خاص – أثير
إعداد: مكتب أثير في القاهرة
يحظى تاريخ سلطنة عُمان بالعديد من المحطات المشرقة عبر الأزمنة، من بينها ما يرويه لـ“أثير”، أ.د إبراهيم عبد المنعم سلامة أبو العلا، رئيس قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية، والأستاذ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس “سابقًا”، عن شخصية عُمانية هي يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الأزدي العتكي، الذي حكم مصر لأكثر من سبعة أعوام، وكان مثالًا للحاكم العادل الذي يحمي أمته؛ حيث استطاع خلال فترة ولايته أن يحظى بمحبة جموع المصريين، بل ويحفظ أمنهم المائي، حتى امتدحه شعراء عصره.
“أثير”

“أثير” اقتربت من حديث الأستاذ الدكتور، وحاورته عن تفاصيله عبر الأسئلة الآتية:
“أثير”
– تطرقت في الملتقى الصحفي العماني المصري الذي أقيم مؤخرًا عن القائد العُماني الذي كان حاكمًا لمصر؛ فما قصته؟
لقد قلد الخليفة أبو جعفر المنصور، يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الأزدي العتكي العماني ولاية مصر سنة 144 هجرية، كاتبًا له: “يا أبا خالد، بادر النيل قبل خروج الرايات الصفر، وأصحاب الدواب البتر”، كما ذكره ابن الآبار البلنسي، في الحلة السيراء. وكان يقصده لحفظ مصر ونيلها من خطر العلويين الذين ثاروا ضد الدولة العباسية وقتها.
– من أين ينحدر يزيد بن حاتم في سلطنة عُمان؟
والي مصر يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الأزدي العتكي العماني، ينحدر من أسرة المهالبة العمانيين، وهم من أُزد عُمان. وقد شاركت هذه الأسرة في الحروب الجهادية على الجبهة المشرقية، وكان جده الأكبر “المهلب” ممن حفظ العراق من خطر الخوارج. وهذه الأسرة خدمت الدولة الإسلامية منذ عصر الراشديين ثم الأمويين، وأدت خدمات جليلة للخلافة العباسية.
– ما مكانة الحاكم العماني لمصر عند الخليفة العباسي؟
كان يزيد بن حاتم، مستشارا للخليفة أبي جعفر المنصور، منذ كان وليًا للعهد، وكان مقربًا منه وقلده ولايات عديدة في أرمينيا والسند والهند وغيرها.
– ما أبرز المهام التي كلفه بها الخليفة أبو جعفر المنصور؟
عندما اندلعت الثورة العلوية في مصر عام 144هـ، لم يستطع واليها التصدي لها، فما كان من الخليفة أبي جعفر المنصور إلا أن يقلد يزيد بن حاتم المهلب، أمر مصر؛ كي يتصدى لثورة العلويين ويحفظ الأمن في البلاد؛ فجاء هذا الوالي من العراق إلى مصر في عام 144هـ، وتولى أمرها، وظل في مصر سبع سنوات وأربعة أشهر، حتى 152 هـ، قبل أن يعزله عن مصر ويعطي له حكم ولاية أفريقية “تونس حاليًا”. وفي عهده استطاع التصدي لخطر العلويين، ولثورة من أقباط مصر في مدينة “سخا”، وكذلك حفظ الأمن المائي لمصر بأن أرسل حملة إلى الحبشة للحفاظ على منابع النيل.
– هل كان يزيد بن حاتم حاكمًا عادلًا لمصر؟
نعم؛ فقد اهتم يزيد بن حاتم بإقرار الأمن والعدل، وكان من أقواله: “والله ما هبت شيئا قط هيبتي لرجل ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله تعالى، فيقول: حسبك الله، الله بيني وبينك”. وهذا الوالي قدم خدمات جليلة لمصر والمصريين، ووفد عليه كثير من الشعراء فمدحوه فأجزل العطاء لهم. وللدلالة على محبة المصريين له، عندما عزله الوالي لينقله إلى ولاية إفريقية “تونس”، مدحه الشعراء ودلل الشعر على محبة المصريين له؛ لإفشائه العدل بينهم.
– ماذا عن عن حجم رسوخ العلاقات التاريخية المصرية – العمانية؟
علاقات مصر بعمان تاريخية راسخة، كما يقال منذ “حتشبسوت” حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي. وبطبيعة الحال العلاقات متميزة على اعتبار أن العلاقات التجارية والحضارية كانت هي الأساس منذ العصور القديمة، ثم بمرور العصور الإسلامية جاء كثير من “عرب الجنوب” وبينهم “عرب عمان” فاتحين لمصر مع الصحابي عمرو بن العاص، واستقروا بمصر وعاشوا وتناسلوا فيها ولهم أملاكهم، والمؤرخون المصريون أكدوا عمق هذه العلاقات على مر العصور.
– كيف تقرأ الدور الذي تقوم به الشخصية العمانية في محيطها العربي والإقليمي لإحلال السلام؟
الشخصية العمانية مُعتدلة ودائمًا وأبدًا تبحث عن استقرارها واستقرار محيطها والدفاع عن مقدراتها وإفشاء السلام. والنهج العماني منذ عصر النهضة هو عدم التدخل في شؤون الغير. وتقف دائمًا هذا الموقف وتحاول الوساطة بين الجميع في محيطها الإقليمي. والدليل أنها تتمتع بعلاقات جيدة بكل الأطراف المتنازعة. وهي رمانة الميزان في منطقة الخليج وتقوم بدور مهم جدًا في الوساطة بين الخليجيين وجيرانهم مثل إيران.