أثير- مصطفى بن ناصر الناعبي، مختص في الاقتصاد والتمويل الإسلامي
على الدول اليوم أن تؤدي دورا محوريا في تشجيع الابتكارات التي تخدم مختلف الاحتياجات، لاسيما التسارع الشديد الذي نشهده على مستوى العالم. فالمتابع للاستحواذات التي تقوم بها كبريات الشركات على المستوى العالمي يجد أنها تستهدف الشركات الناشئة التي تكون لها براءة اختراع في جزئية معينة تخدم عملا أو تسهم في تطوير عمل تلك الشركات العملاقة؛ وفي هذا السياق نجد صفقات مليونية لشراء هذه الشركات الصغيرة حديثة الولادة – إن صحت التسمية – في دراسة قديمة نسبيا تمت في عام 2003 في الولايات المتحدة الامريكية أكدت أن براءة اختراع شركة محدودة أكثر ترجيحا من براءة اختراع تقوم بها الشركات الكبرى؛ ولذلك نجد أن كثيرا من الابتكارات قامت بها شركات صغرى ولكن في ذات الوقت تفتقد هذه الشركات إلى الموارد.
والكفاءة التي تقودها للعالمية والوصول إلى الأسواق الكبرى وهنا يأتي دور الشركات الكبرى بشراء هذه الحقوق والاستفادة منها الاستفادة المثلى وأحيانا يكون من خلال الاستحواذ على الشركة الناشئة بالكلية، فعلى سبيل المثال في عام 2012م قررت جوجل الاستحواذ على شركة موتورلا بالرغم من أن موتورلا كانت تحقق خسائر إلا أن هدف جوجل من ذلك هو الحصول على العدد الهائل من براءات الاختراع الموجودة والتي يزيد عددها عن 17 ألف براءة وهي التي فتحت المجال لجوجل للدخول إلى السوق التي كانت تعمل فيه شركة موتورلا وهو سوق الهواتف المحمولة وبعد ذلك في 2014م باعتها جوجل لشركة لينوفو الصينية وحققت أرباحا كبيرة من ذلك.
هذا مثال للشركات الكبرى. بالنسبة لاستحواذ الشركات الكبرى على شركات ناشئة لأجل براءة الاختراع التي لديها هناك أمثلة كثيرة جدا أكتفي بواحد منها فقد قامت شركة أبل بالاستحواذ على شركة صغيرة ناشئة حصلت على براءة اختراع في عمل الشاشات الخاصة بالهواتف المحمولة والتي تعمل بتقنية micro -LED وهي شركة LuxVue والقائمة تطول وتطول في هذا المجال. فتشجيع الابتكار ونشر ثقافة الاختراع يجب أن يكون على الدولة في المقام الأول وذلك من خلال تصميم المناهج الدراسية و طرح تخصصات جامعية تهدف للتوعية بأهمية الاختراع وأهمية تسجيله وإثبات براءة الاختراع ثم العمل على تسويقه سواء محليا أو على الصعيد الدولي. وهنا يأتي دور الحكومة في سن القوانين المشجعة والداعمة فكما يقول استاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك وليام بومول في كتابه
The Micro-theory of innovative Entrepreneurship
:” الحكومة تلعب دورا مهما في الابتكار …. هناك ضرورة تمويل الأبحاث الأساسية التي ربما لا تجد من يمولها لو تركت للقطاع الخاص”.
فلا بد من إيجاد خطة وطنية بفتح مراكز يسهم فيها القطاع الحكومي والقطاع الخاص تهدف إلى إيجاد بيئات تخدم وتشجع على الابتكار في مختلف المحافظات، ويكون هدفها الرئيس تشجيع الابتكار والمبتكرين والأخذ بأيديهم كي يخرجوا بهذه الأفكار ليكونوا رواد أعمال وأصحاب شركات يترجمون أفكارهم لأرض الواقع لتخرج لنا منتجات وحلول مبتكرة، وأن يتم رصد جوائز مجزية تشجع المبتكرين والمخترعين وتعطيهم امتيازات تشجعهم على مواصلة الطريق وبذل المزيد من الجهد ورفد السوق بأفكارهم الإبداعية.