خاص-أثير
الكلمات بوحٌ عما يختلج في القلوب من مشاعر وآمال وآلام، وسردٌ لحكايات وقصص تُروى؛ لتكون عبرة ودرسًا، وتقدم موعظة وعبرة “لمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ“.
الكلمات بوحٌ عما يختلج في القلوب من مشاعر وآمال وآلام، وسردٌ لحكايات وقصص تُروى؛ لتكون عبرة ودرسًا، وتقدم موعظة وعبرة “لمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
“.
وهنا في السطور القادمة؛ نضع لكم كلمات قيلت من قلب ابنة تتألم وهي في أروقة دار توجيه الأحداث التابع لوزارة التنمية الاجتماعية؛ فإليكم نص الحكاية.
وهنا في السطور القادمة؛ نضع لكم كلمات قيلت من قلب ابنة تتألم وهي في أروقة دار توجيه الأحداث التابع لوزارة التنمية الاجتماعية؛ فإليكم نص الحكاية
.
“يحظى عقوق الأبناء بحديث متواصل في المجتمع، لكن يظل عقوق «الآباء» أحد أمراض المجتمع المخفية لعدم رغبة المجتمع الاعتراف به، فعند سماع كلمة «عقوق» ينصرف الذهن مباشرة إلى عقوق الأبناء للآباء والأمهات، إلا أن كثيرًا من الناس لا يعلمون أن هناك نوعا آخر من العقوق في العلاقة بين الآباء والأبناء، وهو عقوق الآباء للأبناء .
“
يحظى عقوق الأبناء بحديث متواصل في المجتمع، لكن يظل عقوق «الآباء» أحد أمراض المجتمع المخفية لعدم رغبة المجتمع الاعتراف به، فعند سماع كلمة «عقوق» ينصرف الذهن مباشرة إلى عقوق الأبناء للآباء والأمهات، إلا أن كثيرًا من الناس لا يعلمون أن هناك نوعا آخر من العقوق في العلاقة بين الآباء والأبناء، وهو عقوق الآباء
للأبناء
.
قالت لي:” أليس من صور العقوق أن أعيش وسط بيت مكتظ بالأشخاص فلا أجدني؟ أن أكتب قصيدة فلا أجد قارئًا لها؟ أن أصنع كعكة فلا مديح لها؟ تبًا لداء السكري الذي أخذ مني والدي، وسحقا لمتطلبات المنزل التي ابتلعت أمي. وشكرا لشاشة الهاتف التي رحبت بي ثم أهلكتني .
قالت لي:” أليس من صور العقوق أن أعيش وسط بيت مكتظ بالأشخاص فلا أجدني؟ أن أكتب قصيدة فلا أجد قارئًا لها؟ أن أصنع كعكة فلا مديح لها؟ تبًا لداء السكري الذي أخذ مني والدي، وسحقا لمتطلبات المنزل التي ابتلعت أمي. وشكرا لشاشة الهاتف التي رحبت بي ثم
أهلكتني
.
يمكن للحكاية أن تبدأ من هنا. من اللحظة التي لا يفهم الكبار أمرنا. عندما صار حديثي ثرثرة أطفال دون معنى وبأقل قدر كما يزعمون. كان لساني ينتفض رغبة في الحديث الجاد عني ويتراقص في محله دون أن يُسمع. بحثت كثيرا عني بينهم فلم أجدني، فربما عصا الأميرة السحرية قد خبأتني أو قوى الفتيات الخارقات قد أبعدتني، ومن يدري لعل أحد أشرار الرسوم المتحركة تحرر من شاشة التلفاز وابتلعني؟ ألا نفكر نحن الأطفال كثيرا في عالم الخيال حين نجد للواقع أنيابًا كثيرة ونحن فرائسها؟
يمكن للحكاية أن تبدأ من هنا. من اللحظة التي لا يفهم الكبار أمرنا. عندما صار
حديثي ثرثرة
أطفال دون معنى وبأقل قدر كما يزعمون. كان لساني ينتفض رغبة في الحديث الجاد عني ويتراقص في محله دون أن يُسمع. بحثت كثيرا عني بينهم فلم أجدني، فربما
عصا الأميرة السحرية قد خبأتني أو قوى الفتيات الخارقات قد أبعدتني، ومن يدري لعل أحد أشرار الرسوم المتحركة تحرر من شاشة
التلفاز
وابتلعني
؟ ألا نفكر نحن الأطفال كثيرا في عالم الخيال حين نجد للواقع أنيابًا كثيرة ونحن فرائسها؟
