أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي
في الرابع عشر من أغسطس لعام 1995م أبصر الشاب العُماني “وهب” بعينيه الحياة، فكَبِرَ وكَبُرَ معه حُلمَه الذي راوده منذُ الصغر بأن يكون مهندس إلكترونيات يصنع شيئًا من شغفه، فحقق حلمه الذي لازمه لسنوات بجدٍ واجتهاد إلا أنه فقد إحدى أعظم نِعم الله سبحانه وتعالى التي منَّ بها علينا وهي “نعمة البصر.”
قصة الشاب العماني وهب الوهيبي التي نسردها عبر “أثير” قد تحمل في سطورها لنا حزنًا ويأسًا إلا أنه رفض أن يتمكّن الحزن منه أو أن يصل اليأس إليه؛ فرضي بقضاء الله وقدره وسعى جاهدًا إلى أن يُكمل حياته مؤمنًا بأن فقدان البصر ليس إعاقة ولا يعني ذلك نهاية المشوار وأن لا يأس مع الإيمان.

يحدثنا وهب وهو يسرد مراحل حياته بأنه كان من محبي تفكيك الأشياء في طفولته خصوصًا سيارات الألعاب وشغفه بالإلكترونيات كان كبيرًا جدًا في أجهزة التلفاز والحاسب الآلي وغيرها من الأجهزة، وفي مرحلته الدراسية الإعدادية كان دائمًا محط اهتمام واعتماد عائلته وأصدقائه، عند مواجهتهم أي مشكلة تقنية أو قبل شرائهم أي جهاز إلكتروني، فطوّر من شغفه في هذه المرحلة.


استمر شغف وهب وممارسته لهوايته حتى المرحلة الثانوية، وبعد ذلك بدأ الحلم يتحقق شيئًا فشيئًا فانضم للدراسة العليا في إحدى الكليات مباشرةً بالمستوى الثاني بتخصص بكالوريوس تطبيقات الكمبيوتر، فمرّ بمرحلة الدبلوم العالي ثم إلى البكالوريوس بتفوق وبمعدل ممتاز.

بعد الانتهاء من دراسته تسلّم وهب شهادة التخرج دون حفل وتصادف ذلك في فترة كان اليأس يحيط به من كل جهة، كونها تزامنت مع فترة علاجه لبصره في عام 2020م، ومن هنا بدأت قصة وهب مع فقدانه لبصره!
في شهر فبراير من 2020م قصد وهب إحدى المستشفيات الخاصة بعد ملاحظته رؤية أشياء شبيهة بـ “الذباب” لونها أسود في مجال رؤيته، شخّصه الطبيب وقاله له -ما لم يكن يتوقعه- بأنه يُعاني من “اعتلال الشبكية” في العين اليمنى فقط، أما العين اليسرى فكانت سليمة، وأنه بحاجة إلى خطة علاج تتضمن حقن السيليكون.

ذهب وهب بعدها إلى مستشفى حكومي ليحقن العين اليمني، وتحسبًا واحتياطًا طلب حقن العين اليسري أيضًا، لتبدأ المضاعفات بعدها؛ فقد البصر في عينه اليسار التي كانت سليمة، بينما كانت الرؤية ضعيفة في عينه اليمنى، فجاءت النتيجة عكسية حيث إن العين التي كانت مصابة يوجد بها القليل من الأمل، بينما العين التي كانت سليمة فقد بها البصر نهائيًا.
أجرى وهب بعد ذلك 4 عمليات مختلفة من بينها عملية في إيران، لكن دون فائدة وذلك لأن مستوى السكر لم يكن متوازنًا لديه، ففقد البصر بالكامل خلال سنة ونصف من 2020م.
يصف لنا وهب بأن التعايش في البدء كان صعبًا جدًا ولم يكن بسيطًا، المجتمع والناس المحيطة تزرع فيه الأمل لكنه كان شبه متيقن بأن لا أمل ولا وجود للعلاج، فبدأ التعايش مع نفسه وتعلم أشياء جديدة وما الذي يُمكن أن يعمله الكفيف، فالتحق بجمعية النور للمكفوفين واستفاد كثيرًا حيث تعلم على “العصى البيضاء”، أما استخدام الهاتف وغيرها من الأمور فهو متمكن بنفسه في البحث والتعلم.

وهب لا يعمل حاليًا لكن عن طريق برنامج “قادرون” الذي يهدف إلى توفير مشاريع مستدامة لذوي الإعاقة بتوفير فرص عمل ومنح دراسية وفرص تدريب لذوي الإعاقة، حيث يقول بأنه سيتم توفير مشروع لهم ضمن المرحلة الثانية أو الثالثة وهو مشروع منصة إلكترونية.

أراد وهب الوهيبي أن يوجّه رسالة عبر “أثير”، قال فيها: يجب على المجتمع أن يدرك أن الشخص المعاق هو المعاق ذهنيًا، أما الشخص الذي توجد لديه صعوبات جسدية لا يجب النظر إليه بنظرة الشفقة أو أنه عَالَة على المجتمع؛ فهذا الشخص قادر على التحدي والعطاء، مضيفًا: أوجّه رسالة أيضًا لكل من واجه مواقف أو حوادث معينة أو من فقد بصره، ألا يفقدوا الأمل في الحياة والتيسير من الله في كل شيء وما يختاره الله هو خير لنا.

أردنا عبر “أثير” أن ننشر قصة “وهب” للقارئ الكريم علّها تكون عبرة لأحدهم، وأملًا لآخر، كما نضعها أمام الجهات الصحية المختصة والمختصين في هذا المجال؛ هل هناك أمل في أن يعود البصر لـ “وهب”؟
أردنا عبر “أثير” أن ننشر قصة “وهب” للقارئ الكريم علّها تكون عبرة لأحدهم، وأملًا لآخر، كما نضعها أمام الجهات الصحية المختصة والمختصين في هذا المجال؛ هل هناك أمل في أن يعود البصر لـ “وهب”؟
“أثير”