أثير – د. سعيد السيابي كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس
هناك الكثير من دول العالم التي تنهض فيها أفكار لأفراد أو مؤسسات تخدم قطاع التعليم والثقافة، وتبقى جهودهم التي وهبوها وأموالهم بإخلاص لأوطانهم ولأبناء شعبهم وللإنسانية علامات فارقة، وتحولت بعض هذه الاجتهادات إلى مؤسسات كبيرة مثل جامعات خاصة عريقة ومعاهد تعليمية وثقافية مرموقة وخلدت أسماء المانحين، وساهمت في أن تمد الأجيال بأحدث العلوم والمعارف، وكانت نماذج عملية للتسهيلات في المنح والتسجيل فيها والحصول على شهادات أكاديمية ومهنية مناسبة منها، ولتكون وسيلة وسلاح حماية للدفع بالمستقبل المجتمعي نحو إشراقات غيرت الأحوال إلى الأفضل.
إن الإيمان بالأفكار المبتكرة في مجال التعليم والتثقيف تنبع من صلب المجتمع وحاجته، فيقوم من بيده التمويل المناسب بأن يضع الفارق ويصنع اللحظة التاريخية التي تخلد منجزه الذي صنعه بشغف وأن يكون اسمه خالدا وفعله يبقى ما بقي هذا الاجتهاد التعليمي والثقافي بحوكمة إدارية تستمر من بعده وتعيش عمرا.
ليس المطلوب من الجميع أن يقوم بذات الأفكار التعليمية والثقافية فهذه المشاريع أفضل وسائلها في تنوعها، وأبقى مراكزها في سهولة الوصول لها، وأقوى تخصصاتها ما يتناسب مع واقع الحال واحتياج المجتمع المستقبلية، فكل تعاون لأصحاب التوجهات التمويلية من أفراد أو عوائل أو مؤسسات في إنجاز مثل هذه المشاريع، كان ردة فعل المجتمع مساندة والأثر باقيا، وصفة الإيثار والتكافل نبراسا يكمل من سبق منجزات من لحق بعدهم فيتقوى البناء الإنساني ويتماسك حائط الصد لكل ما يفيد الخير والصلاح فبالتعليم والتثقيف الجيد تتقدم الأمم وتؤثر ببصماتها في غيرها.
إن تقصير الجهات التمويلية وحصر مشاريعها في أفكار وقتية أو مكاسب سريعة يجعل من تأخر بعض التخصصات عائقا أمام تطور المجتمع وأفراد المجتمع خصوصا من الشباب والأجيال التي تتسارع فيها المعارف وتتطور، واللحاق بها يحتاج إلى مؤسسات مرنة ومصادر تمويل اعتماداتها سهلة وقراراتها سريعة، وقبول تمكنها في تطوير مناهجها الجديدة وأفكارها التي تقبل توصيل دعمها لفئات محتاجة فهناك العديد من النماذج العالمية، فعلى سبيل المثال هناك منظمات داعمة في الهند مثل RMSA قامت بأدوار كبيرة في دعم العملية التعليمية ودعم المدارس والمدرسين والأسر بتشجيع حضور الطلاب واستمرارهم في اليوم الدراسي.
إن التمويل يقف مسانداً وعموداً رافعاً للكثير من المبادرات التي تحتاجها المجتمعات التعليمية والثقافية، والدعوة لوجودها وتشجيع الأفراد والعوائل والمؤسسات عليها والتنبيه الإعلامي على فضائلها في تاريخ الدول ومستقبلها.