ما بهم الكبار؟ لماذا يصابون بالصم فجأة عندما نتحدث؟ ولماذا يطلبون منا الصمت؟ أنا لم أكن جمادا يمتلك أزرارا كُتب عليها اضغط هنا للفتح ثم اضغط هنا للقفل، أنا كنت الطفلة الأكبر في بيت مكتض بالأفراد؛ عمي وأبي وأمي وأخواتي وجدتي وهناك صبية لعمي، في الحقيقة كان بيتنا مشبعًا بالأشخاص. ليس عندنا غرف زائدة كنا نتزاحم مضطرين لنعيش…
ما بهم الكبار؟ لماذا يصابون بالصم فجأة عندما نتحدث؟ ولماذا يطلبون منا الصمت؟ أنا لم أكن جمادا يمتلك أزرارا كُتب عليها اضغط هنا للفتح ثم اضغط هنا للقفل، أنا كنت الطفلة الأكبر في بيت
مكتض
بالأفراد؛ عمي وأبي وأمي وأخواتي وجدتي وهناك صبية لعمي، في الحقيقة كان بيتنا مشبعًا بالأشخاص. ليس عندنا غرف زائدة كنا نتزاحم مضطرين لنعيش
…
أحببت جدران منزلنا ونوافذه وسجادته وكل محتواه. لم يكن العيب في شكل منزلنا بل من يقطن فيه، وهذا جعلني أراه كقطعة خبز متعفنة يتحول لونها نحو السواد تدريجيا، وعلى السقف فوق رأسي ألف فكرة للخلاص.
أحببت جدران منزلنا ونوافذه وسجادته وكل محتواه. لم يكن العيب في شكل منزلنا بل من يقطن فيه، وهذا جعلني أراه كقطعة خبز متعفنة يتحول لونها نحو السواد تدريجيا، وعلى السقف فوق رأسي ألف فكرة للخلاص
.
كلما تسللت الحروف من لساني وتحررت الكلمات من فمي ألقوا القبض عليها كلص لا يفر من المحقق كونان. كنت بحاجة إلى من يستمع لي بإنصات ويحترم مقولتي ويشعرني بأنني الابنة الأكبر، عفوا هل من أحد هنا؟ أمي تعمل طول النهار في المنزل نظرا لتعدد الطلبات وكثرة المهام وكنت أرى سالي المسكينة تتخبط عبر زوايا هذا الدار وعند المساء لا أتمكن من الحديث حتى تبدأ بإصدار صافرات عبر فمها معلنةً النوم، لا بأس فتلك الأصوات تذكرني بموعد صافرات حلقة سابق لا تتردد لاحق فالفوز مؤكد ….
كلما تسللت الحروف من لساني وتحررت الكلمات من فمي ألقوا القبض عليها كلص لا يفر من المحقق كونان. كنت بحاجة إلى من يستمع لي بإنصات ويحترم مقولتي ويشعرني بأنني الابنة الأكبر، عفوا هل من أحد هنا؟ أمي تعمل طول النهار في المنزل نظرا لتعدد الطلبات وكثرة
المهام وكنت
أرى سالي المسكينة تتخبط عبر زوايا هذا الدار وعند المساء لا أتمكن من الحديث حتى تبدأ بإصدار صافرات عبر فمها معلنةً النوم، لا بأس فتلك الأصوات تذكرني بموعد صافرات حلقة سابق لا تتردد لاحق فالفوز مؤكد
….
أين يذهب صائدو الأشباح في ذلك المسلسل الكرتوني الأمريكي عندما أناديهم؟ طلبت منهم عدة مرات أن يصطادوا شبح السكري الذي سكن جسد والدي وأخذ بصره لكنهم لم يفعلوا، وذاك الشبح أبعد والدي عني فهو يذهب كثيرا للمستشفى ويغسل كليته ثلاث مرات في الأسبوع فلا أجده إلا نادرا وحين أريد الحديث معه يكون متعبا. أنا أكره الأشباح وأريد من الساحرة أن تصنع أعجوبة شفاء لوالدي كما فعلت بتفاحة سندريلا.
أين يذهب صائدو الأشباح في ذلك المسلسل الكرتوني الأمريكي عندما أناديهم؟ طلبت منهم عدة مرات أن يصطادوا شبح السكري الذي سكن جسد والدي وأخذ بصره لكنهم لم يفعلوا، وذاك الشبح أبعد والدي عني فهو يذهب كثيرا للمستشفى ويغسل كليته ثلاث مرات في الأسبوع فلا أجده إلا نادرا وحين أريد الحديث معه يكون متعبا. أنا أكره الأشباح وأريد
من الساحرة
أن تصنع أعجوبة شفاء لوالدي كما فعلت بتفاحة سندريلا
.
