محمد الهادي الجزيري


شخصيّة مهمّة سودانيّة، ألتقي بها اليوم ضمن الحوارات الدوريّة التي دأبت عليها لفائدة “أثير” مع المقيمين أو ممّن كانوا يقيمون في سلطنة عُمان ويتقلّدون مناصب مختلفة وعديدة.

واليوم أفتتح حوارا ثريّا مع الأستاذ محمد أبوسن الرحّالة الجوّاب الذي قضّى حياته العامرة في السفر والتحليق فوق بلدان العالم.. وختم كلّ ذلك في سلطنة عُمان منذ قرابة عشرين سنة..

هو خبير تدريب.. وتولّى منصب مدير لمعهد الإبداع والعلوم الإداريّة سنة 2005 في محافظة ظفار.. وفي جعبته أحاديث عن بلد مشرق الشمس وعن رحلاته الجمّة لبلدان أجنبيّة وعربيّة..

وقد حدّثنا عن تجربته الخاصّة، قائلًا:
قضّيت في عمان أكثر من عشرين سنة كخبير تدريب في المعاهد، ثمّ كُلّفت بإدارة معهد الإبداع والعلوم الإداريّة، وبقيت شاغلا لهذه الوظيفة حتّى سنة 2019.


فارتأيت أن أطرح عليه هذا السؤال:

هل لك أن تلخّص لنا كلّ هذه المدّة.. ماذا استفدت وكيف أفدت؟ وكيف تأقلمت مع الجهات المختلفة للسلطنة؟

الخمس سنوات الأولى من وجودي بالسلطنة.. تجوّلت بين مدنها ووقفت على معالمها… وقد اندهشتُ بتاريخ الشعب العماني في الإبحار، ففي العهد الماضي كان لعمان العظمة في الإبحار حول سواحل أفريقيا الشرقيّة.. وصولًا لأمريكا عبر المحيط الأطلنطي.. كما أعجبتُ بمدينة الرستاق وقلاعها التاريخيّة.. وحمّاماتها ذات المياه المعدنيّة الساخنة الشبيهة بتلك التي شاهدتها في كلّ من تركيا ومدينة حلوان بمصر… أمّا مسقط العاصمة فلا أجدُ ما يُعبّر عنها ويصفها أكثر من كونها مدينة جميلة تُعرف بتنوّع أزهارها وحدائقها الخضراء، وقد نجحَت في أن تتبوّأ الدرجة الأولى من حيث الجمال والنظافة بين عواصم العالم

توسّعت دائرة علاقاتي في مرحلة عملي بمعاهدها التدريبيّة.. وقد استهدف التدريب طالبي الوظائف، حيث يتمكّنون بعد إنهائه من الحصول على شهادات في مجال الحاسب الآليّ… اللغة الإنجليزيّة.. المحاسبة والإدارة.. كما استهدف فئة ثانية وهي فئة موظّفي القطاع العام والمؤسّسات، وهم ينظرون إلى التدريب كواجب وظيفيّ، وهذا ما ساعدنا على صقل قدراتهم الإداريّة وإحاطتهم بأساليب الجودة، وهكذا أفدت واستفدت كثيرًا خاصّة في مجال تخصّصي الإداريّ.. الشيء الذي أكسبني تقدير وحبّ المتدرّبين. وفيما يخصّ التأقلم، فقد نجحت في إيجاد علاقات اجتماعيّة كثيرة.. والتواصل بيني وبين المتدرّبين لم ينقطع، بل إنّ بعضهم مازال يداوم على زيارتي..

بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟
بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟ بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟

ـ نعلمُ أنّك صحفيّ وإعلاميّ، وأنّك كنت تكتب عمودًا بالملحق الثقافي لجريدة عُمان من سنة 2005 حتّى سنة 2011، فكيف كانت هذه التجربة بالنسبة إليك؟

نعلمُ أنّك صحفيّ وإعلاميّ، وأنّك كنت تكتب عمودًا بالملحق الثقافي لجريدة عُمان من سنة 2005 حتّى سنة 2011، فكيف كانت هذه التجربة بالنسبة إليك؟

العمود الذي كنت أحرّره بجريدة عمان يُعنى بالمواقع السياحيّة وبالكشف عن البعد الجماليّ تنويرا لضيوف صلالة أيّام الخريف حيث تنتشر المناظر الجبليّة الخلّابة المكسوّة بالخضرة وتتدفّق مياه العيون عبر وديانها ومرتفعاتها، فضلا عن ذلك كنت أدعو إلى التصافي والحبّ وضرورة توسيع دائرة العلاقات الاجتماعيّة..

