أثير- موسى الفرعي
ما مرت به سورية وتركيا من تداعيات الزلزال المدمر أكبر من أن تصوره الكلمات وأعلى من المجاز، فما رأيناه من مشاهد كارثية عكست حجم دمار هائل ومأساة إنسانية لا يمكن تصورها، آلاف المنازل تحولت إلى ركام أنقاض وعدد كبير من الضحايا، وعالقين بين الحياة والموت تحت الأنقاض.
لم تشفَ سورية من ويلات الحرب والمصاعب الاقتصادية والإنسانية بعد ليصيبها ما أصابها، إنها مأساة حقيقية ينبغي أن تُسقط معها كل الخلافات السياسية والمصالح الاقتصادية التي تتحكم بالأشقاء العرب، وتسخر كل الإمكانات العربية، والدولية أيضا، فالقيم الإنسانية ينبغي أن تكون أقوى من كل شيء وأواصر الدين والجيرة والدم عليها أن تكون المحرك الرئيس والدافع لإسقاط أي خلاف، وتقديم المساعدة في المناطق المتضررة من أثر الزلزال، إن الوقت لا يتسع لتصفية حسابات أو استغلال وضع ما، وإني لأعجب من البعض حين يفصل في حديثه ودعواته ليخص بها بلدا دون آخر وكأن المأساة تفرّق بين جنسيات وتعترف بحدود وجغرافيا سياسية بعينها.
إن الموتى سواسية والمأساة واحدة وما فرقته السياسة يجمعه الضمير الإنساني، إن اختلاف الأغراض والأهواء من شأن القلوب ولكننا نحكم على أعراضها وهذا ما يقود إلى الفرقة والشقاق، إن ما تواجهه الإنسانية في سورية وتركيا أمر لا يمكن أن يكون هامشا في الأجندة العربية والدولية بل هو المتن فلا شيء كبناء الله/ الإنسان، ولا شيء يمكنه أن يعادل حق الحياة والأمن والطمأنينة، إن لم تستطع تلك الأواصر جمع الشقاء ووحدتهم وهم يملكون كل أدواته وممكناته، فلتكن المأساة التي يأنون تحت وطأتها سببا لنبذ الهموم والمشاكل والصراعات، أما سورية التي يتقافز البعض بعيدا عنها تطيّره وتسيّره الأهواء فقد نهضت على مر التاريخ من تحت الرماد كطائر أسطوري وهي قادرة على النهوض مرة أخرى والسير في طريق التقدم والبناء.