لا معنى لي وسط الازدحام، والكل يسخرون من طموحاتي ويتنمرون على شكلي ويكثرون ضربي وكأنني مسمار في لوح يطرقون رأسه حتى يصنعوا أثاثا خشبيا والمبرر أنني كثيرة العناد. في واقع الأمر أردت جذب الانتباه نحوي بالتكسير والتخريب لعلهم يخافون خسارة الأثاث ودفع المال ويستسلمون أمامي.
لا معنى لي وسط الازدحام، والكل يسخرون من طموحاتي ويتنمرون على شكلي ويكثرون ضربي وكأنني مسمار في لوح يطرقون رأسه حتى يصنعوا أثاثا خشبيا والمبرر أنني كثيرة العناد. في واقع الأمر أردت جذب الانتباه نحوي بالتكسير والتخريب لعلهم يخافون خسارة الأثاث ودفع المال ويستسلمون أمامي
.
محاولاتي في إثبات وجودي بينهم مستمرة لكنها ذات حلقات مغلقة ومعقدة تشبه كومة خيوط مكينة الخياطة في غرفة جدتي. صادقت التلفاز فأصبح قريبًا مني، أهملت دراستي فكنت أتشقلب بين كتبي مجاملة لا حبا ولا رغبة، تلاعبت أصابعي بالهاتف كثيرا وبحثت عني بين أزراره حتى دخلت حسابات الإنستغرام وبدأت بالتعرف والتعارف، وجدتني بين كم هائل من الأصدقاء الفضائيين الذين لا نراهم لكنهم يحسنون التصرف معنا. أحببت فضائيا وأنا في عمر الرابعة عشرة لا أعرف بالحب وأساسياته. أحببت اهتمامه بالاستماع إلى تفاصيلي ومدح قوامي وجمال قصائدي التي لا تنتمي إلى وزن ولا قافية ..
محاولاتي في إثبات وجودي بينهم مستمرة لكنها ذات حلقات مغلقة ومعقدة تشبه كومة خيوط مكينة الخياطة في غرفة جدتي. صادقت التلفاز فأصبح قريبًا مني، أهملت دراستي
فكنت أتشقلب
بين كتبي مجاملة لا حبا ولا رغبة، تلاعبت أصابعي بالهاتف كثيرا وبحثت عني بين أزراره حتى دخلت حسابات الإنستغرام وبدأت بالتعرف والتعارف، وجدتني بين كم هائل من الأصدقاء الفضائيين الذين لا نراهم لكنهم يحسنون التصرف معنا. أحببت فضائيا وأنا في عمر الرابعة عشرة لا أعرف بالحب وأساسياته. أحببت اهتمامه بالاستماع إلى تفاصيلي ومدح قوامي وجمال قصائدي التي لا تنتمي إلى وزن ولا
قافية
.
قال الفضائي: هل نخرج معًا فقد أردت الحديث معك؟
تعذرت الحياة أمامي في هذا المنزل؛ فقررت الخروج وسميت خروجي هروبا وسميت هروبي خلاصا وسميت خلاصي موتا.
تعذرت الحياة أمامي في هذا المنزل؛ فقررت الخروج وسميت خروجي هروبا وسميت هروبي خلاصا وسميت خلاصي موتا
.
أنا: نعم بكل سرور ( قلتها بسرعة دون تفكير لأنني وجدت من سيسمعني بل سيحتويني أنا فتاة الأمير المغوار ……)
أنا: نعم بكل سرور
( قلتها
بسرعة دون تفكير لأنني وجدت من سيسمعني بل سيحتويني أنا فتاة الأمير المغوار ……)
اتفقنا أن نهرب معا في ساعة الليل المتأخرة، وأن يبعدني عن الوجود دون اهتمام ورفقة، دون عطف وعائلة، دون حب، ورسمت فيه صورة الرجل المثالي الذي لا شبيه له!
اتفقنا أن نهرب معا في ساعة الليل المتأخرة، وأن يبعدني عن الوجود دون اهتمام ورفقة، دون عطف وعائلة، دون حب، ورسمت فيه صورة الرجل المثالي الذي لا شبيه له
!
بينما أنا أركض هربا تذكرت إبرة الأنسولين في يد والدي، وعدد المرات التي يغسل فيها الكلى، فقلت في نفسي: إن علم والدي سيتلطخ دمه بالحزن وتبكي عيونه العمياء بالأسى، وماذا ستفعل أمي إن فقدتني بين أرجاء المنزل الميت؟
بين تلك التساؤلات والتأملات قاطعني صوت أميري قائلا ( حبيبتي أهلا هيا لنذهب) كانت تلك العبارة بمثابة نغمات موسيقى في قلبي وبدأ عقلي وقلبي يرقصان معا.