ـ في القاهرة.. كانت لك لقاءات صحفيّة مع كوكبة من الشعراء والكتّاب والفنّانين والمشاهير.. فهل سمحت بذكر البعض من هذه اللّقاءات.. وهل وقعت لك طرفة في إحداها؟

في القاهرة.. كانت لك لقاءات صحفيّة مع كوكبة من الشعراء والكتّاب والفنّانين والمشاهير.. فهل سمحت بذكر البعض من هذه اللّقاءات.. وهل وقعت لك طرفة في إحداها؟

نعم أذكر طرفة وقعت للممثّل الكبير فريد شوقي، فقد أفادني أثناء حواري معه بمنزله بالعجوزة بالقاهرة (قال: أنا من عادتي، وفي أيّ بلد عربيّ نذهب إليه لنعرض أعمالنا المسرحيّة، أن أتعرّف على الكلمات المحليّة المتداولة وأحاول إدخالها في النصّ، وفي ستّينات القرن الماضي قدّمنا من فوق خشبة المسرح القومي بأمّ درمان مسرحيّتنا وفيها أقول لزوجتي “لو كنت ذهب عيار 24 مش حاسمع كلامك”، وفي اليوم التالي دخل علينا من خلف الكواليس سوداني وطلب منّي استبدال عيار 24 بعيار بـ17، وهنا هاج جمهور المسرح فجأة وأخذوا في التصفيق الحارّ بلا توقّف لأكثر من خمس دقائق، وبمجرّد وصولنا إلى الفندق، زارنا مندوب من وزير الاستعلامات يطلب منّا مغادرة البلاد فورا.. وفي المطار سألنا مرافقنا عن أصل الحكاية فقال: “يا فريد ـ مالك ومال عيار 17، لأنّك بذلك قد أسأت لثورة 17 نوفمبر…”)

ـ بعد عشرين عامًا نستطيع أن نسألك كصحفيّ محترف عن أهمّ الأسماء الأدبيّة التي حفرت عميقا في ذهنك.. هل لاقت أسماء معيّنة إعجابك؟

بعد عشرين عامًا نستطيع أن نسألك كصحفيّ محترف عن أهمّ الأسماء الأدبيّة التي حفرت عميقا في ذهنك.. هل لاقت أسماء معيّنة إعجابك؟

تعرّفت على الكثيرين من الإخوة العمانيين المهتمّين بالشأن الثقافي، وقد كنت من المداومين على حضور الندوات الأدبيّة التي تقام من حين إلى آخر بمكتبة دار الكتاب هنا في صلالة، ومن الأسماء ذات الشهرة الأدبيّة المعروفة التي لي معها صلات، الأستاذ سالم الجحفلي، فهو شغوف بالاطّلاع على كلّ جديد، بالإضافة إلى القامة الصحفي الكبير ذي الموسوعة المعرفيّة الهائلة عبدالله العليان وغيرهم كثر..

بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟
بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟ بعد أن قضى فيها 20 عامًا: ماذا قال صحفي سوداني عن جولاته في الولايات العمانية؟

ـ ما المدينة العمانيّة التي استهوتك؟

ما المدينة العمانيّة التي استهوتك؟

استهوتني مدينة صلالة بجمالها ومرتفعاتها وعيونها المائيّة، التي تتدفّق من الأعالي إلى الأودية خاصّة أيّام فصل الخريف، كما عشقت أهلها وجمال مجالسهم ونخوتهم وصدقهم وكرمهم..

ـ وقعت إفادتك إلى كلّ من السعوديّة وبريطانيا وألمانيا ومصر وغيرها من البلدان من قبل الدولة السودانيّة..، أكيد أنّ هذه الدول والمدن قد خلّفت لديك ذكريات كثيرة، فهل لك أن تسرد بعضها؟

وقعت إفادتك إلى كلّ من السعوديّة وبريطانيا وألمانيا ومصر وغيرها من البلدان من قبل الدولة السودانيّة..، أكيد أنّ هذه الدول والمدن قد خلّفت لديك ذكريات كثيرة، فهل لك أن تسرد بعضها؟

أمّا الدول التي أتيحت لي زيارتها، فقد عايشت وخالطت أهلها من مختلف الجنسيّات والثقافات ـ ففي الهند مثلا عاشرت وجالست السيخ والهندوس ودخلت معابدهم ووقفت على أداء طقوسهم الاحتفاليّة وشاهدت إحدى عجائب الدنيا السبع (قصر تاج محلّ) ومتحف أنديرا غاندي، ووقفت على حال المسلمين في حيّ نظام الدين بالعاصمة، كذلك الحال في كلّ ماليزيا وسنغافورة، وأعجبت بلاهور وإسلام أباد وكويتا، أمّا دول الغرب ففي ألمانيا الاتحاديّة وقفت وشاهدت محنة سور برلين الذي فرّق بين الأسرة الواحدة، وفي بون زرت منزل الموسيقار العالمي بيتهوفن وذلك البيانو الذي خلّد به مقطوعاته الموسيقيّة ذات الشهرة، أمّا في لندن فقد انبهرت بميدان هايدبارك ومناقشاته التي لا تتوقّف، وقد بدا لي شبيها بسوق عكاظ الشهير..

ـ ماذا تقول لعُمان بعد هذه العشرة والصحبة الطويلة مع أهلها؟
أمّا أهلي في عُمان، فأقول لهم قد أعجبتني بلادكم وأمنيتي أن أعيش فيها للأبد.. أهديك كلّ ما لديّ يا عُمان، لكِ روحي وحبّي يا مشرق الشمس.

ماذا تقول لعُمان بعد هذه العشرة والصحبة الطويلة مع أهلها؟


Your Page Title