أثير – موسى الفرعي
إن بناء الأمم وتطور الحضارات جوهر لمعنى الوجود وتبرير الحياة، وليس بالأمر الذي تحركه الأهواء والمنفعة، بل يجنح نحو المجد والصالح العام، غير ملتفت للمصالح الشخصية وفردية المجد، فالعلاقات الإنسانية وراوبط الأخوة أسمى من المساومات وحسابات الربح، وقد شهد البيت الخليجي والمنطقة العربية في الآونة الأخيرة تذبذبا في مسارات عديدة، مما انعكس بشكل أو بآخر على مصالح الشعوب وانتماءاتها وارتباط بعضها البعض بروابط الدين واللغة مشدودة بخيط الإنسانية الجامعة.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية يوم أمس الجمعة بيانا ثلاثيا مشتركا صادرا من المملكة العربية السعودية أشار إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وإعادة فتح سفارتيهما وممثليهما وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، وبهذا البيان نجد أن مساحة الأمل بتعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة وتوطيد التعاون الإيجابي البناء الذي يعود بالمنفعة على جميع شعوب المنطقة والعالم قد اتسعت، وبذلك رحبت وزارة الخارجية العمانية بهذا البيان الذي يعد خطوة لابد من استثمارها في سبيل النمو والتقدم والانتقال من حالة التأرجح والتذبذب العربي والإسلامي إلى الثبات والوحدة وصلابة الكيان الواحد، لما له من قدرة على إنهاء الصراعات القائمة على مستويات الربح والخسارة، وفتح آفاق مستقبلية مبنية على التوازن والسعي الحقيقي إلى الحياة المشتركة بين أمم المنطقة.
إن هذا الإطار السياسي الجامع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يمتلك كل مقومات ومكونات الاستمرارية والنمو طالما بُني على الإيمان بالحل الدبلوماسي والحوار لإنهاء كل الخلافات والاعتماد على رابطة الأخوة والميثاق والأعراف الدولية، هادفا إلى تطوير العلاقات بين البلدين وحسن الجوار، وهو الأمر اللائق بثقل البلدين التاريخي والسياسي والاقتصادي، فأمر الوحدة العربية الإسلامية مهما كانت أشكالها وطرق التعبير عنها أمر ضروري بل يأتي على رأس متطلبات الوجود، وما هذا البيان سوى نموذج حقيقي يحتذى به في سبيل بناء الأمم والحفاظ على وجودها وتقدمها، وما تقوم به المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز والترجمة الحقيقية للأمير محمد بن سلمان لرؤية واضحة الملامح يعد نقلة نوعية على جميع الأصعدة واختصارا هائلا لمراحل زمنية كثيرة، وهو الأمر الذي يقطع الطريق على كل متربص بالمنطقة، وهو كذلك أمر كفيل بحلحلة الكثير من الملفات العربية الإيرانية الشائكة، وما قابل الأيام سوى ستارة سترفع عن النتائج الحقيقية لهذه الخطوة الإيجابية.