بين تلك التساؤلات والتأملات قاطعني صوت أميري قائلا
( حبيبتي
أهلا هيا لنذهب) كانت تلك العبارة بمثابة نغمات موسيقى في قلبي وبدأ عقلي وقلبي يرقصان معا
.
ذهبت وكأنني إلى سابع سماء الفرح أطير، حتى انقض الذئب على الفريسة وحينها بكيت وأنا أسرد قصة ليلى والذئب؛ الذئب هرب بعيدا وليلى بقيت ملطخة بالدماء مفجوعة من المنظر، رجعت إلى منزلنا الذي لا أريده لكنني لا أعرف مأوى غيره، وحين فتحت الباب سقطت أرضا ودمائي في كل الأرجاء، صرخت أمي وبكت أختي، وأبي يتحسس وجهي ويقول يا فضيحتي، نهضت مسرعة نحو غرفتي، قفلت الباب، حاولت الانتحار، لكنني لم أنجح؛ كسروا الباب وأخذوني إلى المستشفى، وقال الطبيب: اغتصاب، وتحولت قصة الابنة سندريلا إلى قضية قانونية، وبدأت في مرض نفسي يُدعى اضطراب الشخصية وعانيت من نوبات اكتئاب.
ذهبت وكأنني إلى سابع سماء الفرح أطير، حتى انقض الذئب على الفريسة وحينها بكيت وأنا أسرد قصة ليلى والذئب؛ الذئب هرب بعيدا وليلى بقيت ملطخة بالدماء مفجوعة من المنظر، رجعت إلى منزلنا الذي لا أريده لكنني لا أعرف مأوى غيره، وحين فتحت الباب سقطت أرضا ودمائي في كل الأرجاء، صرخت أمي وبكت أختي، وأبي يتحسس وجهي ويقول يا فضيحتي، نهضت مسرعة نحو غرفتي، قفلت الباب،
حاولت الانتحار، لكنني لم أنجح؛ كسروا الباب وأخذوني إلى المستشفى، وقال الطبيب: اغتصاب، وتحولت قصة الابنة سندريلا إلى قضية قانونية، وبدأت في مرض نفسي يُدعى اضطراب الشخصية وعانيت من نوبات اكتئاب
.
حكمت المحكمة بإيوائي في دار توجيه الأحداث، ومتابعة علاجي النفسي لمدة وقدرها ….
حكمت المحكمة بإيوائي في دار توجيه الأحداث، ومتابعة علاجي النفسي لمدة وقدرها
….
رُفعت الجلسة.
رُفعت الجلسة
.
والديّ:
والديّ
:
غفر الله لكما عقوقكما، ويعلم الرب أنني أحبكما وأقدر سعيكما لأجلي وأختي لكن أين تركتماني وسط الانشغال، ألم يكن في الساعات نصيب لي؟
والدي:
والدي
:
دعوت الله كثيرًا لك بالشفاء، ورجوت لو كنت في غير الوضع الذي أنت فيه، لكن لكل ابتلاء جلاء، وددت لو حظيت بوقت أطول برفقتك أو سمعت جمال الحديث منك.
دعوت الله كثيرًا لك بالشفاء، ورجوت لو كنت في غير الوضع الذي أنت فيه، لكن لكل ابتلاء جلاء، وددت لو حظيت بوقت أطول برفقتك أو سمعت جمال الحديث منك
.
تمني:
تمني
:
أرجو عند عودتي إلى المنزل أن أجدكم حقيقة، وليس تظاهرًا، أتحدث فتسمعوني، وأفعل الشيء الجيد فتمدحوني، تشاركوني الجلسات، وتصرفون عني الشاشات، خططت كثيرًا، وأنا هنا حول أفكار جماعية وأنشطة تشاركية نفعلها معا. سنعيش في بيت صغير يحوي الفرح لا حاجة للكثرة نحن بأقليتنا سعداء، فقط ساعدوني حتى أتعافى.
أرجو عند عودتي إلى المنزل أن أجدكم حقيقة، وليس تظاهرًا، أتحدث فتسمعوني، وأفعل الشيء الجيد فتمدحوني، تشاركوني الجلسات، وتصرفون عني الشاشات، خططت كثيرًا، وأنا هنا حول أفكار جماعية وأنشطة تشاركية نفعلها معا. سنعيش في بيت صغير يحوي الفرح لا حاجة للكثرة نحن بأقليتنا سعداء، فقط ساعدوني حتى أتعافى
.
ابنتكم.
ابنتكم
.